إقبال على لحم الجمل بسوريا.. المصدر مجهول والأسعار رخيصة فما القصة؟

الأسواق السورية تشهد هذه الأيام إقبالا واسعا على نوع جديد من أنواع اللحم وهو لحم الجمل، ذلك في وقت تشهد فيه مختلف أسعار اللحوم ارتفاعات متتالية، خاصة اللحوم الحمراء التي غابت عن معظم الموائد السورية منذ سنوات، فيما اتجهت العائلات دائما للبحث عن بدائل.

لحم الجمل المنتشر في الأسواق السورية ما يزال مصدره مجهولا، إذ لا توجد جهة حكومية تشرف على عمليات إنتاج لحم الجمل وبيعها في الأسواق، إضافة إلى أن أبرز أسباب ارتفاع الإقبال عليها، هو أن أسعارها رخيصة مقارنة بأنواع اللحوم الأخرى، الأمر الذي يطرح التساؤلات عن مصدر هذه اللحوم وسبب الانخفاض في أسعارها.

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أوضح أن سعر كيلو لحم الجمل بلغ في الأسواق السورية 75 ألف ليرة سورية، وهو أرخص من لحم الغنم الذي يمكن لسعر الكيلو أن يتجاوز مئة ألف ليرة سورية، كذلك فإن نسبة الدهون في لحم الجمل هي أقل منها في اللحوم الأخرى، وهو ما يجعلها مرغوبة لدى الأهالي.

ما مصدر اللحوم؟

بحسب تقرير الموقع المحلي، فإن مصدر هذه الجمال مزارع خاصة بتربيتها، وذلك في ظل غياب مركز أو مسلخ تابع للحكومة يشتري منه بائعو اللحم، إذ أن جميعة اللحام تضم 720 حرفي، لا يوجد بينهم أي “لحام جمل”، حيث يتم ذبح الجمال في مسالخ خاصة بريف دمشق.

غياب الدور الحكومي في عملية إنتاج وبيع لحم الجمال، ربما تكون سببا في انخفاض أسعارها، الأمر الذي يثير التساؤلات حول الدور الحكومي السلبي في عملية تسعير المواد الغذائية، خاصة وأن العديد من القرارات الحكومية السابقة ساهمت في شكل واضح في ارتفاع أسعار لحم الدجاج، فضلا عن الوضى وتراشق الاتهامات مع التجار.

من جانبه أكد رئيس جمعية اللحامين في دمشق ريف دمشق محي الدين الريس، عدم وجود مزارع لتربية الجمال تتبع للجمعية، مشيرا في تصريحات لـ”أثر” أن شراء الجمال يكون بشكل فردي من قبل المربيين، أما أسعار هذه اللحوم تعود لتسعيرة التموين.

قد يهمك: الكبة الصقاقية في حلب والفلافل بدمشق.. أكلات شعبية تتحدى الغلاء؟!

واقع السعر اليوم للكيلوغرام من لحم الغنم من دون دهن وصل لسعر 120 ألف ليرة وبلغ سعر الكيلوغرام المجروم 100 ألف، ووصل سعر الكيلوغرام بعظمه من لحمة الفخذ 90 ألفا وللكتف والرقبة والمتلة 75 ألفا بينما بلغ سعر الكيلوغرام من الإلية 55 ألفا، وسعر سودة الخروف وصل 60 ألفا والرأس 40 ألفا واللسانات عند 25 ألفا والنخاعات 10 آلاف ليرة.

مما لا شك فيه أن هذه الأرقام المذكورة تفوق قدرة النسبة الأكبر من السوريين في الداخل، وهم من الطبقة الفقيرة التي تشكل أكثر من 85 بالمئة من المواطنين اليوم، بالنظر إلى تدني الرواتب والأجور التي لا يتجاوز معدّلها 165 ألف ليرة سورية، أي نحو 20 دولارا، وهذه الرواتب لا تكفي لأيام معدودة، وبشرط أن يكتفي المواطن بشراء المستلزمات الضرورية فقط، وعدم شراء اللحوم وكافة احتياجات الخضار والفواكه.

مبررات حكومية

حول أسباب ارتفاع أسعار اللحوم، فإن مبررات الحكومة كما هي العادة، إذ إما تتمحور حول قلة المراعي وعمليات تهريب المواشي أو استغلال وجشع التجار. حيث أعاد رئيس “جمعية اللحامين” أسباب عودة ارتفاع أسعار الخراف القائمة لتوافر المراعي بكثرة في فصل الربيع نتيجة الأمطار وهذا ما دعا المربّينَ للإحجام عن بيع الخراف، إذ يستغلون وقت الربيع في تسمين الخراف بالمراعي المجانية، متخلصين من تكاليف الأعلاف، مبيّنا أنهم بدأوا بتسمين الخراف لموسم عيد الأضحى القادم، متوقعا أن تحافظ الأسعار على ارتفاعها لما بعد عيد الأضحى.

كما أكد رئيس “جمعية اللحامين” أن التهريب مازال مستمرا وأنه يساهم بالحفاظ على ارتفاع الأسعار، إضافة لعدم قيام تجار الأعلاف على الرغم من توافر المراعي المجانية بتخفيض أسعارها، فهم يخزنونها لوقت قادم.

العديد من المراقبين والمعنيين يقولون إن سبب ارتفاع أسعار اللحوم يعود أولا إلى قرار الحكومة السماح بالتصدير، حيث تم تصدير ما يقارب 200 ألف رأس، بالإضافة إلى التهريب وارتفاع كلف الأعلاف والنقل وقلة المراعي الخضراء.

إلا أن السبب الرئيسي وراء هذا الغلاء وفق الخبراء، يعود لتراجع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار والعملات الرئيسية إلى أدنى مستوى على الإطلاق، منذ عام 2011، حيث سجل الدولار بأسواق دمشق اليوم نحو 11200 ليرة سورية، بحسب مصادر محلية من العاصمة.

في سياق متّصل، فإن هذا الغلاء الفاحش، وتحديدا في أسعار اللحوم بشقّيه الأحمر والأبيض، جعل كل هذه المنتجات بعيدة عن موائد المواطنين السوريين، فتكلفة “الطبخة” الواحدة مكونة من لحمة باتت تتجاوز قدرة معظمهم. فالمواطن بات كل همه الالتفات إلى الأعباء المعيشية اليومية الأخرى والتي تعتبر الأهم بالنسبة لهم، بما في ذلك تأمين الكهرباء والمحروقات والغاز، إلى جانب تأمين الخبز وباقي السلع والمواد الغذائية الضرورية.

بالتزامن مع أسوأ واقع معيشي يواجهه السوريون منذ نحو 11 عاما، خرجت العديد من السلع الغذائية من قائمة مشتريات الأسرة السورية واحدة تلو الأخرى، فبعد أن وصل سعر كيلو اللحم لنحو 120 ألف ليرة، استبعد الكثيرون اللحوم الحمراء بسبب ارتفاع سعرها عن موائدهم ومن ثم صار المواطن يبحث عن بدائل أخرى تُغنيه عن تناول وجبات “الرفاهية”، وفق ما يصفونه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات