يوما بعد آخر تتسع رقعة الاحتجاجات الشعبية ضد السلطة في سوريا، والتي بدأتها السويداء يوم السادس عشر من شهر آب/أغسطس الجاري، تنديدا بالقرارات الحكومية التي ساهمت بتفاقم أزمة الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات.

في تطور لافت ولأول مرة منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة السورية في محافظة السويداء، استخدمت قوات الأمن السورية الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين في بلدة شهبا بريف السويداء، الأمر الذي بدأ يثير المخاوف حول اتخاذ السلطة السورية الخيار الأمني لمواجهة الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت قبل نحو أسبوعين.

توجه السلطات نحو الخيار الأمني، يدل ربما على انعدام الحلول لدى الحكومة السورية، لامتصاص غضب المحتجين، إذ يؤكد خبراء أن القيادة المركزية تعلم جيدا، أن ترك المتظاهرين وعدم مواجهتهم، سيعني اتساع الاحتجاجات إلى مزيد من المناطق السورية.

إطلاق رصاص

بحسب ما نقلت شبكة “السويداء 24″، فإن مظاهرة انطلقت في بلدة شهبا شمال مدينة السويداء، وقد حاول بعض الشبان إزالة صورة الرئيس السوري بشار الأسد من مدخل البلدة قرب حاجز أمني، فما كان من عناصر الحاجز إلا أن أطلقوا الرصاص باتجاه المحتجين لتفريقهم، في حين أكدت المصادر عدم وقوع إصابات بشرية.

حالة من الغضب الشعبي عاشتها المدينة عقب حادثة إطلاق الرصاص على المتظاهرين، لكن وجهاء من المدنية نجحوا بحسب ما نقلت الشبكة، في تهدئة الشبان ودعوتهم إلى عدم التصعيد ضد عناصر الأمن، كما طالب وجهاء المدينة بضرورة عدم صدور استفزازات من الجانبين، سواء من القوى الأمنية، أو من الأهالي.

مخاوف من استمرار التصعيد الأمني من قبل السلطات السورية، بدأت تظهر بين أهالي المناطق الجنوبية، إذ إن اتجاه السلطة لمواجهة المتظاهرين بالنار، سيعني بالتأكيد تصعيد مقابل من الأهالي، ما قد يؤدي بالمنطقة إلى مواجهات دامية محتملة خلال الفترة القادمة.

التخوف من التصعيد الأمني ضد المتظاهرين، يعززه إفلاس الحكومة السورية في تقديم أي حلول لمشاكل السوريين، خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي والمعيشي، ما يعني أن التصعيد الأمني هو الأداة الوحيدة بيد السلطة في سوريا، في ظل غياب الحلول عن خطط الحكومة.

الاحتجاجات خلال الأيام الماضية، لم تقتصر على السويداء، إذ أكدت مصادر محلية أن العشرات من أهالي مدينة داعل في ريف درعا خرجوا في تظاهرة الإثنين احتجاجا على السياسات الحكومية، خصوصا المتعلقة بالاقتصاد.

هذه الانتفاضة المفاجئة تأتي في ظل تدهور اقتصادي، زاد من حالة الغضب والإحباط لدى سكان المحافظات السورية، الذين يشعرون بالإهمال والظلم من قرارات السلطات. فما هي خلفية هذه التطورات، وما هو دور المجتمع المدني والفعاليات الشبابية في تنظيمها، وما التداعيات المحتملة على المشهد السوري بشكل عام.

قبل أيام  أعلنت وسائل إعلام محلية رسمية، عن زيارة لمحافظ السويداء بسام بارسيك، بأحد وجهاء مدينة السويداء للوقوف على آخر تطورات الاحتجاجات في المدينة، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أهداف هذه الزيارة، وفيما إذا كانت السلطة جادة للتعامل مع مطالب المحتجين، أم أنّها كانت كتهديد لوقف المظاهرات أو اتجاه السلطة للتصعيد الأمني.

مزيد من الانهيار المعيشي

مظاهرات السويداء كانت قد بدأت قبل نحو أسبوعين، بعدما تغيرت حياة الملايين من السوريين بشكل جذري، حينما أصدرت السلطات السورية قرارات اقتصادية غير مسبوقة، تشمل زيادة مئوية على الرواتب والأجور والمعاشات للعاملين والمتقاعدين في الدولة، وإلغاء الدعم عن مادة البنزين بشكل كامل، ورفع أسعار النفط ومشتقاته بكافة الأصناف. 

هذه القرارات، التي جاءت في ساعات متأخرة من مساء يوم 15 آب/أغسطس 2023، لم تهدف إلى مواجهة التضخم المتفاقم في سوريا، الذي بلغ نسبة 3000 بالمئة في شهر تموز/يوليو الماضي، والذي يؤثر سلبا على قدرة المواطنين على شراء السلع والخدمات الأساسية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات