يوم بعد آخر تتسع رقعة الاحتجاجات ضد الحكومة السورية في محافظة السويداء جنوبي البلاد، فيما تراجع زخم المظاهرات في الأماكن الأخرى، تزامنا مع ارتفاع سقف مطالب المحتجين في المحافظة، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول مستقبل هذه المظاهرات، فيما إذا بقيت السويداء وحدها في الحراك الشعبي ضد الحكومة.

العديد من التساؤلات بدأت تُثار حول مستقبل الاحتجاجات في السويداء، خاصة في ظل عدم وجود أي رد فعل حقيقي من قبل السلطات، لمعالجة طلبات المحتجين أو الاستماع بشكل جَدّي لمطالبهم المتعلقة بالجانبين الاقتصادي والسياسي.

للأسبوع الثالث على التوالي تواصل محافظة السويداء، بشكل يومي التظاهر ضد السلطة الحاكمة، حتى في أوقات الليل لا تهدأ المظاهرات، حيث ينظم الأهالي وقفات مسائية للتأكيد على مطالبهم المتعلقة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، عن السلطة وتطبيق القرار 2254 المتعلق بالانتقال السلمي للسلطة.

مظاهرات مسائية

صفحات محلية بثّت خلال الساعات الاخيرة تسجيلات مصورة، تظهر تنظيم مظاهرات مسائية في عدد من قرى وبلدات المحافظة، كذلك تجمّع عشرات المحتجين في ساحة “الكرامة” الأربعاء، مطالبين برحيل الرئيس السوري، كما رفعوا لافتات تندد بفساد الحكومة وعجزها عن التعامل مع الأزمة الاقتصادية في البلاد.

تزامنا مع استمرار التظاهرات ضد السلطة، فقد أفادت شبكات محلية منها “السويداء 24″، بإخلاء قوات الأمن والجيش السوري حواجزها العسكرية في بعض مناطق المحافظة، وبحسب المصادر فإن الإخلاء شمل حواجزا في قرية الرحى شرقي المحافظة، وثكنات على طريق السويداء صلخد جنوب المحافظة، ولم تُعرف حتى اللحظة الأسباب التي تقف وراء هذا الإخلاء.

هذا الاستمرار في عليات التظاهر، ما يزال حتى الآن منحصرا في محافظة السويداء، فعلى الرغم من مشاركة بعض المناطق كدرعا وجبلة في أول أيام الدعوات للتظاهر، إلا أن زخم الاحتجاجات تراجع كثيرا في هذه المناطق، واستمرت السويداء وحدها في هذا المنحى.

قد يهمك: فاتورة بنحو مليونين ونصف.. من يزور المطاعم الفخمة في سوريا؟

بالنظر إلى مطالب المحتجين في السويداء، لا يبدو أن المدينة وحدها وعلى الرغم من استمرار التظاهرات، تستطيع تحقيق هذه المطالب حتى ولو استمرت المظاهرات لأسابيع أخرى، إذ إن مطالب المحتجين خاصة السياسية منها، تحتاج إلى زخم أكبر ومشاركة أوسع من باقي المحافظات السورية، لا سيما تلك التي ما تزال خاضعة لسيطرة الحكومة.

كذلك فإن المطالب المتعلقة بالسياسة، كرحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 لتحقيق الانتقال السياسي، لا يبدو أبدا أن السلطة منفتحة حتى على مناقشة هذه المطالب، حتى لو اضطرت ربما لعزل مدينة السويداء أو منحها إدارة ذاتية محلية، أو ربما استخدام القوة لوقف جميع أشكال التظاهر.

سيناريوهات متوقعة

بعض المحللين ذهبوا نحو سيناريوهات الفترة القادمة، إلى اتجاه الحكومة لمنح السويداء إدارة محلية ذاتية، لكن ذلك قد يعني أيضا تهرّب الحكومة من مسؤولياتها تجاه المحافظة، وبالتالي التوقف عن إرسال مخصصاتها من المحروقات والمواد الأساسية، وهو فعلا ما تريده لتخفيف الأعباء الاقتصادية على الدولة.

قبل أيام  أعلنت وسائل إعلام محلية رسمية، عن زيارة لمحافظ السويداء بسام بارسيك، بأحد وجهاء مدينة السويداء للوقوف على آخر تطورات الاحتجاجات في المدينة، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أهداف هذه الزيارة، وفيما إذا كانت السلطة جادة للتعامل مع مطالب المحتجين، أم أنّها كانت كتهديد لوقف المظاهرات أو اتجاه السلطة للتصعيد الأمني.

مظاهرات السويداء كانت قد بدأت قبل نحو أسبوعين، بعدما تغيرت حياة الملايين من السوريين بشكل جذري، حينما أصدرت السلطات السورية قرارات اقتصادية غير مسبوقة، تشمل زيادة مئوية على الرواتب والأجور والمعاشات للعاملين والمتقاعدين في الدولة، وإلغاء الدعم عن مادة البنزين بشكل كامل، ورفع أسعار النفط ومشتقاته بكافة الأصناف. 

حتى الآن، لم تصدر أي بادرة أو تعليق حقيقي من جانب الحكومة السورية، بشأن المطالب أو المشاهد التي توازت معها، وتمثلت بحرق صور الرئيس السوري في الساحات الرئيسية، وإزالة تلك المعلّقة على أفرع “حزب البعث العربي الاشتراكي” ومبنى الدوائر الحكومية، من بينها مجلس المدينة، ومبنى البريد في السويداء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات