الاحتجاجات في محافظة السويداء جنوب سوريا ضد السلطات السورية، تقترب من دخولها الأسبوع الرابع على التوالي، في ظل توسّع المشاركة من قِبل الأهالي في التظاهرات التي تشهدها قرى وبلدات المحافظة بشكل يومي، تنديدا بسياسات الحكومة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية وللمطالبة بالتغيير السياسي ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

خلال المظاهرات اليومية في المحافظة الجنوبية، كان لافتا المشاركة النسائية الواسعة في الاحتجاجات، حيث لم يغيب العنصر النسائي عن مشاهد المظاهرات في الساحات بشكل يومي، بالإضافة إلى مشاركتهنّ في تنظيم التظاهرات ورفع اللافتات المطالبة بالتغيير السياسي.

التسجيلات والصور الواردة يوميا من ساحات السويداء، أظهرت مشاركة عشرات النساء بالاحتجاجات في مشاركةٍ واسعة غير مسبوقة بالاحتجاجات الشعبية المناهضة للسلطة، وتميّزت مشاركتهنّ بجدّية وقوة، حيث وصفتها الشبكات الإخبارية المحلية بأنها “متميزة”، وأشادت بحضورهنّ الفعّال في هذه الاحتجاجات.

مظاهرات مستمرة

لليوم الثامن عشر على التوالي استمرت التظاهرات الشعبية في السويداء، حيث خرجت صباح اليوم الأربعاء مظاهرة في ساحة “الكرامة” وسط المدينة، للتأكيد على مطالب المحتجين المتعلقة بالتغيير السياسي، كما رفع المحتجون لافتات كُتب عليها عبارات من قبيل، “لا للدولة الأمنية، لا للسلطات القمعية، لا للهويات الأمنية، نعم للدولة المدنية واستقلال السلطات”.

لا يبدو أن السلطات السورية تملك أبسط الأدوات للتعامل مع مطالب المحتجين، لذلك فهي بدأت تلجأ لأساليب عديدة بهدف إنهاء الاحتجاجات عبر استمالة بعض وجهاء محافظة السويداء، أو حتى استخدام العنف بأيادي غير حكومية، فما الذي تسعى إليه السلطة في السويداء.

قد يهمك: فاتورة بنحو مليونين ونصف.. من يزور المطاعم الفخمة في سوريا؟

مصادر محلية كانت قد كشفت عن محاولة مسؤولين تابعين لحزب “البعث”، خلق صِدامٍ بين أهالي محافظة السويداء، الأمر الذي يشير إلى محاولات حكومية لإخماد الاحتجاجات بطرق ملتوية، نظرا لعجزها عن التعامل مع مطالب المحتجين، كما يبدو أنها تخشى استخدام العنف بشكل مباشر خشيةً من التصعيد المقابل أو امتداد الاحتجاجات إلى مناطق سورية أخرى.

تحريض على العنف بين الأهالي؟

بحسب ما نشرت شبكة “الراصد” المحلية، فقد وقع أمين فرع حزب “البعث” في السويداء، فوزات هاني شقير، في وقت سابق، على قرار يسعى من خلاله لخلق صِدام بين الأهالي عندما طلب من أمناء الشعب الحزبية استنفار كوادرهم بهدف حماية المقرات، داعيا إيّاهم للتصدي بحزم لأي اعتداء محتمل.

هذا التعميم كان قد صُدر في التاسع عشر من شهر آب/أغسطس الفائت، ومنذ ذلك الوقت فقد عمد المحتجون إلى إغلاق العديد من المقرات الحزبية في المحافظة، الأمر الذي يؤكد عدم تجاوب أعضاء وأمناء الحزب مع هذا التعميم.

صفحات محلية بثّت خلال الساعات الاخيرة تسجيلات مصورة، تظهر تنظيم مظاهرات مسائية في عدد من قرى وبلدات المحافظة، كذلك تجمّع عشرات المحتجين في ساحة “الكرامة”، مطالبين برحيل الرئيس السوري، كما رفعوا لافتات تندد بفساد الحكومة وعجزها عن التعامل مع الأزمة الاقتصادية في البلاد.

بالنظر إلى مطالب المحتجين في السويداء، لا يبدو أن المدينة وحدها وعلى الرغم من استمرار التظاهرات، تستطيع تحقيق هذه المطالب حتى ولو استمرت المظاهرات لأسابيع أخرى، إذ إن مطالب المحتجين خاصة السياسية منها، تحتاج إلى زخمٍ أكبر ومشاركةٍ أوسع من باقي المحافظات السورية، لا سيما تلك التي ما تزال خاضعة لسيطرة الحكومة.

كذلك فإن المطالب المتعلقة بالسياسة، كرحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 لتحقيق الانتقال السياسي، لا يبدو أبدا أن السلطة منفتحة حتى على مناقشة هذه المطالب، حتى لو اضطرت ربما لعزل مدينة السويداء أو منحها إدارة ذاتية محلية، أو ربما استخدام القوة لوقف جميع أشكال التظاهر.

بعض المحللين ذهبوا نحو سيناريوهات الفترة القادمة، إلى اتجاه الحكومة لمنح السويداء إدارة محلية ذاتية، لكن ذلك قد يعني أيضا تهرّب الحكومة من مسؤولياتها تجاه المحافظة، وبالتالي التوقف عن إرسال مخصصاتها من المحروقات والمواد الأساسية، وهو فعلا ما تريده لتخفيف الأعباء الاقتصادية على الدولة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات