في ظل عجز المؤسسات الحكومية عن القيام بأي تدخل إيجابي في الأسواق السورية لصالح المواطن السوري، تأتي قرارات الحكومة المتعلقة بحركة السلع في الأسواق لتزيد من معاناة الأهالي في الحصول على احتياجاتهم للمواد الأساسية.

قرار السماح بتصدير العديد من المواد الغذائية على الرغم من أهميته بالنسبة لمنتجي هذه المواد، إلا أن انعكاساته السلبية كانت على المواطنين السوريين، حيث ارتفعت أسعار هذه السلع بنسب كبيرة نتيجة تصديرها بكميات كبيرة إلى خارج الأراضي السورية.

تقرير السماح بتصدير مادتي البطاطا والبندورة خارج البلاد، سمح لهاتين المادتين بارتفاع أسعارهما بوتيرة غير مسبوقة، هذا فضلا عن الارتفاع الناتج عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد خلال الفترة الماضية، في ظل عجز الحكومة عن إيجاد آلية من شأنها أن توفر هذه المواد لمواطنيها بأسعار تناسب دخلهم.

ارتفاع في بعض السلع

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، أفاد بارتفاع أسعار مادة البطاطا إلى 5 آلاف ليرة سورية للكيلو الواحد في حماة، كما ارتفع سعر مادة البندورة والخيار إلى 4 آلاف ليرة عند باعة المفرق، بفارق 1500 ليرة عن أسبوع مضى للمواد المذكورة.

رئيس لجنة “سوق الهال” غالب عدي، أكد كذلك ارتفاع أسعار الجملة أيضا للمواد المذكورة في سوق الهال، مبررا الأمر بمنح إجازات تصدير للعراق بالنسبة لمادة البندورة، وسماح العراق باستيراد البطاطا والبندورة، ما سيرفع الأسعار أكثر من ذلك في الأيام المقبلة.

التصدير كان سابقا سببا لارتفاع العديد من السلع الغذائية في سوريا، حيث تسبب قرار السماح بتصدير البصل والبطاطا خلال الأشهر الماضية، في حرمان السوريين من استهلاك هذه المواد، والآن تحاول الحكومة التهرّب من مسؤوليتها تجاه دعم المزارعين في عملية الإنتاج، عبر السماح لهم بتصدير محاصيلهم وبالتالي ارتفاع أسعارها على المستهلك المحلي.

قد يهمك: خطوات قادمة لتضييق الفجوة بين الدخل والأسعار.. إصرار حكومي على خداع السوريين؟

كذلك فإن انتشار الغش في الأسواق السورية مؤخرا، زاد من معاناة الأهالي، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى شراء المواد المغشوشة رغم علمهم بها، نتيجة عجزهم عن شراء المواد الأصلية المرتفعة الثمن.

فانحدار مستوى المعيشة، وصل إلى حدِّ تمكين المواد المغشوشة من الانتشار في الأسواق أكثر من المواد التي تراعي المواصفات القياسية المعتمدة، وذلك نتيجة الأسعار المرتفعة، حيث لم تعد الجودة هي المعيار الأول لشراء الغذاء بالنسبة للسوريين، بل الأهم الحصول على أسعار تناسب دخلهم المحدود جدا.

انتشار مخيف للغش

هذا الانتشار في المواد المغشوشة، يأتي في ظل عجز حكومي تام عن ملاحقة تلك المواد، أو تحسين الواقع المعيشي إلى حدّ يمنع انتشارها، أو على الأقل لا يضطر معظم الأهالي إلى شرائها، بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف المواد الأصلية.

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية قبل أيام، نقل عن بعض المواطنين تأكيدهم أنهم “اشتكوا لحماية المستهلك بحماة فأنصفتهم وخالفت الباعة، فيما اكتفى آخرون بإعادة ما اشتروه لباعته واسترداد ثمنها”، في حين لفت آخرون إلى أنهم تحملوا الخسارة، “ورموا ما اشتروه من لبن وجبن في حاوية القمامة، كيلا يعرّضوا الباعة للغرامات والعقوبات وقد تتضمن السجن، وهم لا يريدون أن يكونوا السبب في ذلك”.

الحكومة السورية اكتفت بالكشف عن أساليب الغش في مشتقات الحليب، وكأنه سرّ تُخفيه عن المواطنين الذين أكدوا أنه ليس هذا الأمر ما ينتظرونه من الحكومة، إذ يُفترض أن تعمل المؤسسات الحكومية على ملاحقة المواد المغشوشة والحدِّ من انتشارها.

ذلك في وقت تشهد فيه الأسواق شبه كامل لـ”إدارة الجودة” في سوريا، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن، الذي لم يعد يهتم إطلاقا بالجودة على حساب السعر، فأصبح سعر المادة هو الفيصل في اتخاذ قرار شرائها بصرف النظر عن جودتها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات