بعد أن أصدرت شركة “الهرم” للحوالات المالية في سوريا قائمة أسعارٍ جديدة للتحويلات المالية الداخلية بكافة فروعها، مع ارتفاع أكبر في محافظتي الحسكة ودير الزور وأرياف حلب، قال خبير ومستشار في الشؤون المصرفية من العاصمة دمشق، إن عمولة شركة “الهرم” هي الأعلى أجرا في العالم، معتبرا هذه العمولة غير قانونية.

لم تكتفِ شركة “الهرم” بزيادة عمولة التحويلات المالية لديها، بل ارتفعت رسوم التحويلات في جميع شركات الصرافة في سوريا، ويأتي ذلك بعد تدهور الليرة السورية، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير. وتعتمد نسبة كبيرة من السوريين على التحويلات المالية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، خاصة فئة الطلاب والعساكر وغيرهم.

شركة “الهرم” الأعلى أجرا

نحو ذلك، كتب الخبير الاقتصادي والمصرفي عامر شهدا على صفحته الشخصية على منصة “فيسبوك”، أن شركة “الهرم” للحوالات المالية تتلقى عمولة تعتبر الأعلى أجرا في العالم، قائلا “السيد وزير المالية المحترم، كيف تحدد شركة الهرم أجور التحويل التي لا تكلف أكثر من 5000 ليرة سورية بأقصى مبالغ، طالما أن التحويل يتم عبر شبكة. من أهداف استخدام الأتمتة ضغط التكاليف وليس رفعها. ما هو نصيب وزارة الاتصالات من هذه العمولة. وما هو نصيب الموظف من هذه العمولة. أعتقد هذا من مهام وزارة المالية”.

شهدا، أردف في منشوره متسائلا “من أين تأخذ الشركة موافقة رفع أسعار التحويل لتصل إلى 10 بالمئة.. السيد الوزير أمام ذلك ما هي نسبة ضريبة الأرباح التي تدفعها شركة الهرم لخزينة الدولة وهل هي متناغمة مع أجور تحويلها. تحويل 5 مليون ليرة سورية يكلف 48800 ليرة، يعني الأغلى أجرا بالعالم كله”.

ما يدل على عدم قانونية هذه العمولة هو عدم تخصيص أي حقل لها، حيث يتم وضعها بجانب المبلغ ولا يشار إليها بأنها نسبة العمولة، بل يكتب “المستفيد”، وهذا يعني عدم تثبيت العمولة الحقيقية على برنامج التحويل، وحتى لو تم شحن الأموال عبر السيارات بين المحافظات لا تصل لهذه التكلفة، مما يتطلب على مديرية التهرب الضريبي القيام بعملها، وفق ما يضيفه الخبير الاقتصادي حول عدم قانونية عمولة أجور شركة “الهرم” للحوالات المالية.

أما رسوم الحوالات الصادرة من مناطق أرياف حلب ومحافظتي دير الزور والحسكة، فتُعتبر الأعلى، حيث إن عمولة إرسال 5 ملايين ليرة سورية يكلف 75.800 ليرة سورية.

هذا وتفاعل المتابعون مع منشور الخبير الاقتصادي وطرحوا عدة تساؤلات حول هذه الأجور غير القانونية وغياب الدور الحكومي والرقابي من ذلك، فكتبوا “أستاذنا بدك تشوف لمين الشركة أولا ومع مين مرتبط ثانيا وعندها يبطل العجب، من ولمن ترجع عوائدها.. وبس نعرف من هو مالك شركة الهرم بتلاقي إجابة سؤالك، يعني تشليح رسمي والمسؤولين يضعون القوانين التي يريدها الأقوياء”.

بينما علّق آخرون “إذا بتحول 100 مليون حق سيارة، وطبعا سيارة صغيرة وقديمة، بتدفع تقريبا مليون ليرة أجرة تحويل، أي لا بطلع ع أي محافظة باخدلوا ياهن بأيدي أوفر.. فعلا أجور التحويل عالية بشكل عام وبكل الشركات وبكل شيء وكأن الكل يضعك أمام الظروف لتقارن على أنها الحل الوحيد.. وهنا سؤالك معقول ترى الضرائب كيف تحدد. هذه الشركة أصبحت تمارس النهب والسرقة ويجب وضع حد لهذا العبث”.

“فساد وسرقة”

في سياق متّصل، قال أحد سكان مدينة القامشلي، الذي زار العاصمة دمشق مؤخرا مع ابنته لقضاء مراجعة طبية وتمضية بعض الأوراق في الوزارات الحكومية، وبسبب إطالة أمد تصديق بعض الأوراق مثل شهادة البكالوريا والجامعة وكشف الدرجات الجامعية، وكذلك الحصول على جواز السفر، بالإضافة إلى استكمال المعالجة عند الطبيب، مما أدى إلى زيادة مدة بقائهم في دمشق إلى 20 يوما تقريبا، الأمر الذي أدى إلى زيادة نفقاتهم، واضطرارهم لتلقي عدّة تحويلات مالية من ذويهم في القامشلي.

الشخص ذاته أردف في اتصال هاتفي لموقع “الحل نت”، أنه في كل مرة كان يتلقى حوالة مالية، كان يتم منحهم الحوالة على عدة رُزم تتراوح بين فئة الـ 500 ليرة سورية إلى ألفين، ونادرا ما كانوا يعطون فئة الـ 5 آلاف.

اللافت في الأمر أن جميع الرزم من فئة 500 ليرة و1000 ليرة كان بها نقص يتراوح بين ألف وثلاثة آلاف، ونتيجة كثرة الرزم لم يكن بالمقدور عدّ كلّ المبلغ وهكذا يتعرض المواطن لسرقة وهو يعلم بها، ولكن ليس بيده شيء.

هذه السرقة تكررت مع نسبة كبيرة من المواطنين في سوريا، لا سيما من يتلقون حوالات مالية كبيرة، ونتيجة لذلك طالب العديد شركات الصرافة وخاصة شركة “الهرم” بوضع عدّاد للنقود، إلا أن الشركة تتحجج في كل مرة ولا تضع هذه العدادات، لأن ذلك سيمنعها من السرقة.

منذ سنوات عديدة، قيّدت الحكومة السورية، حركة شركات الحوالات الداخلية، حيث تم تحديد قيمة الحوالات المرسلة من مناطق شمال شرقي سوريا إلى مناطق حكومة دمشق، حيث حدد خلال سنة 2019 و 2020 بإرسال نحو 100 ألف ليرة سورية لاغير يوميا وباسم شخص واحد فقط، في حين تم إغلاق المكاتب جميعها في عام 2021 وحتى بداية عام 2022 بمناطق الشمال الشرقي، ومن ثم تم السماح بفتح المكاتب ولكن ضمن المربع الأمني فقط في محافظة الحسكة وللشركات المرخصة عند دمشق.

إلا أنه بعد ذلك تم السماح بإرسال مبلغ قدره مليون ليرة تقريبا ومؤخرا أصبح 5 ملايين فقط في اليوم الواحد، وهذه الاستراتيجية هي للحد من زيادة العملة السورية في مناطق دمشق من جهة، ولفتح الباب أمام سوق السماسرة بالسوق السوداء والسيطرة على سوق الحوالات الداخلية والخارجية قدر المستطاع في سوريا، الذين هم بشكل أو بآخر تعود لرجال السلطة الحاكمة في دمشق.

منتصف شباط/فبراير الماضي أصدر “مصرف سوريا المركزي” تعميما برفع سقف الحوالات الداخلية بالليرة السورية للأشخاص إلى خمسة ملايين ليرة سورية. ويقضي التعميم الذي نشره “المصرف المركزي” عبر صفحته في “فيسبوك” بـ “رفع سقف الحوالات المسموح تحويلها بالليرة السورية من قبل أي شخص طبيعي أو اعتباري إلى خمسة ملايين ليرة سورية”.

شركات تابعة لدمشق!

تقارير صحفية عدة، أشارت في وقت سابق إلى أن شركة “الفاضل” للصرافة يسيطر عليها “حزب الله” اللبناني، إلى جانب أشخاص متنفذين تابعين للحكومة السورية، شركة “الفاضل” سورية ومرخصة من الحكومة السورية، ورغم ذلك تعمل في التحويلات المالية الخارجية وبالعملة الأجنبية، الدولار.

شركة “الفاضل” للحوالات المالية تنشط في السوق السورية وتحديدا في حلب وتسلّم الحوالات القادمة من الخارج لأصحابها بالدولار بغض النظر عن قيمتها في مخالفة واضحة وعلنية للمرسوم رقم 3 لعام 2020 الذي يمنع تداول الدولار من قبل المواطنين ويجرّم المخالفين.

في اتصال هاتفي، قال أحد سكان مدينة القامشلي لموقع “الحل نت” جميع شركات الحوالات الداخلية، لا يسمحون بإرسال مبلغ أكثر من 5 ملايين ليرة سورية في اليوم الواحد إلى المحافظات الأخرى الخاضعة لسيطرة دمشق، إلا أنه يوجد مكتب في مركز المدينة يعمل بالسوق السوداء، يُرسل مبالغ إلى دمشق ودون تحديد الكمية، حيث يسمح بإرسال حتى نحو 50 مليون ليرة سورية. واللافت أن المكتب غير مرخّص في القامشلي ولكن يتم الاستلام عبر مكتبي “الهرم والفاضل” سواء في دمشق أو حلب أو اللاذقية.

بالتالي فإن شركة “الهرم” وكل ما يجري فيها من تجاوزات وأمام مرأى الحكومة، وإن دل على شيء فهو أن الشركة تابعة لأحد متنفذي الدولة التابعين للحكومة السورية بشكل غير مباشر، وأن عوائد هذه الشركة تعود للمكتب المالي السري في القصر الجمهوري، وفق ما كشفته العديد من التحقيقات الصحفية.

هذا وارتفعت أجور جميع الحوالات بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، وهو ما يثقل كاهل المستخدمين وقلّصت من قدرتهم على التحويل والاستقبال. ففي حين كانت أجور الحوالات تتراوح بين 1 بالمئة و3 بالمئة من قيمة المبلغ المحوّل، أصبحت تصل إلى 10 بالمئة أو أكثر في بعض الأحيان. وهذا يعني أن المستخدم يدفع مبلغا إضافيا كبيرا لشركة الصرافة، دون أن يستفيد منه المستقبل.

مؤخرا، شهدت شركات الصرافة العاملة في سوريا بكافة فروع المحافظات ارتفاعا بأجور الحوالات، فحسب شركة “الهرم” باتت القيمة المستقطعة على المبلغ من 1 إلى 25 ألف ليرة سورية هي 800 ليرة، أما المبلغ الذي يصل إلى 50 ألف ليرة، فقيمة الحوالة ألف ليرة.

في حين وصلت القيمة المستقطعة على المبلغ نصف مليون إلى 750 ألف ليرة سورية إلى 10 آلاف ليرة، وما فوق المليون إلى المليونين 20 ألف ليرة، في حين بلغت قيمة الحوالة لـ 5 ملايين ليرة سورية حوالي 50 ألف ليرة.

أسباب الزيادة الكبيرة التي أقرّتها شركات الصرافة السورية، تعود وفقا لتصريحاتهم إلى الزيادة أسوة بباقي الخدمات نتيجة لارتفاع أسعار المحروقات وزيادة الرواتب والأجور الفائتة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات