منذ الخامس من شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري، شنّت قوات الجيش السوري عقب الانفجار الذي ضرب الكلية الحربية في محافظة حمص وأودى بحياة أكثر من مئة شخص، هجوما هو الأعنف منذ أشهر على مناطق الشمال السوري، مستهدفة مواقع حيوية ومناطق سكنية، أدت إلى نزوح الآلاف من منازلهم.

هذا الهجوم المفاجئ على محافظة إدلب ومحيطها من قبل القوات السورية، جاء على الرغم من عدم إعلان أيّاً من الجهات العسكرية المعارضة لدمشق تبنيها عملية تفجير الكلية الحربية، ما يطرح التساؤلات حول أسباب توقيت هذا التصعيد وفائدته، خاصة وأن دمشق لم تعلن عن أي نيّة لتنفيذ عملية عسكرية وشيكة شمالي سوريا.

التصعيد العسكري من قِبل دمشق وصفته منظومة الدفاع المدني شمال غربي سوريا بـ”الخطير والممنهج”، حيث شمل هجماتٍ صاروخية وجوية على مدار الأيام الماضية، في وقت وثّق فيه الدفاع المدني، مقتل ما لا يقل عن 49 مدنيا بينهم 13 طفلا و9 نساء.

ما علاقة تفجير حمص؟

ووفق المصادر نفسها، تعرضت 10 مرافق تعليمية للهجمات بينها 9 مدارس وبناء لمديرية التربية، كما تعرضت 5 مرافق طبية للاستهداف المباشر الذي خلف فيها أضرارا، واستهدف القصف 5 مساجد، و3 مخيمات و 4 أسواق شعبية و4 مراكز للدفاع المدني السوري، بينها مركز لصحة النساء والأسرة، ومحطة كهرباء و3 مزارع لتربية الدواجن.

وتيرة التصعيد العسكري بدأت مباشرة بعد تفجير الكلية الحربية، كذلك جاءت تزامنا مع استمرار الحراك الشعبي في مدينة السويداء المستمر منذ نحو شهرين، حتى كادت السويداء تخرج بكاملها عن سيطرة دمشق، حيث تشهد المدينة مظاهرات يومية تطالب بالتغيير السياسي ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد.

وحتى اللحظة لم تعلن الجهات الأمنية عن أيّة نتائج تتعلق بالتحقيق حول تفجير الكلية الحربية في دمشق، ما يعني فشل أمني أمام الرأي العام للحكومة السورية، يضاف إليه الأزمة التي تعيشها الحكومة بسبب عدم قدرتها على التعامل مع احتجاجات السويداء.

أما الأزمة البارزة التي تواجهها السلطة في دمشق، هي الأزمة الاقتصادية التي كلما قال عنها خبراء أنها وصلت إلى المرحلة الأسوأ، فإن قرارات الحكومة المتتابعة تُزيد الوضع سوءً، فبعد إقرار زيادة الرواتب قبل أكثر من شهر ورفع الدعم عن المواد الأساسية، ارتفعت أسعار السلع والخدمات بنسبة تراوحت بين مئة بالمئة ومائتين وخمسين بالمئة.

قد يهمك: هل يتورط الأسد في المواجهة المباشرة مع إسرائيل عبر “طوفان الأقصى”

بالتالي فإن خبراء يؤكدون أن دمشق دخلت بأزمة غير مسبوقة في مناطق سيطرتها من النواحي الأمنية والاقتصادية والسياسية، ولها المصلحة في هذا التوقيت بالتصعيد العسكري ضد شمال غربي سوريا، وذلك لإعادة توجيه الأنظار إلى المشهد العسكري.

هروب من الأزمات؟

خاصة وأن هناك مخاوف بدأت تظهر في دمشق، تتعلق باحتمالية انتقال الاحتجاجات في السويداء إلى المحافظات الأخرى، الأمر الذي يهدد بخروج الأمور عن السيطرة، لكن فتح جبهات عسكرية وجعل السوريين يشعرون من جديد بخطر عسكري يتعلق بالحرب والتفجيرات، قد يضع أوراق جديدة بيد السلطة تستطيع اللعب عليها في هذه الفترة.

السلطة السورية تريد من جديد على ما يبدو تصدير نفسها أنها “ما زالت تحارب الإرهاب”، الإرهاب الذي قد يقترب منكم أيها السوريون في أية لحظة، وبالتالي فإن عليكم تحمّل المصاعب الاقتصادية والفشل الحكومي في تأمين رغيف الخبز ومازوت التدفئة لا سيما في الشتاء، فكان التصعيد العسكري ضد إدلب هو الخيار الأنسب للحصول على هذه الأوراق في المرحلة الراهنة.

يشار إلى أن حصيلة تفجير الكلية الحربية في حمص، وصلت إلى 123 قتيل بينهم  54 مدني و39 طفل وسيدة من ذوي الضباط، وبلغ عدد القتلى بصفوف الخريجين الجدد  62 قتيل، إضافة لإصابة نحو 150 بجراح بعضها خطيرة ما يرجّح ارتفاع حصيلة القتلى.

التفجير حصل قبل أسبوعين، وكان عبارة عن انفجار عنيف استهدف  تجمعات بشرية بعد دقائق من انتهاء حفل تخريج طلاب ضباط وذويهم، تزامنا مع تحليق طائرات مسيرة، حيث تم نقلهم إلى المستشفى العسكري في حمص، ومستشفى الباسل، والنهضة، والأهلية.

 في الوقت الذي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، اتّهم الجيش السوري “التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من أطراف دولية معروفة” بالوقوف خلف الاستهداف “عبر مسيّرات تحمل ذخائر متفجرة”، وفقا لوكالة “فرانس برس”.

الجهات الأمنية لم تتوصل لأية نتائج تتعلق بهوية الجهة المسؤولة عن التفجير، فيما حمّل البعض المسؤولية إلى القوات السورية، فمنهم من اتهمها بتدبير الحادث لأهداف سياسية وأمنية، ومنهم من اتهمها بالتقصير حول اتخاذ الإجراءات الأمنية، لمنع هذه التفجيرات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات