في أعقاب استهداف المستشفى الأهلي “المعمداني” بغزة مساء الثلاثاء، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 500 شخص، أحدث ذلك سجالا حول الجهة المسؤولة عنه، حيث يتم فيه تبادل الاتهامات بين الجيش الإسرائيلي وحركة “الجهاد الإسلامي” المتحالفة مع حركة “حماس”.

إزاء ذلك، عبّر المستشار الألماني أولاف شولتز، عن فزعه من صور انفجار في مستشفى “المعمداني”، داعيا إلى إجراء تحقيق شامل حول الجهة الفاعلة لهذه المأساة. وكتب شولتز على موقع “إكس” (تويتر سابقا)، اليوم الأربعاء “لقد أصيب وقتل مدنيون أبرياء. قلوبنا مع عائلات الضحايا”، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”.

استهداف مستشفى غزة

حديث شولتز يأتي في أعقاب وصوله إلى مصر اليوم الأربعاء، والذي أكد على أن بلاده تريد مساندة جهود مصر لخفض التوتر المتصاعد بين “حماس” وإسرائيل، وتخفيف العواقب الرهيبة للحرب.

بدورها، شددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأربعاء، على أن لا شيء يمكن أن يبرّر “قصف مستشفى مكتظ بالمدنيين” في غزة، مشيرة أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ إلى أنه “يجب إثبات كل الحقائق ومحاسبة المسؤولين عنها”، وفق “فرانس برس”.

مقتل 500 شخص في قصف على مستشفى المعمداني في غزة- “رويترز”

وسط الإدانات الدولية لفاجعة انفجار مستشفى “المعمداني”، تقول “وزارة الصحة الفلسطينية” التابعة لـ”حماس” إن الضحايا سقطوا جراء “غارة إسرائيلية” على مستشفى “المعمداني” بغزة، بينما يقول الجيش الإسرائيلي إن تحقيقاته أثبتت أن صاروخا أطلقته حركة “الجهاد الإسلامي” سقط على المستشفى، وهو ما نفته الأخيرة.

الجيش الإسرائيلي أردف في بيان مقتضب “بحسب معلومات استخباراتية، وبناء على عدة مصادر حصلنا عليها، فإن حركة الجهاد مسؤولة عن الهجوم الصاروخي الفاشل الذي أصاب المستشفى”، مضيفا أنه بالتزامن مع الضربة “أطلق إرهابيون في غزة وابلا من الصواريخ مرت بالقرب من المستشفى الأهلي في غزة”.

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، قال خلال مؤتمر صحفي “لدينا معلومات كافية الآن. لقد استغرق الأمر منّا وقتا، لكن علينا أن نقول الحقيقة وهي أن ما طال المستشفى لم يكن قصفا إسرائيليا بل عملية إطلاق صواريخ فاشلة تقف خلفها حركة الجهاد الإسلامي”.

هاغاري، أشار إلى أن بلاده “ستُقدم الأدّلة على ما يقوله في الساعات المقبلة”، مشددا على أنه “لحظة حصول القصف، لم نكن ننفذ أي عمليات جوية بالقرب من المستشفى، والصواريخ التي أصابت المبنى لا تتطابق مع صواريخنا”.

وصرّح متحدث آخر، اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس، لشبكة “سي إن إن” بأن “الجيش اعترض محادثة اعترف فيها المسلحون بحدوث خطأ”. وأضاف أن الجيش سينشر تسجيلا للمحادثة.

كما نشر الجيش الإسرائيلي في حسابه على منصة “إكس” مقطع فيديو لنقل مباشر من قطاع غزة بثته قناة “الجزيرة” وظهر فيه إطلاق صواريخ من القطاع بالتزامن مع وقوع انفجار ضخم على الأرض، مؤكدا أن هذا المقطع يثبت أن الانفجار، الذي وقع في الساعة 18.59 بتوقيت غرينتش، وفق التوقيت الظاهر على شاشة القناة، يثبت أن الانفجار ليس ناجما عن قصف إسرائيلي، وفق ما نقله موقع “الحرة“.

من جهتها، تنفي حركة “الجهاد الإسلامي” كل هذه الاتهامات، وتصفها بـ “الأكاذيب والاتهامات الباطلة” التي وجهتها إليها إسرائيل، زاعمة أن المستشفى استُهدف “بقصف جوي أُطلق من طائرة حربية” إسرائيلية.

وصل الرئيس الأميركي، جو بايدن، اليوم الأربعاء لإسرائيل، وعبّر عن حزنه وغضبه من الكارثة التي وقعت في غزة أمس الثلاثاء، وقال إن “الجانب الآخر هو المسؤول فيما يبدو”، في إشارة لفصائل فلسطينية.

وأردف الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن واشنطن ستزوّد إسرائيل بكل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها أمام “حماس”، واصفا حركة “حماس” بأنها أسوأ من تنظيم “داعش” الإرهابي بعد قتلها مدنيين إسرائيليين في هجوم مباغت شنّته قبل نحو أسبوع.

إدانات دولية

في المقابل، قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمس الثلاثاء، إن استهداف مستشفى الأهلي “جريمة حرب بشعة لا يمكن السكوت عنها أو أن نجعلها تمرّ بدون حساب”، مضيفا أن “أي كلام غير وقف هذه الحرب لن نقبل به من أحد”.

عباس أردف، في كلمة بعد عودته من الأردن حيث ألغيت قمة رباعية كانت من المقرر أن تجمعه بالرئيس الأميركي، جو بايدن، أن استهداف المستشفى “جريمة لا تغتفر… وسنحاسب ونعاقب المرتكب”.

مأساة مستشفى “المعمداني” خلقت حالة من الصدمة والحزن، وخلّفت ردود أفعال دولية وعربية مستنكرة، حيث وصف رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، الهجوم بـ “الأمر المروع وغير المقبول على الإطلاق”، مشيرا إلى أن الأخبار الواردة من غزة “كارثية، إنه أمر فظيع وغير مقبول”.

بينما قال وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفيرلي، في تصريح على موقع “إكس”، إن “تدمير مستشفى الأهلي تسبب في خسائر مروعة بالأرواح. المملكة المتحدة كان موقفها واضحا. الأولوية هي لحماية حياة المدنيين”.  وعلق الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على قصف المستشفى بالقول: “لا شيء يبرر استهداف مدنيين”.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن “فزعه” لمقتل مئات الأشخاص في الضربة التي تعرّض لها المستشفى في غزة، وتبادل الإسرائيليون والفلسطينيون الاتهامات بالمسؤولية عنها. وكتب غوتيريش على موقع “إكس” “المستشفيات وأفراد الفرق الطبية محميون بموجب القانون الإنساني الدولي”.

هذا فضلا عن الإدانات العربية، منها مصر والسعودية والإمارات والأردن والمغرب وموريتانيا وغيرهم. ومنذ نحو 10 أيام، تستهدف الغارات الإسرائيلية حركة “حماس” في الحرب التي خلّفت آلاف الضحايا في أعقاب هجوم غير مسبوق نفذّه مقاتلو “حماس” داخل إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

هدنة قريبة!

في ضوء ذلك، يصوّت مجلس الأمن التابع لـ”الأمم المتحدة”، اليوم الأربعاء، على مشروع قرار صاغته دولة البرازيل يدعو إلى هدنة إنسانية في الصراع بين إسرائيل و”حماس”، المصنّفة إرهابيا، للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

طبقا لما يقوله دبلوماسيون، فإنه من المتوقع بعد ذلك أن يناقش المجلس، بناء على طلب الإمارات وروسيا، قصف مستشفى “المعمداني” بغزة. ومشروع القرار البرازيلي في الأساس نسخة أكثر تفصيلا من مسودة روسية فشل المجلس في إقرارها بالتصويت، الاثنين، لكنه يستنكر تحديدا “الهجمات الإرهابية التي شنّتها حماس”. وبدلا من الدعوة إلى وقف إطلاق النار، يدعو إلى وقف مؤقت للصراع للسماح بوصول المساعدات إلى غزة.

وسط كل ذلك، تُرسم الآمال حول نجاح الجهود المصرية في سبيل التّوصل لتهدئة ما بخصوص الحرب الدائرة في غزة، خاصة وأن القاهرة تقوم منذ اليوم الأول بتكثيف جهودها في سبيل وقف إطلاق النار والتوصل للتهدئة بين طرفي النزاع وعدم التصعيد بحيث أن لا تنجر المنطقة لنزاع أكبر.

وبحسب تحليل الخبراء تحدثوا لموقع “الحل نت” في وقت سابق، فإن التوصل إلى هدنة في غزة أمرٌ مستبعد حاليا، نظرا لعدم إبداء أي طرف حتى الآن استعداده الجاد للجلوس على طاولة المفاوضات، لكن خلال الفترة المقبلة سيكون من الممكن البدء بالعملية السياسية، ولكن بشرط مواصلة مصر لجهودها مع المساعي الإقليمية والدولية حتى يتم التوصل إلى تهدئة ما بشأن الوضع الصعب والخطير في قطاع غزة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
1 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة