خلال شباط/ فبراير الماضي، انتشرت تقارير في بعض الصحف الغربية تفيد بأن روسيا تخطط لإنشاء مصنع جديد مع إيران من شأنه أن ينتج ما لا يقل عن 6 آلاف طائرة مسيّرة إيرانية لاستخدامها في غزو أوكرانيا، فضلا عن إعلان “البيت الأبيض” في يونيو/ حزيران الماضي أن روسيا وإيران، تعملان على ما يبدو على تعزيز تعاونهما الدفاعي، وأن طهران تتعاون مع موسكو لإنتاج طائرات مسيّرة في ألابوجا بالإضافة إلى تزويدها بالمسيّرات. ويبدو أنه يتم ترجمة ذلك حاليا على الأرض، حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية تقدّما في بناء مصنع في روسيا سينتج كميات كبيرة من المسيّرات صممتها إيران.

ومن المتوقع أن تستخدمها روسيا في استهداف منشآت الطاقة الأوكرانية، وذلك بحسب ما جاء في تقرير حديث لـ”معهد العلوم والأمن الدولي”، يوم أمس الإثنين.

روسيا والمسيّرات الإيرانية

نحو ذلك، أردف التقرير بحسب وكالة “رويترز“، أن صور الأقمار الصناعية التي التُقطت في منتصف أيلول/ سبتمبر الفائت، أظهرت أن أعمال البناء الجديدة في المصنع مرتبطة بشكل مباشر بمخطط مسرّب لمبنى شاركته صحيفة “واشنطن بوست” مع المعهد في وقت سابق من هذا العام.

مسيرة “شاهد-136” الإيرانية- “رويترز”

التقرير ذاته لفت أن المبنى، وفقا لوثائق أخرى مسرّبة، سيُستخدم لإنتاج كميات كبيرة من المسيّرات الإيرانية من طراز “شاهد-136”. وسيشمل هذا تحسين عمليات التصنيع الإيرانية، وفي نهاية المطاف تعزيز قدرات الطائرة المسيّرة.

ونوّه التقرير إلى أن صورةً بالأقمار الصناعية كشفت أيضا عن تشييد مبانٍ أخرى ومحيطا أمنيا جديدا توجد به نقاط تفتيش، متوقعا مع اقتراب فصل الشتاء، أن تسرّع روسيا هجماتها بمسيّرات “شاهد-136” ضد البنية التحتية الحيوية للطاقة في أوكرانيا مما سيتسبب في ظروف معيشية قاسية للسكان المدنيين.

ويقع المصنع على بعد 800 كيلومتر شرقي موسكو في جمهورية تتارستان، وقال التقرير إن شركة “جيه.أس.سي ألابوجا” مملوكة بنسبة 66 بالمئة للحكومة الاتحادية فيما تملك تتارستان 34 بالمئة.

هجمات على منشآت الطاقة

في سياق متّصل، أفاد مسؤولون أوكرانيون مؤخرا، بأن روسيا شنّت هجوما جويا كبيرا على ميناء أوديسا على البحر الأسود، مما أسفر عن إصابة ثمانية أشخاص على الأقل واشتعال النيران في شاحنات محمّلة بالحبوب وإلحاق أضرار بأحد المتاحف الفنية البارزة.

وفي حين ذكرت وزارة الداخلية الأوكرانية أن الهجوم ألحق أضرارا بنحو 20 مبنىً متعدد الطوابق وأكثر من عشرين سيارة، قال سلاح الجو، إن الدفاعات الجوية أسقطت 15 من أصل 22 طائرة مسيّرة إيرانية الصنع من طراز “شاهد- 136” إضافة لصاروخ “إكس – 59”. وقال أوليه كيبر، حاكم منطقة أوديسا، إن 15 طائرة مسيّرة استهدفت البنية التحتية لميناء المدينة.

في غضون ذلك، حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد، بلاده من ضربات روسية على البنية التحتية للطاقة. وفي الشتاء الماضي، أي بعد نحو عشرة أشهر من الغزو الروسي، شنّت روسيا موجات من مثل هذه الهجمات مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل متواصل.

لجوء موسكو اليوم إلى المسيّرات الإيرانية، يعني إعلانها بشكل واضح أنها تعاني من الضعف في غزوها لأوكرانيا، ونفاد مخزون الذخيرة لديها.

وبالعودة إلى تقرير “معهد العلوم والأمن الدولي”، فقد اعتبر أن الخطوة الرئيسية التي طال انتظارها، هي أن تفرض واشنطن عقوبات على شركة “ألابوجا” والشركات المرتبطة بها، مشددا على أنه “على الرغم من هذا التقدم، لم تفرض الولايات المتحدة أو حلفاؤها عقوبات سواء على الشركة المالكة للمصنع، وهي جيه.أس.سي ألابوجا، أو الشركات المرتبطة بها”. ولم يردّ البيت الأبيض ولا السفارة الروسية ولا بعثة إيران لدى الأمم المتحدة بعد على طلبات التعليق.

ماذا يعني ذلك؟

بحسب العديد من التحليلات، فإن الطائرات المسيّرة الإيرانية تحل العديد من المشاكل الروسية من أجل كسب الوقت،  في سبيل تحرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من الالتزام بوعده بشأن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية.

إن لجوء موسكو اليوم إلى المسيّرات الإيرانية، بشكل رئيسي ومستمر لدرجة أنها باتت تصنعها عبر شركاتها، يعني أن روسيا تعلن علنا ​​أنها تعاني من الضعف في غزوها لأوكرانيا، ونفاد مخزون الذخيرة لديها، حيث فشلت روسيا في تحقيق التفوق الجوي خلال الحرب.

يبدو أن بوتين، أمام خسارة كبيرة في أوكرانيا، بالنظر إلى فشل الخطة والتعبئة العسكرية الروسية، وهذا يعني أن الخسائر المقبِلة ستكون أكبر، بالتزامن مع استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا في مواجهة روسيا، ولهذا بات يستعين بحلفائه لتزويده بالدعم الكافي.

ضابط أوكراني يتفقد أجزاء من مسيّرة قالت كييف إنها إيرانية الصنع من نوع “شاهد-136” في خاركوف. 6 أكتوبر 2022 – “رويترز”

ومن الواضح أن أي طريقة لزيادة كلفة الدفاع عن أوكرانيا، تعتبرها موسكو وسيلة جيدة لزرع الفرقة بين الغربيين. إلا أن الأثر الرئيسي للتحالف الروسي الإيراني في مجال الطائرات المسيّرة، هو “عولمة الحرب في أوكرانيا”. فقد حاول بوتين بداية، عولمة التهديد بالمجاعات في كل من آسيا وإفريقيا، ثم هدد بعد ذلك بحرب نووية تكتيكية، وكان الهدف من التحركَين هو إقناع الغرب بالتوقف عن دعم أوكرانيا عسكريا وسياسيا.

وفي وقت سابق، علّقت صحيفة “التايمز” البريطانية، على التحالف الروسي الإيراني، قائلة إنه تحالف شرير يجعل العالم أكثر خطرا، مضيفة: “عندما تسقط الطائرات المسيّرة المحملة بالمتفجرات والتي تحركها روسيا على المدن الأوروبية، فقد حان الوقت لكي نقلق”، مشيرة إلى أن “التعاون الشرير والمتزايد بين القيادة الروسية اليائسة وطهران غير المستقرة. فهذا تحالف سيترك آثاره الجيوسياسية المدمرة إلا في حالة تم وأده في المهد” وفق تعبيرها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة