“منشغل بقمع الناس والناشطين السياسيين والإعلاميين داخل إيران، و عاجز عن حماية قادته من الاغتيال”، هكذا بدا المشهد ملخّصاً لـ”الحرس الثوري” الإيراني الذي فقد مؤخراً أبرز قياديه، رضي موسوي، المعروف باسم سيد رضي، أحد المستشارين الأكثر خبرة بسوريا، وذلك عبر هجوم إسرائيلي صاروخي جوي في منزله بمنطقة السيدة زينب قرب دمشق، مع اقتراب الذكرى السنوية الثالثة لمقتل رفيق دربه قائد “فيلق القدس”، الجنرال قاسم سليماني، المعروف باسم “حاج قاسم”.

عمليات الاصطياد الاستخباراتية الثمينة هذه ضد قادةٍ ورجال إيرانيين والتي لم تهدأ منذ تدخّل الإيرانيين لصالح حكومة دمشق في سوريا، باتت تطرح جملة تساؤلات عن حجم الاختراقات الأمنية الواسعة والتعقّب الإسرائيلي ولا سيما في ظل التشدق الإيراني عن حجم التوغل والتوسع والتمركز على الأرض السورية، وخاصة أن عملية اغتيال موسوي التي لا تقل تأثيراً عن عملية اغتيال سليماني، جرت في منطقة السيدة زينب جنوب العاصمة دمشق، المعقل الأول لقادة الميليشيات الإيرانية وعوائلهم.

الحصن المنيع

منذ تدخل إيران في العام 2012 لصالح حكومة دمشق ضد السوريين عملت على سلخ بلدة السيدة زينب جنوب العاصمة دمشق (تسمى قديماً “قرية راوية”) عن محيطها وحوّلتها لمعقل محصّن يقطنها ضباط وقياديون من مختلف الميليشيات الإيرانية ولا سيما “الحرس الثوري”، وغدت البلدة وجهة للسياحة الدينية التي تشجّعها إيران، وتجذب آلاف الزوار سنوياً إليها من شيعتها وشيعة العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان.

كيف فضح اغتيال موسوي بنية إيران الأمنية الهشّة في سوريا؟ (2)
لقطة داخلية لمقام السيدة زينب في العاصمة السورية دمشق، يظهر فيها المقام بقبة ذهبية واحدة. (غيتي)

كما عملت على تدعيم القرى والبلدات المحيطة بها ضمن شريط عمراني محدد مسبقاً يسمى “الطوق الأمني”، ويبدأ هذا “الطوق” المزعوم من مخيم اليرموك مروراً بأحياء ملاصقة له وهي ببيلا، ويلدا، وبيت سحم، والسيدة زينب، وحجيرة، وصولاً إلى مطار “دمشق” الدولي، لتشكيل حزام شبيه بحزام الضاحية الجنوبية في لبنان، عدا عن إنشاء عدة معسكرات تدريب في المزارع والبساتين المحيطة.

ورغم كل الإجراءات الاحترازية التي تنتهجها الميليشيات الإيرانية؛ إلا أن الخروقات الأمنية ضمن المنطقة كانت مثار تشكيك وتساؤلات، إذ قُتل 6 أشخاص وأصيب أكثر من عشرين آخرين بجروح جراء انفجار أول عبر عبوة ناسفة هزّت وسط الحي تموز/يوليو الفائت، بالقرب من مقر أمني على بُعد 600 متر من مقام السيدة زينب. 

أما الثاني فقد سُجّل قبل أسبوع من الأول حيث أصيب شخصان، دون أن تتبنى أي جهة التفجيرَين، على عكس التفجيرَين العنيفَين الذين تبنّاهما تنظيم “داعش” عام 2017، والذي أدى لمقتل 40 شخصاً، وعام 2016 والذي أدى أيضاً لمقتل 134 في حصيلة تُعد الأكثر دموية.

وجاءت تلك الانفجارات في موسم الذروة بالنسبة لضريح السيدة زينب الذي يتوافد عليه الزوار الشيعة للاحتفال بذكرى “عاشوراء”، في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة كثافةً أمنية مشددة داخلها، وحواجز على مداخل المنطقة ككل، وتدقيقاً كبيراً، ما يجعل الاختراق الأمني معقداً للغاية، لا سيما أن منطقة الست كما يسمّيها السوريون هي منطقة باتت عسكرية مغلقة تعج بأُسر ضباط “الحرس الثوري الإيراني”.

فضلا عن أن المزارع المحيطة تتميز بتحصينات عالية من حيث سرّيّة المقيمين فيها وتحركاتهم، والتحصينات الإسمنتية و المخابئ تحت الأرض، عدا عن طرد السوريين الموالين منها والاقتصار فقط على الوجود الإيراني، كاحتياط أمني إضافي، وهو ما يفسّر حالة الخلاف بين قوات “الفرقة الرابعة” والميليشيات الموالية لإيران هناك.

ورغم ذلك ظهر الخلل الأمني والتهلهل الاستخباراتي الإيراني في عمليات التمويه والتحركات والتدابير الأمنية العالية المحيطة بشخصيات قيادية رفيعة المستوى كما حصل مع موسوي، إذ قال حسين أكبري، السفير الإيراني في سوريا للتلفزيون الإيراني عقِب اغتيال موسوي بيوم، إن الأخير كان البارحة الساعة الثانية ظهراً في السفارة الإيرانية في مكتب السفير، ثم بعد الظهر توجه إلى مقر إقامته في منزل بحي “الزينبية”.

وبيّن السفير الإيراني أن إسرائيل استهدفت منزل موسوي بثلاثة صواريخ بعد نصف ساعة من دخوله المنزل، حيث لم تكن زوجته حاضرة حينذاك، وجثة موسوي وجدت في فناء المنزل نتيجة الانفجار.

حديث السفير الإيراني يشير إلى تنفيذ عملية أمنية معقّدة بدليل وجود شبكة كانت تتولى رصد حركة رضي الموسوي الذي كان في مقر السفارة الإيرانية بدمشق قبل أن يتوجه إلى مقر سكنه في مزرعة بالقرب من مقام السيدة زينب، وهناك تعرّض المنزل إلى ثلاثة صواريخ مصدرها مرتفعات الجولان السوري.

رجال شيعة عراقيون يضربون صدورهم بشكل طقوسي داخل مسجد السيدة زينب المقدس في 22 أبريل 2003 بالقرب من دمشق، سوريا. (تصوير صلاح ملكاوي/ غيتي)


يشير الباحث في الشؤون الإيرانية، مصطفى النعيمي، إلى أن الجهود الإيرانية في سوريا ستكون منصبّةً ضمن حماية المربع الأمني، أي المنطقة التي تسيطر عليها الميليشيات الولائية متعددة الجنسيات لاسيما في محيط المراقد المقدسة والتي تمّ فيها بناء مجموعة من الأحزمة الأمنية ذات التشكيلات الولائية، من أجل حمايتها وتقديم حرية الحركة لهؤلاء القادة المتموضعينَ في هذه المنطقة خشية استهدافهم.

ويتوقع النعيمي في حديثه لـ “الحل نت”، مزيدًا من الضربات الإسرائيلية والتي ستكون في المرحلة الأولى ضمن المربع الأمني وخاصة بعد تقاطع الجهود الدولية بخصوص متابعة المسؤولين في “الحرس الثوري” الإيراني و”حزب الله” اللبناني، إضافةً إلى قادة الميليشيات الولائية متعددة الجنسيات العاملة على الجغرافيا السورية والعراقية في آن معاً، كالضربات التي استهدفت الميليشيات العراقية في منطقة (جرف الصخر) جنوب العاصمة العراقية بغداد مؤخراً.

سلسلة اغتيالات بالطريقة ذاتها

لا توجد إحصائية دقيقة لعدد الضباط من قادة “الحرس الثوري” أو الجماعات الموالية لإيران في سوريا الذين قتلتهم إسرائيل خلال السنوات الفائتة، إلا أن الملاحظ هو ازدياد وتيرة الاستهدافات خلال الأشهر الأخيرة، والإصابات الدقيقة المحقّقة. 

قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني (يسار) يحضر مراسم الجنازة التي أقيمت للقائد الكبير للحرس الثوري الإيراني رضي موسوي، الذي قُتل خلال الهجمات الإسرائيلية على دمشق، في طهران، إيران في 28 ديسمبر 2023. (تصوير المكتب الصحفي للمرشد الإيراني/غيتي)

والأهم من ذلك كله المؤشرات على أن اغتيال موسوي كان مخطّطاً له قبل أشهر حسب ما جاء في تقرير “مركز مكافحة تمويل الإرهاب” ذي الصلة بإسرائيل يوم 19 تموز/يوليو 2023، حينما وصف موسوي بأنه “قائد الكتيبة 2250 التابعة للوحدة 2000 التابعة لفيلق القدس في سوريا وأنه مسؤول عن الإشراف على العمليات اللوجستية الخاصة بالحرس الثوري في سوريا”.

ولا تقتصر إسرائيل على اغتيال القادة العسكريين الإيرانيين في سوريا، بل إنها تتعقّبهم في إيران ذاتها، مثل عملية اغتيال الضابط الكبير السابق في “الحرس الثوري” في سوريا، حسن صياد خدايي، في أيار/مايو 2022 داخل العاصمة طهران.

كما سبق اغتيال موسوي، اغتيال محمد علي عطائي شورجه و بناه تقي زاده، عبر قصف إسرائيلي على محيط دمشق في 2 كانون الأول/ديسمبر 2023 “أثناء أدائهما مهمة استشارية لصالح جبهة المقاومة” وفق ما زعم الموقع الإلكتروني للحرس “سباه نيوز”.

كما استهدف هجوم إسرائيلي في 31 مارس/آذار 2023، مقداد مهقاني، الملقب بـ “المستشار العسكري للحرس الثوري الإيراني في سوريا”.

وسبق ذلك مقتل العقيد داود جعفري، مستشار في القوات الجوية الفضائية بـ”الحرس الإيراني” على “يد عملاء لإسرائيل” في انفجار عبوة ناسفة زرعت في جانب الطريق قرب دمشق، وفق ما أعلن “الثوري” الإيراني في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2022.

كما أعلنت وكالة “مهر” شبه الرسمية، في 23 آب/أغسطس 2022 مقتل الضابط في “الحرس الثوري” أبو الفضل علي جاني، “دفاعاً عن المزارات الدينية في سوريا”، وفق وصفها.

وفي مارس/آذار 2022 أعلنت وسائل إعلام إيرانية عن مقتل العقيدَين بـ”الحرس الثوري” مرضي سيد نجاد، وإحسان كربلائيبور جراء قصف إسرائيلي استهدف مناطق في دمشق.

أما العملية اللافتة فكانت ضد اللواء محمد علي دادي، ريف القنيطرة، كانون الثاني/يناير 2015 والذي يُعتبر من أكبر الرتب العسكرية التي قُتلت في سوريا، وشغل منصب قائد فيلق “الغدير” التابع لـ”الحرس الثوري” جنوب إيران، وقُتل إلى جانبه في غارة إسرائيلية استهدفت موكبه القيادي في “حزب الله” جهاد عماد مغنية، مع خمسة من رفاقه إلى جانب ضباط وقياديين إيرانيين ومن “حزب الله”.

المرشد الإيراني علي خامنئي يحضر مراسم تشييع أقيمت للقائد في الحرس الثوري الإيراني رضي موسوي، الذي قُتل خلال الهجمات الإسرائيلية على دمشق، في طهران، إيران في 28 ديسمبر 2023. (تصوير المكتب الصحفي للمرشد الإيراني/غيتي)

وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في نيسان/أبريل الفائت، قد نقلت عن رئيس دائرة التقديرات حول إيران في شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس طاقم البحوث في الشعبة نفسها ورائد في الشعبة، أن عشرة مسؤولين كبارا في “الحرس الثوري” قُتلوا في العمليات الإسرائيلية في سوريا حتى الآن، وتم نشر أسماء عدد من المسؤولين الإيرانيين ومسؤولين من “حزب الله” اللبناني، الذين يديرون هذه العمليات لتغيير توازن القوى مع إسرائيل.

ومن بين الأسماء التي ذُكرت هي: (علي حسن مهدوي، رئيس قسم سوريا ولبنان في فيلق القدس بالحرس الثوري، الذي حل محل جواد رفاري، ورازي أحمد موسوي، رئيس مكتب الدعم المسؤول عن الذخائر والأسلحة. كما تم ذكر اسم أمير حاجي زادة الذي يقود طاقماً مشتركاً ما بين فيلق القدس وسلاح الجو التابع للحرس الثوري ويتولى مسؤولية التعاطي مع التطورات التكنولوجية في الأسلحة الجديدة).

وبحسب المسؤولين الإسرائيليين، فإن المخطط الإيراني الذي يحاول هؤلاء تنفيذه هو إقامة شبكات دفاع جوي ليس فقط في سوريا، بل أيضاً في اليمن والعراق ولبنان، وستكون موجهة ضد جيوش أخرى في دول الخليج وغيرها من دول المنطقة.

تجنيد العملاء و صراع استخباراتي

عقب تنفيذ “الموساد” الإسرائيلي عملية اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زادة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ظهر وزير الاستخبارات والأمن الوطني الإيراني الأسبق، علي يونسي، ليقول إن “إسرائيل تمكّنت من تجنيد آلاف العملاء في الداخل الإيراني”، ولم يمضِ وقت آخر حتى تمت عملية اغتيال العميد حسن صياد دائي القيادي في “فيلق القدس” في أيار/مايو 2022.

كيف فضح اغتيال موسوي بنية إيران الأمنية الهشّة في سوريا؟ (4)
الشعب الإيراني والقوات العسكرية، وهم يلوحون بأعلام مكتوب عليها “أنتم تتعاملون معنا”، يحضرون مراسم تشييع المستشار الإيراني في سوريا، رضي موسوي، في ساحة الإمام الحسين في طهران، إيران في 28 ديسمبر 2023. (تصوير حسين بيريس / صور الشرق الأوسط)

وبناء على اعتراف يونسي، فإنه ليس من الصعب والمعقّد تمكّن إسرائيل من تنفيذ أي عملية اغتيال ضد قادة إيرانيين بأدوات محلية في سوريا، وتطبيق عقيدة الأخطبوط، إذ كشفت وثيقة مسرّبة تناولها موقع “إيران انترناشيونال” آذار/مارس الفائت، أن بعض عناصر “الحرس الثوري” باعوا معلومات سرّية لاستخبارات أجنبية مقابل 5 إلى 100 مليون تومان (100 إلى 2000 دولار).

وحسب الوثيقة، فإنه لم يعد يقتصر ضرر تسريب معلومات النظام الحساسة على المناطق الداخلية من البلاد، بل أضرّ بمصالح النظام في المنطقة، إذ أدى تسريب الخطط العملياتية للنظام الإيراني، لتدمير إسرائيل مواقع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، في سوريا عبر خمس عمليات.

فيما يلاحظ أنه بعد شهر ونصف من مقتل داود جعفري، أحد أفراد القوات الجوية التابعة لـ”الحرس الثوري”، في هجوم إسرائيلي بالقرب من دمشق تشرين الثاني/نوفمبر 2022، تم اعتقال عدة ضباط سوريين في القنيطرة المتاخمة للجولان جنوب سوريا بتهمة تسريب معلومات عن تحديد موقع داود جعفري، وسط تداول ترجيحات نقلها موقع سوري معارض عن مصادر خاصة أن يكون الضباط موالون للروس ويقومون بإخبار روسيا بتحرّك الميليشيات الإيرانية. فيما أشارت الوثيقة إلى أن المعتقلين إيرانيون وأعضاء في “فيلق القدس”.

حسب تقرير تحليلي لصحيفة “هاموديا” الإسرائيلية، نشرته في آذار/مارس 2021، فإن هناك مؤشرات تدلّل على رغبة روسيّة بإبعاد الإيرانيين عن سوريا، في الوقت الذي يعيد فيه الرئيس السوري، بشار الأسد، حساباته حول طرق التّخلّص من الوجود الإيراني الذي يشكل عبئاً كبيراً في بلاده والذي لا يمكن أن يحدث إلا عبر إسرائيل، مضيفاً أن إسرائيل ترى بأن روسيا هي أفضل شريك حالي، لا سيما أن الأخيرة تريد أن تكون اللاعب الوحيد في سوريا، ما يعني تشابه مصالح روسيا مع مصالح إسرائيل.

باعتبار أن الأسد باتت بنتيه الاستخباراتية هشّة ومترهّلة، بسبب طول أمد النزاع وما فرضه من وضع معيشي متردّ وحالة فساد متجذّرة أصلاً في تركيبة الأجهزة الأمنية والعسكرية، لم يعد من الصعب لأي جهة اختراقه وخاصة من قبل إسرائيل المشتركة مع الأسد في الخاصرة الغربية الجنوبية لحدوده حيث النشاط الإيراني المكثّف، وحيث المنطقة هناك تعيش حرباً عميقة بين عملاء الطرفين.

في حديثه لـ”الحل نت”، يرى نوار شعبان، الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية بمركز “عمران” للدراسات، أن القوى الاستخباراتية الإسرائيلية والأميركية موجودة بكثافة كبيرة في سوريا، وهي على دراية بالتحركات العسكرية وتحركات الأفراد الإيرانية، وتعمل على مبدأ التوقيت المناسب، كما حصل مع سليماني عندما قُتل بالوقت الذي أراده الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وكذلك الأمر بالنسبة لموسوي الذي اختارت إسرائيل قتله في هذا التوقيت بالذات.

وحسب شعبان، فإن الهشاشة الاستخباراتية بدأت تتعزز بعد هدوء الجبهات، وانتقال الصراع إلى صراع سلطة داخلي، كما أن هناك قوى أجنبية كثيرة في سوريا وهذا يعزّز الفساد الأمني، ومن جهة أخرى فحكومة دمشق ليست راضية بالكامل عن التمدد الإيراني والتحكم بمفاصل الدولة ولا سيما العاصمة دمشق، ما يرجّح احتمالية لجوء الأجهزة الاستخباراتية المتعددة لتصفية بعضها وتقليص دورها، وبالتالي دفع العديد من الشخصيات الإيرانية العسكرية للتوجه إلى الشرق السوري كونه الأكثر أمناً.

 معدات متطورة

لا تتوانَ الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية عن استخدام مختلف الوسائل لجمع المعلومات وتحديد أهدافها الإيرانية المضافة إلى بنك أهداف سلاح الجو الإسرائيلي في العمق السوري، ومن تلك الوسائل وأهمها وأكثرها استخداماً الطائرات من دون طيار، إضافة لاعتمادها على الأقمار الاصطناعية التجسسية.

وزير الدفاع يوآف غالانت، في الوسط، كان حاضرا في إطلاق قمر التجسس أوفيك 13. (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

وليس صدفة أبداً إطلاق شعبة “9900” الاستخباراتية بالجيش الإسرائيلي قمرها الاصطناعي “أوفيك 13 للتجسس” المتحرك في مدار يمر فوق سوريا وإيران في آذار/مارس الفائت، أي في ذروة الاستهدافات الإسرائيلية لمستودعات الأسلحة والمخابئ الإيرانية في مطاري دمشق وحلب، إذ يمكن للقمر الاصطناعي التقاط صور في الظلام واختراق السحب، وجمع معلومات استخباراتية في كل الأوقات والظروف.

اغتيالات إسرائيل لشخصيات إيرانية ولا سيما موسوي لا يمكن بناؤها بهذا الحجم إلا من خلال جهود كبيرة لجهاز متكامل، فعمليات الاستطلاع الجوي في الجغرافية السورية تراقب الكثير من المسؤولين في “الحرس الثوري” الإيراني من مكان إقامتهم في الأراضي السورية وتحركاتهم بمنطقة البوكمال ومن ثم وصولًا إلى الأراضي العراقية بغداد، ثم استخدام الطائرات المسيرة ضدهم.

الباحث في الشؤون الإيرانية، مصطفى النعيمي

ويبدو أن موسم صيد القيادات الإيرانية ووكلائها بدءاً من طهران مرورا بالعراق ووصولاً إلى سوريا ولبنان يتّجه نحو مزيدٍ من المفاجآت الإسرائيلية، ما يعني استنزاف طهران عسكرياً وسياسياً أمام حاضنتها التي تترقب في كل مرة ردّها والذي يقتصر كما حكومة دمشق على تصريحات نارية لا ترقى لمستوى الردّ القاسي الذي تلوّح به منذ سنوات.

1 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات حول في العمق

جديداستمع تسجيلات سابقة