تسعى دول عربية إلى إبعاد سوريا عمّا يعرف بـ “محور المقاومة”، المتمثل بـ إيران و”حزب الله”، حيث تغلل الأخيران في الأراضي السورية عسكرياً خلال السنوات الماضية، في حين أن دمشق بدأت تتجه نحو ذلك، لكن بحذر.

هذا التوجه ليس وليد اللّحظة، إذ بدأ مع إعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، واجتماع عمان في أيار/مايو 2023، لكن دمشق لم تحقق خطوات ملموسة في هذا المسار، إلا أنّ ذلك كان واضحاً منذ الحرب على غزة قبل أزيد من عام، والتصعيد الإسرائيلي على لبنان مؤخراً.

إغراءات عربية

صحيفة “الأخبار” اللبنانية، سلّطت الضوء على ما وصفتها بـ”إغراءات” الإمارات لإقناع الرئيس السوري بشار الأسد، بالتخلي عن تحالفه مع إيران و”حزب الله”. إذ قالت الصحيفة، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يراهن على تحقيق تغييرٍ ليس في لبنان فقط، بل في سوريا أيضاً.

إسرائيل تتابع باهتمام ما يجري في دمشق، وما الذي يمكن أن تحققه جهود تقودها الإمارات بالتعاون مع الأردن، لإقناع الأسد بالتخلي عن إيران و"حزب الله".
إسرائيل تتابع باهتمام ما يجري في دمشق، وما الذي يمكن أن تحققه جهود تقودها الإمارات بالتعاون مع الأردن، لإقناع الأسد بالتخلي عن إيران و”حزب الله”.

وأشارت إلى أن تقارير دبلوماسية تتحدث عن أن إسرائيل تتابع باهتمام ما يجري في دمشق، وما الذي يمكن أن تحققه جهود تقودها الإمارات بالتعاون مع الأردن، لإقناع الأسد بالتخلي عن إيران و”حزب الله“.

تل أبيب لا تراهن على تغييرٍ كبير في الموقف السوري، لكنَّ حلفاءها في أبو ظبي وعمّان يطلبون مهلةً لمحاولة إقناع الأسد بالطلب من “الحرس الثوري الإيراني” و”حزب الله” بمغادرة الأراضي السورية، وإقفال المقرات الخاصة بكل من له صلة بـ “محور المقاومة”، والتعهد بعدم إفساح المجال أمام عبور أي نوع من الدعم المادي والعسكري إلى لبنان عبر الأراضي السوريّة، بحسب الصحيفة.

وأضافت أن الإمارات تحاول تقديم إغراءاتٍ مالية كبيرة للأسد، مع إبداء الاستعداد لإطلاق ورشة إعادة إعمار في كل سوريا، إذا ابتعدت عن محور إيران. بينما يتعهَّد الأردن بالقضاء على كل المجموعات المعارضة للحكومة السورية في جنوب وشرق سوريا”.

دمشق تضيق الخناق

بعد التصعيد الإسرائيلي على لبنان، بدأت دمشق تتحرك نحو التضييق على “حزب الله” اللبناني وتحركاته في سوريا، إضافة لـ الميليشيات الإيرانيّة، حيث أغلقت مكتب تجنيد لـ “الحزب” في دمشق، بينما حدَّت من تحركاتهم في البلاد.

الميليشيات الإيرانية المتواجدة في دير الزور وريفها، أخلت عددا من مقراتها العسكرية.
الميليشيات الإيرانية المتواجدة في دير الزور وريفها، أخلت عددا من مقراتها العسكرية.

هذه الجهود لم تأتِ من دمشق لوحدها، بل بالتوافق مع موسكو، التي تلعب دورا أساسيا في تقليص النفوذ الإيراني في الأراضي السورية، حيث طلبت من “الحرس الثوري الإيراني”، في تشرين أول/أكتوبر الماضي، إخلاء جميع النقاط الإيرانية القريبة من مطار دير الزور العسكري، الأمر الذي أثار التوتر في صفوف الميليشيات الإيرانية.

إضافة إلى ذلك، طلبت الأجهزة الأمنية السورية أبلغت المكاتب العقارية في مدينتي الميادين ودير الزور، بعدم تأجير المنازل لغير السوريين، تحت طائلة المساءلة لمخالفة التوجيهات. 

بعد استهداف إسرائيل مستودعات للأسلحة بمنطقة اليهودية، عند مدخل مدينة اللاذقية، شرعت “لمخابرات العسكرية” بالتحقيق في كيفية تخزين سلاح لـ “حز ب الله” داخل مستودعات تابعة لرحبة اليهودية، حيث كان من المفترض أن تحتوي هذه الورشة على معدات وليس صواريخ.

وصادر الجيش السوري مستودع ذخيرة يقع في مزرعةٍ بين الكسوة والسيدة زينب بريف دمشق، بينما تمت مصادرة مستودع آخر تابع لـ “حزب الله” اللبناني في منطقة الزبداني بالقرب من الحدود السورية اللبنانية.

كما قيّدت دمشق، دخول العراقيين إلى سوريا، فيما يبدو أنه تضييق على دخول عناصر الميليشيات.

طهران تتمسك

العديد من الإجراءات اتخذتها السلطات السوريّة بعد التصعيد الإسرائيلي على لبنان، تشير بوضوح إلى نية دمشق تقليص النفوذ الإيراني في سوريا، الأمر الذي استشعرته طهران، إذ أصدرت بيانا تنفي فيه تدهور العلاقات مع دمشق، في إشارة إلى تمسكها بـ سوريا.

الرئيس السوري، بشار الأسد، ومستشار المرشد الأعلى الإيراني، على اكبر ولايتي - انترنت
الرئيس السوري، بشار الأسد، ومستشار المرشد الأعلى الإيراني، على اكبر ولايتي – انترنت

البيان جاء للتأكيد على أن “الحكومة السورية هي حكومة ثورية ومعادية للصهيونية وإحدى الحلقات الأساسية في سلسلة المقاومة، وبشار الأسد شخصية مؤثرة تؤمن بالمقاومة وتدعمها خاصة ضد الكيان الصهيوني”

البيان الإيراني، يدل على وجود تخوف لدى طهران من نوايا دمشق بإعادة تموضعها دوليا، إذ إن هذه الفرصة لن تتكرر بالنسبة لدمشق، فيما أن إيران استشعرت هذا التوجه قبل عدة أشهر، لكن التطورات الإقليمية تقف عائقا في هذا التوقيت.

بلا شك، فإن لدى طهران قلق من التقارب العربي وإعادة فتح سفارات دولٍ عربيّة وغربيّة في دمشق، لكن ذلك يأتي ضمن توجه سوريا للعودة إلى الحضن العربي ومنه إلى العالمي، لتتمكن من إنهاء القطيعة السياسيّة، بعد أزيد من 10 سنوات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات