بعد الغزو الروسي لأوكرانيا ودخول روسيا في مستنقع الحرب هناك، بدأت منذ قرابة أربعة أشهر بانسحابات تدريجية لقواتها من مناطق متفرقة في سوريا، وتحديدا من قاعدة “حميميم” الجوية جنوبي شرق محافظة اللاذقية، وعمليات الانسحاب شملت آلافا من وحدات المشاة وسلاحي الطيران، والهندسة، وفق تقارير غربية.

وذكرت شركة الأقمار الصناعية الإسرائيلية “إيميجسات إنترناشيونال”، أن القوات الروسية نقلت بطارية الدفاع الجوي بعيدة المدى “إس-300” من سوريا إلى روسيا، بسبب الحاجة إلى تعزيز الدفاعات الجوية لموسكو، في ظل الحرب مع أوكرانيا.

للحاجة في الحرب الأوكرانية

في سياق متّصل، أفادت قناة “12” يوم أمس الجمعة، إن تقريرا صادرا عن الشركة مزوّدا بصور، أظهر إخلاء بطارية الصواريخ التي كانت منصوبة حتى الشهر الماضي في محيط قاعدة “حميميم” على الساحل السوري لتأمينها وتأمين ميناء طرطوس، وذلك على خلفية الحاجة الماسة لموسكو في تعزيز قوات جيشها في المعارك أوكرانيا.

كما وأشارت شركة “إيميجسات إنترناشيونال”، إلى أن صورا تظهر أن نظام “إس-300” الموجود في شمال غرب سوريا، قد تم تفكيكه خلال الأسابيع الأخيرة بعد أن كان موجودا بالمنطقة لعدة سنوات.

ووفق ما نقلته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل“، فإن نظام الدفاع الجوي الروسي نقل إلى ميناء طرطوس، حيث تم شحنه إلى ميناء نوفوروسيسك على البحر الأسود.

كذلك، قالت الشركة الإسرائيلية، إنه من المتوقع أن ترسو السفينة في المدينة الساحلية الروسية يوم الجمعة المقبل. كمان وتُخمّن الشركة أن البطارية أُعيدت إلى روسيا من أجل تعزيز دفاعاتها الجوية، التي ورد أنها تضررت جراء الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ شباط/فبراير الماضي.

وفي عام 2018، قدمت روسيا، نظام الدفاع الجوي المتقدم “إس-300” للجيش السوري التابع للحكومة السورية مجانا، حيث نقلت ثلاث كتائب مع ثماني قاذفات لكل منها إلى حكومة دمشق على الرغم من الاعتراضات الشديدة من الولايات المتحدة الأميركية، وإسرائيل.

من جانبها، أشارت القناة الإسرائيلي إلى أن القوات الروسية نصبت بطاريات “إس -300” في سورية بهدف ردع إسرائيل عن مواصلة تنفيذ هجماتها في عمق الأراضي السورية، التي تستهدف الميليشيات الإيرانية المتمركزة هناك.

ووفق تقارير صحفية، جاء تسليم روسيا لنظام الدفاع الجوي إلى سوريا، في أعقاب إسقاط طائرة تجسس روسية من قِبل القوات السورية التي كانت ترد على غارة إسرائيلية فوق المجال الجوي السوري.  وألقت روسيا آنذاك باللوم على إسرائيل في الحادث الذي أسفر عن مقتل 15 من أفراد الطاقم الروسي.

وضغطت إسرائيل وحلفاؤها لسنوات على روسيا، لعدم منح سوريا واللاعبين الإقليميين الآخرين نظام “إس-300″، بحجة أنه سيحد من قدرة إسرائيل على تحييد التهديدات، بما في ذلك التهديدات من قِبل “حزب الله” اللبناني، الموالي لإيران.

والجدير ذكره أن بطاريات “إس – 300” التي نُشرت في سوريا، وتشرف على تشغيلها طواقم روسية، لم تستخدم في اعتراض طائرات الجيش الإسرائيلي التي تنفذ الهجمات في الأراضي السورية. أيضا، وتحتفظ موسكو بأحدث أنظمة الدفاع الجوي من طراز “إس-400” لحماية مصالحها في سوريا.

قد يهمك: أسلحة روسية منقولة من سوريا إلى أوكرانيا

نقل الأسلحة في وقت سابق

مطلع آب/أغسطس الجاري، أفادت وكالة “بلومبرغ” الأميركية، نقلا عن مصادر استخبارية أوروبية، أن سفينة تجارية قادمة من سوريا، عبرت مضيق البوسفور التركي أواخر تموز/يوليو الماضي، تحمل مركبات وآليات ومعدات عسكرية للجيش الروسي، كانت في طريقها إلى أوكرانيا.

الوكالة الأميركية، أردفت في تقريرها السابق أن عبور السفينة “إسبارتا 2” من الساحل السوري إلى ميناء روسي، “يظهر كيف تعيد موسكو عتادها العسكري إلى روسيا مرة أخرى”.

وبيّنت “بلومبرغ”، آنذاك، أن “رحلة السفينة إلى ميناء نوفوروسيسك على البحر الأسود، تؤكد جهود الكرملين للاستفادة من الموارد لدعم غزو أوكرانيا في شهره السادس”، مشيرة، إلى أن “خطوط الإمداد الروسية متوترة تحت ضغط أكبر حملة عسكرية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية”.

وبحسب المصادر الاستخبارية وصور الأقمار الصناعية، فإن السفينة “إسبارتا 2”، حمّلت مركبات عسكرية من ميناء طرطوس على الساحل السوري، دون التمكن من التّعرف على الطبيعة الدقيقة للمركبات التي تم تحميلها، وفق تقرير الوكالة الأميركية.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن السفينة تم رصدها وهي تعبر مضيق البوسفور، وتم التعرف إليها لاحقا في ميناء نوفوروسيسك، مع ما لا يقل عن 11 مركبة كان من المحتمل تفريغها في الميناء.

ونوّهت وكالة “بلومبرغ”، إلى أن بيانات التتبع البحري تظهر أن ملكية سفينة “إسبارتا 2″، لشركة مدرجة على قائمة العقوبات الأميركية منذ أيار/مايو الماضي، وتسيطر عليها وزارة الدفاع الروسية، قامت برحلتها من سوريا إلى روسيا، دون عوائق أو اعتراض من قِبل تركيا، العضو في حلف الشمال الأطلسي “الناتو”.

وفي جانب آخر، قال أحد مسؤولي الاستخبارات الأوروبية، إن “شحنات روسيا، من سوريا من المرجح لتغذية لوجستياتها الشمالية، حيث يتم نقلها إلى ميناء نوفوروسيسك، ومن هناك لإعادة إمداد القواعد في شبه جزيرة القرم، ومن ثم إلى منطقتي خيرسون وزابوريزهجيا جنوبي أوكرانيا”.

وأكدت ذات المصادر الاستخباراتية، أن “روسيا أعادت نشر القوات والمعدات في المنطقة مؤخرا، ونقلت ما لا يقل عن 8 مجموعات تكتيكية تضم 800 إلى 1000 جندي من منطقة دونباس الشرقية، مما زاد الضغط على طرق الإمداد اللوجستية، في وقت تهدد فيه أوكرانيا بشن هجوم مضاد في منطقة خيرسون.

يشار إلى أنه مع إغلاق تركيا لمضيق البوسفور، في وجه سفن البحرية الروسية، وفق اتفاقية “مونترو”، وجدت موسكو نفسها في مأزق لوجستي في سوريا، إلا أنها وجدت طريقة للتغلب على تلك المشكلة باستخدام شركات وسفن تجارية خاصة، وفق تقارير صحفية.

من جانبه، كشف المحلل البحري التركي، يوروك إيشيك، في وقت سابق أن مراقبة حركة المرور عبر مضيق البوسفور، تشير إلى أن روسيا تواصل عملياتها البحرية في البحر المتوسط، والبحر الأسود عبر السفن التجارية.

وأوضحت الوكالة نقلا عن مسؤول تركي، مطّلع على القضية، قوله إن “السفن التجارية لا يتم فحصها إلا إذا كان هناك بلاغ أو اشتباه بارتكاب مخالفات”.

تراجع النفوذ الروسي بسوريا

حول احتمالات تراجع النفوذ العسكري الروسي في سوريا، بعد أن تحدثت وسائل إعلام متعددة عن عملية انسحاب لقوات روسية من سوريا، في خطوة ترتبط بتداعيات العمليات العسكرية على الجبهة الأوكرانية، قال المحلل السياسي الروسي، ديميتري بريجع، إن “بوتين ليس بأفضل أحواله الآن”.

وأوضح بريجع، خلال حديثه السابق لـ”الحل نت”، أن الرئيس الروسي بات حاليا بلا حلفاء، فمنذ أشهر، وتحديدا من بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، خطط بوتين والقيادة العسكرية الروسية، لم تكن ناجحة، وحتى الآن القوات الروسية، لم تستطيع إنجاز كافة المهام التي خططت لها.

ولذلك، هناك حتى اللحظة مشاكل استراتيجية لدى القوات الروسية على الأراضي الأوكرانية، كما أن القوات الروسية التي تم إرسالها، باعتقاد بريجع، غير قادرة على كافة المهام، ولذلك تم استدعاء وحدات الرئيس الشيشاني، رمضان قديروف، والآن هذا الانسحاب من سوريا، إذا ما كان صحيحا، فهو يعني بأن القوات الروسية في أوكرانيا، ليس لديها الخبرة الكافية لقتال القوات الأوكرانية.

ووفق مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية، فإن الانسحاب الروسي المستمر من داخل سوريا يُعتبر الأكبر منذ تدخل موسكو في الصراع السوري عام 2015، والذي فشل وفق قولهم في نقل ما سماه “تجربة السيطرة الجوية” الروسية من سوريا إلى أوكرانيا.

قد يهمك: أوروبا أمام “كارثة نووية”.. ما علاقة روسيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة