راتب لا يشتري الخبز.. ما هو متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية هذا العام؟

مع استمرار انهيار الوضع المعيشي تزداد الفجوة بين متوسط الأجور والرواتب وتكاليف معيشة الأسرة في سوريا، حيث أن تدني قيمة الليرة السورية، هو السبب الرئيسي لارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات في البلاد، في وقت لم تقر الحكومة منذ أشهر طويلة أي زيادة على الرواتب والأجور.

منذ بداية العام الجاري، ارتفعت وتيرة الأعباء الاقتصادية على السوريين، خاصة بعد سلسلة الارتفاعات التي أصابت السلع والخدمات الأساسية، فضلا عن القرارات الحكومية التي ساهمت في رفع تكاليف إنتاج السلع والمواد الغذائية.

هذا الارتفاع زاد من الأعباء الاقتصادية على العائلات السورية، وفي هذا الصدد أفادت صحيفة “قاسيون” المحلية، أن السوريين قاسوا خلال النصف الأول من العام الجاري من ارتفاعات كبيرة في أسعار مختلف السلع الضرورية، الأمر الذي انعكس على المتوسط الشهري لتكاليف معيشة الأسرة السورية.

ارتفاع بالملايين

بحسب تقرير الصحيفة المحلية، فإن متوسط تكاليف معيشة أسرة سورية مكونة من خمسة أفراد، قفز إلى أكثر من 6.5 مليون ليرة سورية، في حين وصل الحد الأدنى إلى 4.1 مليون ليرة سورية، بحسب “مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة”، في الوقت الذي لم يزد فيه الحد الأدنى للأجورعن 92 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 10 دولار تقريبا.

التقرير الذي رصد ارتفاع متوسط تكاليف المعيشة، اعتمد على الحاجات الأساسية للفرد من الغذاء الضروري، وبناء على الارتفاع في أسعار السلع الغذائية، فقد سجل شهر تموز/يوليو الجاري، ارتفاع متوسط معيشة الأسرة في سوريا بحوالي 890 ألف ليرة سورية، وذلك عن متوسط التكاليف التي سجلها مؤشر “قاسيون” في نهاية شهر آذار/مارس الماضي.

الحد الأدنى لراتب الموظف الحكومي الثابت عند 92 ألف ليرة، كان غير قادرا في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، على تغطية سوى 1.6. بالمئة من متوسط تكاليف المعيشة، ومع الارتفاع في أسعار مختلف السلع أصبحت مشاركته في متوسط التكاليف لا تتجاوز 1.4. بالمئة فقط.

فقط خلال الثلاث أشهر الماضية، رصد التقرير ارتفاع أسعار اللحوم في سوريا بحوالي 17.8 بالمئة، في وقت ارتفعت فيه أسعار الحلويات بمقدار 10.3 بالمئة، أم الألبان والأجبان فارتفعت بمتوسط نسبة 12.5 بالمئة، وهناك العديد من المواد الغذائية ارتفعت بنسب كبيرة كالبيض الذي سجل ارتفاعا وصل نسبته إلى 41.7 بالمئة، حيث انتقلت تكلفة 50 غرام منه يوميا من حوالي 667 ليرة في آذار/مارس، إلى 944 ليرة في تموز/يوليو.

مع استمرار انهيار مستوى الحياة المعيشية في سوريا، ومماطلة الحكومة بتعديل الرواتب والأجور لتصبح أقرب نوعا ما إلى مستوى أسعار السلع والخدمات في البلاد، زادت مؤخرا معدلات الاستقالة من المؤسسات الحكومية، حيث أصبح موظفو الحكومة يفضلون العمل في القطاع الخاص، بعد أن أصبحت رواتب الحكومة تقريبا بلا قيمة.

قد يهمك: تصدير نحو 600 طن بندورة يوميا.. ما الانعكاسات على الأسعار في الأسواق السورية؟

تفاقم ظاهرة استقالة الموظفين من المؤسسات الحكومية، قد تهدد هذه المؤسسات، خاصة وأن بعض القطاعات تشهد استقالات جماعية للموظفين، الباحثين عن فرص أفضل، كذلك فإن شريحة واسعة من المستقيلين هم أشخاص وجدوا فرصة للخروج من البلاد بشكل نهائي، الأمر الذي يهدد استمرارية بعض المؤسسات التابعة للحكومة.

مع عجز الحكومة عن إيجاد أية حلول من شأنها تحسين واقع العاملين في القطاع الحكومي، لجأت مؤخرا إلى التهديد، بتطبيق أحكام المادة 364 من قانون العقوبات المعدل بمقتضى المرسوم التشريعي ذي الرقم /46/ لعام 1974، بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن الراتب الشهري مع التعويضات لمدة سنة كاملة، كل من ترك عمله أو انقطع عنه من العاملين في الوزارات أو الإدارات أو المؤسسات أو الهيئات العامة أو البلديات أو أي من جهات القطاع العام أو المشترك.

موظفون مصرون على الاستقالة

 إن لجوء إدارة المؤسسات إلى عدم قبول طلبات الاستقالة، دفع الموظفين إلى ترك عملهم، حتى ولو لم يحصلوا على موافقة رسمية بقبول الاستقالة، فقد أفادت صحيفة “تشرين” المحلية، بأن الأشهر القليلة الماضية شهدت ازديادا كبيرا في أعداد الموظفين الراغبين في الاستقالة، تزامنا مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي أثّرت في الجميع، نتيجة ارتفاع الأسعار والتضخم غير المسبوق.

تقرير صادر عن “اتحاد العمال السوريين”، أفاد بارتفاع أعداد المستقيلين ومقدّمي طلبات الاستقالة من القطاع العام خلال النصف الأول من العام الجاري، مسجلا استقالة 400 موظف في محافظة السويداء، و300 آخرين في محافظة القنيطرة أغلبهم من قطاع التربية.

كذلك سجلت محافظة اللاذقية 516 طلب استقالة، بينها 230 طلبا من عمال في شركات الغزل، و149 من عمال في مؤسسة التبغ، و58 من عمال في قطاع الزراعة، و31 طلبا من عاملين في مديرية الصحة، و48 طلبا من موظفين في مختلف القطاعات الأخرى.

خبير بالإدارة العامة، عبد الرحمن تيشوري، أشار إلى أن تفاقم ظاهرة الاستقالة من المؤسسات الحكومية هو نتيجة ضعف الأجور والفساد، “مؤكدا أن القطاع العام وصل للإفلاس الإداري”، حيث أن هنالك عجز كبير بالأداء المؤسسي، ناهيك عن مشكلات الفساد المالي والإداري والتسيب وعدم حماية وحراسة المؤسسات في الوقت الذي تكشف فيه الرقابة عن اختلاس 10 ملايين يوميا.

تيشوري أكد كذلك أن نحو 50 بالمئة، من الشباب الذين لديهم خبرة واسعة هاجروا، ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة في حال لم يكن هناك رد فعل قوي من الحكومة، لحل مشاكل الموظفين، لا سيما فيما يتعلق بالرواتب والأجور، فرواتب بعض الموظفين لا تكاد تكفيهم تكاليف النقل ووصولهم إلى مكان عملهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات