في محاولة لجذب الاستثمارات الخارجية إلى العراق، وتحفيز القطاع الخاص لخلق فرص عمل والخروج من الاقتصاد الريعي، كشف فادي الشمري المستشار السياسي لرئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، عن حزمة إجراءات حكومية تهدف لتحويل البلاد إلى بيئة جاذبة للاستثمارات الخارجي.

الإجراءات تضمنت في قسم منها تعديلات قانونية وإجراءات إدارية مختلفة، حيث تهدف الحكومة إلى تحويل العراق لبلد جاذب للاستثمار، عبر تحديد 8 تعديلات لتوفير بيئة عمل متكاملة للمستثمرين، بحسب الشمري.

رؤية حكومة محمد شياع السوداني، تهدف إلى ضرورة تحويل العراق لبلد جاذب للاستثمار من خلال تحسين بيئة الأعمال، وتطوير البنية التحتية للبلاد، بحسب الشمري، الذي أوضح أن الحكومة تدرك بأن الاستثمار الوافد يلعب دورا حاسما في تعزيز التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل وتحسين جودة حياة المواطنين وتنويع قاعدة الاقتصاد العراقي وتطوير القطاعات غير النفطية.

على هذا الأساس، فإن هدف حكومة السوداني يتمثل بتبسيط الإجراءات البيروقراطية وتعزيز الشفافية في منح الإجازات الاستثمارية من خلال إجراء تعديلات على القرارات الحكومية التي تتعلق بالاستثمار، وتأتي هذه التأكيدات الحكومية الجديدة من قبل حكومة بغداد، بالتزامن مع بدء عدد من الوزارات بوضع خطط لأبرز المشاريع المتعلقة بالإسكان والبنى التحتية.

تطلعات عراقية لاستثمارات خارجية

إذ من المتأمل جذب شركات تركية وصينية وإيرانية وأخرى عربية على وجه الخصوص، حيث يُتوقع أن يتم الاتفاق مع قسم منها، وفقا لمبدأ النفط مقابل الإعمار الذي رفعته بغداد قبل عدة سنوات، وذلك ضمن رؤية حكومة محمد شياع السوداني، التي تهدف إلى ضرورة تحويل العراق لبلد جاذب للاستثمار.

بناء على ذلك، فإن “مجلس الوزراء” العراقي أجرى تعديلات جوهرية ومهمة لتجاوز حلقات الروتين الإداري وخلق بيئة استثمارية متقدمة للمستثمر، وإعطاء صلاحيات ومرونة أكثر للهيئة الوطنية للاستثمار وهيئات الاستثمار في المحافظات للتعامل مع المستثمرين واختصار الوقت عليهم، يقول الشمري في بيان له، إن التعديلات جاءت منسجمة مع رؤية الحكومة بضرورة توفير بيئة عمل متكاملة تلبي احتياجات المستثمر وتقلل الوقت في منح الإجازة الاستثمارية.

كذلك أن من بين الإجراءات المتخذة إقرار المخططات المتعلقة بالمشروعات الاستثمارية خلال 30 يوم عمل كحد أقصى، ومنح “البنك المركزي” والمصارف الحكومية والمؤسسات المالية الأخرى المستثمرين العراقيين والأجانب قروضا وتسهيلات مالية في حال إنجازهم 25 بالمئة من المشروع، بحسب المستشار السياسي للسوداني.

ذلك، وفق الشمري، علاوة على استكمال “الهيئة الوطنية للاستثمار” الموافقات المطلوبة جميعها، بما في ذلك تخصيص الأرض قبل إعلان الفرص الاستثمارية، إلى جانب التزام الحكومات المحلية في المحافظات بتزويد “الهيئة الوطنية للاستثمار” بأرقام قطع الأراضي الاستثمارية، لافتا إلى أن “الحكومة تدرك أن تحويل العراق إلى وجهة استثمارية جاذبة يتطلب جهودا مشتركة من قبل جميع الأطراف المعنية”.

بما في ذلك الأطراف التي يجب أن تشترك في جهود تحويل العراق لبيئة استثمارية، القطاع الخاص والمجتمع المحلي والمستثمرين الأجانب، وبالتالي من خلال تحقيق هذه الرؤية، يمكن أن يكون للاستثمار دور هام في تعزيز الاقتصاد العراقي وتحقيق التنمية المستدامة في البلاد وتوفير فرص عمل وتنويع مصادر الدخل.

التحول من الاقتصاد الريعي وخلق فرص عمل

في هذا الصدد، يقول المهتم بالشأن الاقتصادي علي الملا، إن مساعي الحكومة العراقية من أجل تحويل البلاد إلى بيئة استثمارية يُعد تحرّكا في غاية الأهمية، وعلى الرغم من أنه جاء متأخرا، حيث كان يجب على العراق أن يتخذ هذه الخطوات منذ سنوات بعيدة، غير أن عدم وجود رؤية واضحة وفي ظل سوء الإدارات السابقة تأخر العراق عن هذه الخطوات.

دراسة اقتصادية تؤكد تراجع حجم الاستثمارات الخارجية في العراق/ إنترنت + وكالات

لذلك، بحسب الملا، بقي العراق معتمدا على الاقتصاد الريعي، مما وضعه تحت رحمة النفط وأسعاره، مما تسبب بغياب فرص العمل واتجاه الشباب والشابات نحو قطاع التوظيف العام، الأمر الذي فاقم من مشكلة شريحة الموظفين الكبيرة جدا، فمن الجيد أن الحكومة الحالية قد أخذت بتوصيات الأوساط الاقتصادية للخروج من حالة الاقتصاد الريعي.

الملا أكد في حديثه مع موقع “الحل نت”، أن تنشيط قطاع الاستثمارات سيدفع بتنشيط القطاع الخاص، مما يخلق آلاف فرص العمل والمساهمة بزيادة دخل البلاد بشكل عام، فالموضوع ينسحب على مستوى تشغيل المصانع وغيرها، مبينا أن ذلك يتطلب توفير بيئة آمنة للاستثمار، لاسيما وفي السابق، كان أحد أهم عوامل طرد الاستثمار في العراق هو غياب الأمن.

لذا فإن فعالية هذه الإجراءات من عدمها تعتمد على مدى وجود إرادة لدى الحكومة العراقية، فالأمر معقود بتوفير الأمن، ذلك لأن القضية لا تتعلق فقط بالمستثمر المحلي الذي يضطر للاستمرار في العمل لعدم امتلاكه فرصة أخرى، على العكس من المستثمر الخارجي الذي يعتمد بالدرجة الأولى على توفر الآمن، مؤكدا أن تنشيط قطاع الاستثمار سيحقق نهضة حيوية في إطار استدامة الاقتصاد، بيد أن ذلك، بحسب الملا، يتطلب تشريعات جديدة مدروسة على هذا الأساس.

ذلك كله يأتي، بالتزامن مع كشف رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، الثلاثاء الماضي، عن مشروع استثماري وصفه بـ”العملاق”، في بغداد، خلال لقاء جمعه مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وقال ساويرس في تغريدة على حسابه بموقع “تويتر” حول الزيارة، إنه “لقاء أخوي مثمر لمشروع عملاق في بغداد”.

في حين كانت تدفقات الاستثمارات الأجنبية في العراق، قد تراجعت بنحو 25 مليار دولار خلال خمس سنوات، فيما بلغت استثمارات ثلاث دول، منها دولتين مجاورتين للعراق بحدود 200 مليار دولار، وذلك بسبب الأموال التي خرجت نتيجة ضعف بيئة الاستثمار وعدم القدرة على جذب استثمارات أجنبية في مختلف القطاعات، بحسب دراسة أعدّها رئيس “مؤسسة عراق المستقبل” المعنية بالشأن الاقتصادي، منار العبيدي. 

بيئة عمل طاردة للاستثمارات

عن أسباب ذلك، العبيدي أشار في تصريحات صحفية في وقت سابق، الى أن العائق الأساسي للاستثمار الأجنبي في العراق هو بيئة الأعمال الضعيفة والطاردة للاستثمار، وضعف منظومة الاستثمار التي لا تملك تصورا واضحا عن أهداف الاستثمار الاجنبي في العراق، مؤكدا أن الاستثمار الأجنبي هو الحل الوحيد المتوفر أمام الدولة العراقية لمواجهة الأزمات والتحديات، فهو يمثل مصدر مهم لبناء منظومة اقتصادية داخلية.

الحكومة العراقية تكشف عن حزمة إجراءات لجذب الاستثمارات الخارجية/ إنترنت + وكالات

غياب العوامل المساعدة للاستثمار في العراق، زاد من مخاوف رأس المال العربي والأجنبي، الأمر الذي دفع الشركات الاستثمارية العملاقة للهجرة بالتزامن مع زيادة استهداف المصالح الأجنبية والأميركية في العراق، وذلك خلال الفترة الأخيرة.

فعلى صعيد استقطاب الاستثمارات عربيا والتي بلغت 30.8 مليار دولار خلال 2018، أظهرت الأرقام الصادرة عن تقرير الاستثمار الأجنبي المباشر الصادر عن مؤتمر “الأمم المتحدة” للتجارة والتنمية “أونكتاد”، أن العراق كان الأقل جذبا للاستثمارات الأجنبية في العام المذكور بالمنطقة العربية.

يشار إلى أن العراق كان قد شرّع قانون الاستثمار عام 2006، بهدف جذب المستثمرين الأجانب للمساهمة في إعادة إعمار البلاد التي تعرضت بنيتها التحتية إلى دمار كبير بفعل الحروب والتوترات.

الأجدر ذكره، أن إجراءات الحكومة العراقية الحالية بشأن تحفيز قطاع الاستثمار الخارجي، تأتي مع حاجة العراق الماسة لهذه الاستثمارات، إذ إنه يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية وصحية، باعتبارها مصدرا هاما وخطوة ناجحة وضرورية في ظروف استثنائية كهذه، لتمويل نفسه واستغلال الموارد الطبيعية، إضافة إلى كسر الاحتكار المحلي من خلال تعزيز القدرة التنافسية بفتح أسواق جديدة مع الخارج.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات