منذ بدء الاحتجاجات في محافظة السويداء يوم السادس عشر من الشهر الجاري، اتخذ المحتجون العصيان المدني والإضراب كأحد أشكال الاحتجاج على أداء الحكومة السورية، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات.

لليوم الرابع على التوالي تعيش مدينة السويداء إضرابا شبه عام، يشمل المحال التجارية والمؤسسات الحكومية والمدارس، فيما تستمر الدعوات لأن يشمل الإضراب مدن سورية أخرى احتجاجا على تردي الوضع المعيشي في البلاد، خصوصا بعد القرارات الحكومية الأخيرة التي فاقمت الوضع المعيشي للسوريين.

دعوات الإضراب شملت عدة مدن سورية، وانتشرت دعوات على صفحات موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تدعو للإضراب في مدينة جبلة ومدينة درعا جنوبي البلاد، حيث شهدت تلك المناطق أيضا مظاهرات عديدة خلال الأيام القليلة الماضية رفضا للقرارات الحكومية الأخيرة.

استمرار الإضراب؟

الاحتجاجات تركزت كذلك على فشل الحكومة السورية خلال الفترة الماضية، في إيجاد حلول مناسبة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية، فيما اتجهت إلى تحميل عبء الأزمة إلى المواطنين عبر رفع أسعار المواد الأساسية، وسحب الدعم من العديد من المواد وفي مقدمتها المواد النفطية.

“الإضراب شكل من أشكال الاحتجاج السلمي ونحن مستمرون”، قال الناشط محمد همام (اسم مستعار لناشط من السويداء)، مؤكدا أن هناك دعوات لأن يشمل الإضراب العديد من المدن الأخرى، وهناك تجاوب شعبي جيد مع حركة الاحتجاج التي بدأت الأسبوع الماضي.

همام أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “مطالبنا ليست سياسية بالدرجة الأولى، لكن بكل تأكيد فإن السياسة مرتبطة بالاقتصاد، الفشل السياسي للحكومة أوصلها إلى الفشل الاقتصادي، الاقتصاد منهار تماما، والحكومة لا تملك شيء، حتى إنها لا تملك الجرأة على الاعتراف بالفشل، دائما ما تقدم الوعود الوهمية المتعلقة بتحسين الواقع المعيشي، وما يحصل هو العكس تماما”.

قد يهمك: “ياريت نهج من هالبلد”.. تعليقات ساخرة حول ارتفاع أسعار الغاز بسوريا

الرئيس السوري بشار الأسد، أصدر مرسومين زاد بموجبهما رواتب العاملين في القطاع العام بنسبة 100 بالمئة في وقت متأخر من ليل الثلاثاء الماضي، تزامنا مع رفع الدعم الكلي عن البنزين والجزئي عن المازوت، الأمر الذي عقّد الموقف ودفع الأهالي في السويداء وعدد من المناطق للخروج احتجاجا على هذه القرارات.

مزيد من الانهيار المعيشي

يوم الأربعاء الفائت، وفي ليلة واحدة، تغيرت حياة الملايين من السوريين بشكل جذري، بعد أن أصدرت السلطات السورية قرارات اقتصادية غير مسبوقة، تشمل زيادة مئوية على الرواتب والأجور والمعاشات للعاملين والمتقاعدين في الدولة، وإلغاء الدعم عن مادة البنزين بشكل كامل، ورفع أسعار النفط ومشتقاته بكافة الأصناف. 

هذه القرارات، التي جاءت في ساعات متأخرة من مساء يوم 15 آب/أغسطس 2023، لم تهدف إلى مواجهة التضخم المتفاقم في سوريا، الذي بلغ نسبة 3000 بالمئة في شهر تموز/يوليو الماضي، والذي يؤثر سلبا على قدرة المواطنين على شراء السلع والخدمات الأساسية.

تزامنا مع دعوات الإضراب في مدينة جبلة الساحلية، فإن عموم مناطق الساحل تعيش خلال الأيام القليلة الماضية حالة من الحذر والترقب، حيث تنتشر قوات الأمن في معظم شوارع المدن، تحسبا فيما يبدو لانتقال عدوى الاحتجاجات إلى هذه المناطق.

بحسب مصادر محلية، فإن حملة اعتقالات شنّتها القوات الأمنية مؤخرا، طالت العديد من الناشطين، الذي يُعتقد أنهم مشاركون في حملة الدعوات إلى التظاهر والإضراب احتجاجا على الأداء الحكومي، كذلك فقد أظهرت صور نشرها ناشطون عبر الإنترنت، كتابة عبارات عديدة على جدران مدينة جبلة تدعو للتظاهر ضد المؤسسات الحكومية.

مع غياب أي رؤية حكومية، لتقديم حلول من شأنها أن ترضي المحتجين في السويداء، بدأ بعض الناشطون بالتخوف من تصعيد محتمل ضد الأهالي في السويداء وغيرها، خاصة وأن التصعيد الأمني يبدو أنه الأداة الوحيدة بيد السلطة في سوريا، في ظل غياب الحلول عن خطط الحكومة.

حتى اللحظة لم تقدم الحكومة السورية أي خطط أو رؤية محددة، من شأنها امتصاص غضب الشارع السوري، فيما يؤكد خبراء أن الحكومة فقدت جميع أدواتها، ولم يَعد بإمكانها إلا تحميل العجز الحكومي إلى المواطن عبر رفع الأسعار وإزالة الدعم، الأمر الذي سيتسبب بمزيد من الانهيار فيما تخص الليرة السورية وبالتالي ارتفاع آخر في أسعار السلع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات