أجرة نقل السيارة 3 ملايين.. تكاليف الإنتاج تلهب أسعار السلع الغذائية

قفزات تاريخية شهدتها أسعار السلع والمواد الغذائية في سوريا خلال الأسابيع القليلة الماضية، متأثرة بارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار المواد الأولية والمحروقات، الأمر الذي انعكس سلبا على أسعار السلع، حتى أصبح التسوق بمثابة مهمة الرعب بالنسبة لمعظم السوريين.

“المواد مو غالية بس المصاري ما عاد إلها قيمة”، بهذه العبارات يعبّر بعض السوريين عن الحال الذي وصلت إليه الأسواق السورية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف إنتاج جميع السلع والمواد لا سيما الغذائية منها، إذ إن ارتفاع أسعار المواد الأولية أرهق المنتجين، كما أفضى إلى إغلاق العديد من أصحاب المتاجر لمحالهم وإيقاف عملية البيع.

على الرغم من زيادة الرواتب التي أعلنت عنها الحكومة السورية الشهر الماضي، يجد معظم السوريين رواتبهم لا تكفي لسد تكاليف 20 بالمئة من الاحتياجات الأساسية والغذاء، وتؤكد التقارير المحلية، أن أسعار السلع والمواد الغذائية قفزت بشكل “مخيف” خلال الأيام الماضية، متأثرة بالقرارات الحكومية الأخيرة.

الخضار والفواكه

الخضار والفواكه كانت من بين المواد الأكثر تأثّرا بالانهيار الاقتصادية خلال الأسابيع الماضية، وذلك نتيجة تأثّرها بارتفاع المحروقات، خاصة وأن الخضار والفواكه تتعرض للنقل كثيرا من مكان إلى آخر، ما يعني أن المواد النفطية مساهمة بتكاليفها بشكل رئيسي.

بحسب تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، فقد وصل سعر مبيع كيلو الثوم الصيني إلى أكثر من 30 ألف ليرة وتراوح سعر كيلو البطاطا بين 3500 و4500 ليرة، والبندورة بين 3000 و3500 ليرة، إضافة للبصل الذي تراوح سعر الكيلو منه بين 2500 و3500 ليرة ناهيك عن الفواكه بمختلف أنواعها التي تجاوزت أسعارها التوقعات وباتت بمعظمها فوق 10 آلاف للكيلو الواحد.

حول العوامل التي أثّرت بشكل كبير على أسعار الخضار والفواكه، بيّن عضو لجنة تجار ومصدري الخضر والفواكه بدمشق موفق الطيار، أن ارتفاع أجور  النقل بعد صدور قرار رفع أسعار المحروقات كان من أبرز العوامل التي ساهمت بارتفاع أسعار الخضر والفواكه في السوق مؤخرا.

بعد ارتفاع أسعار المحروقات، ارتفعت أجور النقل بنسبة لا تقل عن مئة بالمئة، وبحسب تصريحات الطيار لصحيفة “الوطن” المحلية، فقد بلغ أجرة سيارة نقل الخضار والفواكه من اللاذقية إلى دمشق 3 ملايين ليرة سورية، بعد أن كانت بحدود مليون ونصف قبل قرار رفع أسعار المحروقات.

قد يهمك: حمى الأسعار تواصل الارتفاع بسوريا.. مشتقات العجين والحليب تنافس المحروقات

الطيار أكد انخفاض معدلات استهلاك الفواكه هذا الموسم في سوريا بشكل كبير نتيجة ارتفاع الأسعار، حيث انخفض الاستهلاك بنسبة  50 بالمئة مقارنة بالموسم الماضي، فضلا عن انخفاض حركة مبيعها بشكل واضح في السوق، حسب قوله.

زيادة الرواتب والأجور كانت بمثابة قنبلة فجّرت أسعار السلع والخدمات خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ إن الزيادة بنسبة مئة بالمئة على الرواتب، كانت انعكاساتها مضاعفة على الأسواق، حيث شهدت معظم السلع ارتفاعا وصل إلى 200 و300 بالمئة، فضلا عن القرارات الحكومية الخاصة برفع الدعم عن بعض المواد الأساسية.

مع هذا التدهور الجديد في الواقع المعيشي السوري، عاد بعض المسؤولين الحكوميين إلى الحديث عن وجود خطة من شأنها تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، الأمر الذي أثار مخاوف بعض السوريين، حول حدوث انهيار جديد في الأوضاع المعيشية بالبلاد.

خطط لتحسين المعيشة؟

رئيس “اتحاد العمال” في سوريا جمال القادري، دعا إلى تسريع إقرار جميع أنظمة الحوافز في سوريا لكل الجهات هذا العام. لافتا إلى أن “سياسة الدعم مستمرة كذلك إيصاله لمستحقيه” حسب قوله، كما اعتبر أن أنظمة الحوافز ستساعد العمال على مواجهة صعوبات المعيشة، وأضاف “طبقتنا العاملة كانت وستبقى متراسا أساسيا من متاريس صمود الوطن”.

القادري، أكد في تصريحات نقلها موقع “سناك سوري” المحلي، أن “هناك خطوات قادمة لتضييق الفجوة بين الدخل والأسعار لأدنى حدّ ممكن”، وهو ذاته الذي كان قد دعا الشباب قبل نحو عامين إلى عدم السفر والهجرة، واعدا إيّاهم بانفراجات كبيرة وقريبة.

هذه التصريحات أصبحت تستفز السوريين وتثير مخاوفهم أحيانا، حيث علّق سامر فتاح، على تصريحات المسؤول الحكومي قائلا، “طالما في وعود بانفراجات قريبة معناها الوضع رايح للأسوأ، يمكن لو الحكومة ما تشتغل شي أبدا على الأقل الوضع بيضل على حاله مع الأسف”.

لم تعُد هناك قائمة أسعارٍ مستقرة في سوريا، فلا يكاد يمرّ يوم على السوريين خلال الأسابيع القليلة الماضية، إلا ويتم تعديل أسعار قسمٍ من السلع والخدمات في البلاد، وبالطبع هذا التعديل يكون برفع الأسعار، وهذه العملية ناتجة بالدرجة الأولى عن قرارات الحكومة برفع أسعار المواد الأساسية.

منذ بداية العام الجاري، كثيرا ما تحدثت الحكومة عن وجود خطة للتعافي الاقتصادي في سوريا، وتحسين أسعار السلع الأساسية في الأسواق، لكن مع كل قرار حكومي جديد متعلّق بالأوضاع المعيشية في البلاد، كان الأمر يزداد سوءا، حتى بات السوريون يطالبون الحكومة بعدم إصدار أية قرارات تتعلق بتحسين الواقع المعيشي، لأن هذه القرارات غالبا ما تكون معكوسة الاتجاهات.

الحكومة السورية كانت قد أصدرت سلسلة من القرارات تزامنا مع زيادة الأجور والرواتب، تنصّ على إلغاء الدعم عن البنزين بشكل كامل، كذلك قررت رفع أسعار المشتقات النفطية بخمسة قرارات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات