الليرة التركية في رحلة هبوطها: أبرز محطات الأزمة الاقتصادية التركية وآثارها في عام 2020

الليرة التركية في رحلة هبوطها: أبرز محطات الأزمة الاقتصادية التركية وآثارها في عام 2020

الحل نت (تركيا)

سجلت الليرة التركية تدهوراً لم تشهده منذ عقود بعد أن وصلت لمستويات هبوط قياسية أمام باقي العملات خلال عام 2020، وسط انتقادات طالت سياسة الحكومة التركية في التعامل مع أزمة الليرة ومعالجة الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تشهدها #تركيا.

كما امتد تأثير التدني في صرف سعر الليرة التركية خلال العام الحالي إلى جميع القطاعات الاقتصادية، حيث ارتفعت تكاليف استهلاك الماء والكهرباء والاتصالات والمواصلات، وأدّت الأزمة إلى ارتفاع أسعار الخبز، وألقت الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية بظلالها على مختلف المقيمين في تركيا من أتراك وأجانب ومن ضمنهم السوريين خاصة وأن غالبيتهم من اللاجئين والفقراء.

وحسب بيانات موقع doviz المتخصص بنشر أسعار صرف الليرة التركية مقابل العملات الأجنبية، يتبين أن الليرة التركية انخفضت قيمتها باستمرار منذ بداية العام ولم تفلح جهود الحكومة في جذب المستثمرين، وذلك في محاولة منها لإصلاح الأضرار التي لحقت بكافة القطاعات الاقتصادية خاصةً بعد الأزمة التي خلقها تفشي فيروس كورونا في البلاد.

محطّات الليرة التركية عام 2020

لم تساعد تدخلات البنك المركزي التركي في إنقاذ الليرة التركية من مواصلة هبوطها، في الوقت الذي تلقي المعارضة التركية باللوم على الحكومة، معتبرة أن سياساتها الخاطئة كانت سبب أزمة البلاد الاقتصادية وتفشي البطالة وارتفاع الأسعار.

من حيث الأرقام، كانت قيمة الليرة التركية بداية عام 2020 تعادل 5,95 ليرة لكل دولار أمريكي، ومنذ شباط الماضي بدأت قيمة الليرة تنخفض حتى تجاوزت حاجز السبع ليرات في بداية أيار الماضي، ثم وصلت إلى حدود 8,58 ليرة للدولار في تشرين الثاني.

إلى ذلك، توقع اقتصاديون أن تشهد الليرة التركية مزيداً من التدهور حتى نهاية العام الحالي، وبدوره بنك “سوسيتيه جنرال” الفرنسي توقع أن تتجاوز العملة التركية حاجز التسع ليرات لكل دولار نهاية العام، بينما يبلغ سعر صرفها اليوم ما يعادل 7،81 ليرة لكل دولار أمريكي.

تأثيرات معيشية مباشرة

بالتزامن مع انخفاض الليرة التركية أعلنت الحكومة عن حزمة قرارات اقتصادية منها زيادة أسعار فواتير الغاز والمياه والكهرباء والمواصلات، وكان آخر هذه القرارات زيادة مديرية المواصلات في غازي عنتاب تعرفة النقل الداخلي، ويأتي ذلك مع اقتراب موعد تحديد الحد الأدنى للأجور لعام 2021 المقرر في 15 كانون الأول الحالي، فيما اقترح مسؤولون أتراك أن يكون الحد الأدنى للأجور قرابة 3000 ليرة تركية تتوقع وسائل إعلامية أن يراوح بين 2600 إلى 2700.

يذكر أن دخل العامل في تركيا يقارب وسطياً 2500 ليرة وهو بالكاد يغطي حاجاته الأساسية، إذ أصبح مثل هذه المبلغ بالكاد يسد تكاليف إيجار المنزل والفواتير للعديد من العائلات.

كذلك امتد التأثير السلبي لانهيار العملة التركية على السوريين المقيمين في تركيا، ومن بين هؤلاء أبو أسامة وهو لاجئ سوري اشترى في عام 2019 منزلاً في ولاية هاتاي، يقول للحل نت إن :”قيمة منزلي اليوم انخفضت إذا قارنت السعر بالدولار، فقد اشتريته بحوالي 15000 دولار منذ سنة، أما اليوم إن عرضته للبيع بالكاد يباع بحوالي 11 ألف دولار”.

ويتابع:” لو كنت اشتريته بقصد البيع بربح لخسرت فيه لا محالة، أما أسعار المنازل اليوم فارتفعت بشكل جنوني، كما أصبح كل شيء غالي حتى الخبز والخضروات والمواد الغذائية.”

المصاريف تتزايد

يقول أبو أحمد وهو لاجئ سوري يعمل بمجال الإنشاءات في غازي عنتاب خلال حديثه للحل نت :”باتت الـ 100 ليرة تركية تصرف بيوم واحد بينما كانت تكفي من قبل لأكثر من يوم.” ويضيف مواصلاً شرحه لسوء الأحوال المعيشية: “المصاريف أرهقتنا في تركيا، الوضع سيء للغاية فكل ما نتقاضاه عن عملنا بل وأكثر يذهب لقاء المصاريف الضرورية… ارتفعت الإيجارات والفواتير بينما ما زلت أتقاضى أجراً يومياً يعادل 120 ليرة تركية منذ سنتين، بالكاد نغطي مصاريفنا الشهرية بسبب غلاء الأسعار.”
فيما ينتظر أبو أحمد أن يرفع له رب عمله أجرته اليومية بما يتناسب مع الظروف المعيشية، ويؤكد أنّه سيترك العمل إن بقي أجره كما هو عليه.

في نفس السياق، تأثر معظم العمال السوريين من انخفاض صرف الليرة التركية خلال السنة الحالية، بينما تؤكد أرقام هيئة الإحصاء التركية أن البطالة ارتفعت في عموم البلاد، حيث وصلت إلى 13,4 وكانت القرارات المتخذة لوقف تفشي فيروس كورونا من أبرز الأسباب التي أدت لارتفاع نسب البطالة.

الذهب أنسب للادخار

تأثر معظم السوريين المقيمين في تركيا من انخفاض سعر صرف الليرة، إضافة إلى الظروف التي فرضها تفشي فيروس كورونا والتي أجبرت كثيرين منهم على التوقف عن العمل، إلا أن بعضهم ما زال يحاول ادخار القليل المال، لذا يتجه معظم السوريين إلى ادخار أموالهم عبر شراء الذهب للحفاظ على قيمة ما لديهم من أموال، إذ تقول فاطمة وهي لاجئة سورية تقيم في غازي عنتاب :”حسب تجربتي فإن الذهب أفضل شيء للادخار، فقد ارتفع سعره أمام الليرة التركية وتجاوز الغرام من عيار 24 حاجز 450 ليرة تركية”.

كما تؤكد أنها ليست الوحيدة التي تحفظ أموالها عبر تحويل ما لديها من أموال إلى ذهب بل هناك كثير من السيدات السوريات اللواتي يفعلن ذات الشيء.
إلى ذلك، شهدت محال الذهب إقبالاً كبيراً من الأتراك والسوريين وبقية المقيمين في تركيا خلال العام الحالي بالتزامن مع تدهور قيمة الليرة التركية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة