التدخل الإسرائيلي في سوريا: هل نجحت طهران بنزع أنياب طائرات تل أبيب؟

التدخل الإسرائيلي في سوريا: هل نجحت طهران بنزع أنياب طائرات تل أبيب؟

تثير تطورات التدخل الإسرائيلي في سوريا كثيراً من الأسئلة عن التكتيك الحربي، الذي تتبعه تل أبيب في مواجهة التحركات الإيرانية في سوريا. فقد أدت الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة لمطار دمشق الدولي إلى مقتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص. من بينهم قائد بارز في حزب الله. إلا أن هذا لا يعني بالضرورة نجاحاً إسرائيلياً كبيراً في ضرب النفوذ الإيراني. بل قد يشير أيضاً إلى استمرار الوجود والانتشار الإيراني على الأرض، وبأساليب مختلفة. رغم مئات عمليات القصف الجوي الإسرائيلي.  

ومنذ بدء التدخّل الإسرائيلي في سوريا. عبر شن الطائرات الإسرائيلية غاراتها على المواقع الإيرانية، ابتداءً من عام 2011، لم يتمكن تكتيك الحرب الإسرائيلي من إيقاف انتشار القوات الإيرانية في البلاد. رغم كل الخسائر التي أوقعها بالإيرانيين. بل على العكس، استمرت إيران في إنشاء قواعد جديدة. وإطلاق صواريخ على إسرائيل، بينما تظلّ الأخيرة في حالة تأهب قصوى. فما الذي يحدث فعلاً؟ وما الذي تقصده إسرائيل من استمرار قصفها، رغم كونه لا يؤدي إلى اجتثاث قوى الميلشيات الإيرانية في سوريا؟

روسيا ورسم حدود التدخل الإسرائيلي

رغم تكثيف التدخّل الإسرائيلي في سوريا، ومع أن إسرائيل تضرب مواقع إيران في سوريا من خلال الغارات الإسرائيلية خلال النصف الأخير من العام الماضي. إلا أن القيادة العسكرية للمقاتلين الإيرانيين أكدت لمقاتليها، بحسب معلومات حصل عليها موقع «الحل نت»، أن تنسيقاً بين روسيا وإيران سيفضي إلى تجنّب استهدافهم. مستشهدةً بالتصريحات الروسية الأخيرة. فقد بدت موسكو منزعجة من الغارات الإسرائيلية في سوريا، وخاصة أن إسرائيل ضربت في وضح النهار هدفاً داخل سوريا. لدى استهدافها مطار دمشق، وهي سابقة لم تحدث من قبل.

“عبد الودود الضحيك”، وهو قائد مجموعة محلية، تابعة لـفيلق القدس الإيراني في ريف حمص، كشف لـ«الحل نت» أن «قيادة فيلق القدس أوعزت لجميع المقاتلين، خلال اجتماع عقد قرب مطار الضمير العسكري لقادة المجموعات العسكرية التابعة لها، أن عهد استهداف معسكراتهم قد ولّى. وأن الإيرانيين الآن شركاء مع الروس في سوريا. كما أن الهدف الحالي هو قتال تنظيم داعش».

الاجتماع، الذي لم يخل من الكلمات والجمل التحفيزية، كشف، بحسب المصدر، عن «خطة عسكرية جديدة لتوزيع المقاتلين الموالين لإيران على المناطق التي ينتشر فيها تنظيم داعش. أمّا المقاتلون القادمون من إيران، ومن الجنسيات الأجنبية، فسيتم توزيعهم على قيادة المراكز والمجموعات على الحدود السورية. إضافة إلى توليهم مسؤولية تدريب المقاتلين المحليين».

ويتابع “الضحيك” أن «القيادة الإيرانية ترى أنها استطاعت الفوز بالنفوذ داخل سوريا. عبر الضغط على الدول الغربية من خلال الملف النووي. وتحييد تدخل إسرائيل في سوريا عن استهداف الميلشيات الإيرانية بشكل مباشر وفعّال. إذ يعتقد القادة الإيرانيون أن هنالك ضغطاً دولياً مورس على تل أبيب. لضبط غاراتها. والتركيز على الأسلحة التي تكتشفها عبر راداراتها فقط. مع ضرورة  إبلاغ روسيا قبل تنفيذ أية غارة».

الطائرات بدون طيران في مواجهة التدخل الإسرائيلي في سوريا

وفقاً لهذا فإن التدخل الإسرائيلي في سوريا لن يطال نقاط تنسيق وتعاون الإيرانيين مع الروس. وهو ما أكده لـ«الحل نت» ضابط في القوات النظامية، يعمل في مطار “الشعيرات” العسكري. كشف بعض المعلومات، التي تفسّر التحركات الإيرانية الجديدة في سوريا.

يقول العسكري، الذي يعمل في برج المراقبة بالمطار، إن «روسيا تؤمّن غطاءً لإيران، من خلال توفير جسر من الساحل الإيراني مباشرةً إلى طرطوس. في القاعدة البحرية الروسية هناك. إضافة إلى جسر آخر من إيران إلى مطار دمشق الدولي. وهذا الجسر مكّن طهران من استقدام المعدات اللازمة لإنشاء ثلاث قواعد، لتجهيز وتركيب طائرات بدون طيار».

ويشير مصدر «الحل نت»، الذي رفض نشر اسمه، إلى أنّه «بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة بدأت إيران في تجهيز قواعد عسكرية جديدة لها أيضاً في دير الزور والرقة وحمص. ونصبت فيها صواريخ بعيدة ومتوسطة المدى».

وحول القواعد الجديدة وأروقتها الخفية تشير المعلومات، التي حصل عليها «الحل نت»، إلى أنّ «القاعدة الأولى، وهي الأكبر، تقع في مطار الشعيرات العسكري. ويشرف عليها قادة الحرس الثوري بأنفسهم. وتضمّ عنبرين من الكتل الأسمنتية. يتم فيهما تخزين المعدات والقطع، التي تأتي من طهران. وهنالك يتم تجميع ثلاثة أنواع من الطائرات المسيّرة. وهي “مهاجر” و”شاهد” و”كرار”. فيما عمدت إيران إلى تخصيص قاعدتي الطبقة ومعدان العسكريتين لتجميع طائرات “شاهد”، التي تستخدمها في الرصد والمراقبة. أما قاعد “علي” في دير الزور فخصصت لتدريب وتأهيل المقاتلين على كيفية استخدام تلك الطائرات، التي تمت تجربتها في جمع المعلومات عن قواعد التحالف الدولي ضد الإرهاب، والمراكز العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، خلال الشهر الماضي».

تل أبيب تحت أنظار طهران رغم التدخل الإسرائيلي

وكانت إيران، بحسب مصادر «الحل نت»، قد بدأت بتنفيذ تكتيكها العسكري الجديد، وسط وقائع التدخل الإسرائيلي في سوريا، وتحت القصف والاستهداف المتكرر.  وقد انطلقت بتنفيذ مشروعها من العراق. حيث أنشأت، في شباط/فبراير 2021، معسكرات في صحراء كربلاء. درّبت فيها عناصر من الحشد الشعبي، وعناصر من سوريا، لمدة ثلاثة أشهر، على كيفية تجميع وتركيب قطع الطائرات المسيرة. إضافة لذلك ركّزت في تدريباتها على العناصر السوريين، من أجل تنفيذ مهام استطلاعيه على الحدود السورية – الإسرائيلية.

وتحاول إيران إقامة وجود عسكري دائم في جميع أنحاء سوريا، من خلال «زيادة عدد قواتها من ثلاثة آلاف إلى خمسين ألف جندي. كما ارتفع عدد المقاتلين الموالين لها داخل البلاد من ألفين وستمئة ضابط، واثني عشر لواءً في عام 2015، إلى ثمانية آلاف ومئتي ضابط، و وأربعة وعشرين لواءً اليوم». وفقاً لما أفاد به “عبد الودود الضحيك”.

“سكاي ديو”: الحل الأخير لإسرائيل

المعطيات العسكرية خلال العام الماضي تشير إذاً إلى أن التدخل الإسرائيلي في سوريا لم ينجح في تكتيكاته الحربية ضد إيران. وفي منع القوات الإيرانية من إقامة وجود عسكري في سوريا. بل على العكس، حققت إيران نجاحاً، من خلال استمرار نشر قواتها داخل سوريا. كذلك الاستثمار بكثافة في إنتاج الطائرات بدون طيار، التي ستهدد بها منطقة حوض البحر المتوسط بأكملها.

وكان سلاح الجو الإسرائيلي قد صرّح، في الرابع من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عن اختبار منظومة الرادار الجديدة “سكاي ديو”. إذ تعتزم إسرائيل إطلاق منظومة الرادار الأحدث والأكبر من نوعها في العالم في أوائل عام 2022، قرب الحدود السورية واللبنانية. كما تهدف للكشف عن التهديدات الجوية المتقدمة. واستشعار واكتشاف الصواريخ بعيدة المدى، وصواريخ “كروز”. والطائرات بدون طيار، على مدى أكبر.

وبذلك تعي إسرائيل أنه بات من المهم الكشف عن التهديدات الإيرانية من الطائرات المسيّرة وصواريخ “كروز”. فبالرغم من مئات الغارات، التي نفذت في إطار التدخل الإسرائيلي في سوريا على المواقع الإيرانية، إلا أن الحل الأخير الذي بقي أمام إسرائيل هو الكشف المبكّر عن التهديدات الإيرانية. بعد أن أصبح اجتثاثها نهائياً من سوريا غير ممكن.  

للقراءة أو الاستماع: تفجيرات منشأة نطنز النووية: هل أتمّت إسرائيل اختراق إيران عسكرياً وأمنياً؟

وعليه يرى المتعاونون مع القوات الإيرانية أن التدخل الإسرائيلي في سوريا، عبر القوات الجوية، لم يكن له أي تأثير ملحوظ على النفوذ العسكري الإيراني، الذي يستمر في النمو بمعدل ينذر بالخطر. كما يقولون إن «إيران تنظّم قواتها العسكرية في سوريا بهدف تكثيف نشاطها. مما يعطي الانطباع بأنها مستعدة لمواجهة محتملة مع إسرائيل».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.