الصناعة السورية تراقب التدهور الاقتصادي وتسجل تراجعاً صادماً

الصناعة السورية تراقب التدهور الاقتصادي وتسجل تراجعاً صادماً

في الـ31 من كانون الأول 2021 أصدرت وزارة الصناعة التابعة لحكومة دمشق تقريرا يتحدث عن أرباح الوزارة. وبحسب التقرير وصلت قيمة أرباح الوزارة للعام 2021 إلى 188 مليار ليرة سورية (52 مليون دولار)، بزيادة 96 مليار ليرة سورية (26 مليون دولار) عن العام الذي قبله.

وجاء في التقرير أن المؤسسة العامة للصناعات الهندسية تصدرت قائمة المؤسسات بأرباح قدرت ب 68.2 مليار ليرة (19 مليون دولار)، تليها الصناعة النسيجية ب 42 ملياراً (11.5 مليون دولار) ثم الإسمنت 39,1 مليار (10.8 مليون دولار)، ومؤسسة التبغ 18 مليار ليرة (5 مليون دولار) ، تليها الأرباح الأقل في الصناعات الغذائية والمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية والمؤسسة العامة للسكر وحلج وتسويق الأقطان.

وترجع الوزارة هذا النشاط في القطاع الصناعي إلى القوانين والقرارات التي أصدرتها، منها القانون رقم 30 المتضمن إعفاء المواد الأولية المستوردة كمدخلات للصناعة من الرسم الجمركي والقانون رقم 18 الذي يتيح توفير الظروف الجيدة لفعاليات الاستثمار وجذب رؤوس الأموال، بحسب وصف الوزارة.

وفي تقرير آخر لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية فإن قيمة الصادرات في المناطق التي تسيطر عليها حكومة دمشق قد وصلت إلى 471 مليون دولار حتى نهاية الشهر الثامن من العام 2021، لتسجل بذلك تراجعا كبيرا عما كانت عليه عام 2010 والتي وصلت فيه الصادرات السورية إلى 8.8 مليار دولار.

خلال السنوات الخمس الأولى من اندلاع الحرب شهدت سوريا تقلص في عدد المنشآت الخاصة المسجلة بشكل رسمي وصلت فيه إلى النصف مقارنة بما قبل اندلاع الحرب، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة في سوريا إلى أكثر من 50 بالمئة لتحتل المرتبة الأولى عالميا في البطالة لعام 2019 بحسب “منظمة العمل الدولية”.

سوء تخطيط

ومنذ سنوات طويلة تعاني حكومة دمشق من سوء التخطيط وندرة البحث العلمي وعدم ربطه باحتياجات السوق، وضعف مستويات التأهيل والتدريب لدى القطاعات المختلفة، وارتفاع أعداد الوافدين من خريجي الجامعات والمعاهد إلى سوق العمل ليلعب ذلك دوراً كبيراً في تفشي البطالة بين أفراد المجتمع السوري.

ومن جهة أخرى تعكس الأرقام المذكورة حجم الضرر والدمار الذي شهده القطاع الصناعي في سوريا نتيجة الحرب الدائرة فيها، حيث قدرت قيمة الخسائر في القطاعين الصناعي والتجاري بنحو 4.5 مليار دولار في عام 2019، بسبب تعرض المنشآت الصناعية ومنتوجية المواد الأولية للتدمير والإفلاس.

من جهته اعتبر المستشار الاقتصادي، أسامة القاضي، في حديثه لـ “الحل نت” أن هذه الأرقام الصادرة عن وزارة الصناعة رغم هشاشتها لا تخلو من عدم المصداقية و أن 52 مليون دولار رقم ضعيف جدا، أمام حجم إنتاجية 127 ألف شركة خاصة كانت مسجلة عام 2009، والتي كانت تنتج أكثر من 20 ضعف هذا الرقم.

وحول القوانين التي سنتها وزارة الصناعة قال القاضي إن “الصناعيين غير معنيين بهكذا قوانين مفسرا ذلك بانتشار الفساد المقيت في مناطق حكومة دمشق، وأن ما يتم إعفاءه بالقانون يتم أخذ أضعافه بعدة طرق لاحقا كاستصدار التراخيص، أو الحصول على القروض البسيطة وإدخال البضائع”.

وأضاف القاضي أن القوانين والمراسيم لاتعكس أي تقدم في النشاط الصناعي، فالمرسوم رقم 3 عطّل النشاط الصناعي الذي يحتاج لقطع أجنبي لدفع احتياجاته من مواد أولية.

يذكر أن المرسوم رقم 3 الصادر عام 2020 يجرم أي شخص يتعامل بغير العملة المحلية بسبع سنوات سجن.

ولا يخفى على أحد أن دول الجوار قد استقبلت أصحاب رؤوس الأموال الذين اتجهوا نحو الاستثمار في مختلف القطاعات وأهمها كان القطاع الصناعي، فالمستثمرون السوريون دخلوا أسواق كالأردن ولبنان وتركيا ومصر، وأقاموا مشاريع تعتمد على الإنتاجية الصناعية، وقدرت هذه التدفقات النقدية الاستثمارية إلى دول الجوار بعشرات مليارات الدولارات هربا من الوضع الاقتصادي المتردي في سوريا وغياب الحلول الحكومية لمشكلات الكهرباء والمحروقات وصعوبة التصدير في ظل الشرخ الحاصل بين سعري الصرف الرسمي والسوق السوداء.

دمشق في معرض دبي 2022

مع بداية السنة الجديدة صرح رئيس لجنة المعارض في غرفة صناعة دمشق وريفها وعضو مجلس إدارتها، أن غرفة صناعة دمشق وريفها تعمل على التحضير حاليا لمعرض “غلفود دبي 2022”.

وذكر المكتب الإعلامي في غرفة صناعة دمشق وريفها أن الجناح السوري سيشهد مشاركة 27 شركة غذائية سورية.

متخصصون في الاقتصاد يرون أن مشاركة غرفة صناعة دمشق وريفها في هكذا معارض لن تساهم في دوران عجلة الصناعة في سوريا، فسياسات الاستثمار غير السليمة والتي تتبعها حكومة دمشق منذ فترة ما قبل الحرب في سوريا، وتعقيد إجراءات تدفق رؤوس الأموال المتخصصة للاستثمار وتوجيه الاستثمارات إلى قطاعات غير إنتاجية وسيطرة العائلة الحاكمة على المشاريع الحيوية في سوريا، أدت بالمحصلة إلى هروب الكثير من رؤوس الأموال إلى خارج البلاد.

القاضي وفي تعليقه على مشاركة الشركات السورية بمعرض دبي، قال لـ”الحل نت” بأن الإعلان عن المشاركة ليس أكثر من دعاية إعلامية تسوق لها حكومة دمشق، فالمستوردات الغذائية من سوريا باتت تحت المراقبة الشديدة بسبب ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة المصدرة من سوريا.

وتابع المستشار الاقتصادي “الشركات المشاركة في المعرض إن استفادت فستكون الاستفادة خجولة جدا، لما يمكن أن يقدمه القطاع الصناعي للاقتصاد في سوريا” بحسب تعبيره.

يذكر أن معرض “غلفود دبي” سيقام بين 17 و21 شباط/فبراير من العام الجاري في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو معرض تجاري سنوي للأغذية والمشروبات، وسيشارك في المعرض أكثر من 185 دولة، و4000 شركة متخصصة.

الجدير بالذكر أن خضوع حكومة دمشق لعقوبات دولية، سيحول دون تحقيق الخطط المرجوة لهكذا معارض.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.