ارتفعت أسعار الأغذية الأساسية وسلع الاستهلاك اليومي في الأسواق السورية خلال العام الماضي بشكل كبير، وسجلت ارتفاعا متزايدا منذ مطلع الشهر الجاري حتى زادت نسبة الارتفاع مؤخرا بشكل فاق كل تقديرات المحللين الاقتصاديين.

لقد حمل العام الجديد عدة تغييرات في أرقام الاقتصاد السوري، والتي اتجهت للانحدار بمقابل اتجاه الأسعار لقفزات مضاعفة لا يمكن التوقع إلى أين ستتجه بعد ذلك وكيف ومتى سيتم ضبطها. فالعام الحالي لن يختلف عن سابقه، فمع ارتفاع الأسعار في سوريا، سيكون على المدنيين الاعتبار بأن التطمينات الحكومية لا جدوى منها.

ارتفعت المستويات العامة للأسعار فزاد متوسط تكلفة المعيشة بنسب تتراوح بين 40 بالمئة، وحتى 70 بالمئة، خلال العام 2021، ما يدفع للتساؤل حول مصير الارتفاع المضطرد لأسعار المواد الغذائية وسلع الاستهلاك اليومي.

تحليق الأسعار في سوريا

ولعل سبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في سوريا بداية العام الجديد تعود إلى الافتقار إلى التحكم في العرض، وهو الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع في سوريا، وقد أدى الارتفاع الأخير في أسعار الوقود إلى تفاقم المشكلة.

فحلقت أسعار اللحوم، مطلع الشهر الجاري، حيث بلغ سعر كيلو لحم الخروف الضأن 42 ألف ليرة سورية، والدجاج 8800 ليرة، وشرحات الدجاج 19500. كما وصل سعر كيلو الطحين إلى 3800، وبيعت البيضة الواحدة، بـ550 ليرة سورية، ووصل سعر ليتر الحليب إلى 2200 ليرة.

وبلغ سعر كيلو السكر 3500 ليرة سورية، وكيلو الأرز 3 آلاف ليرة. فيما ارتفع كيلو الشاي 4 آلاف ليرة ليصبح الكيلو بـ30 ألف. أما القهوة فقد وصل سعر الكيلو الواحد منها إلى 35 ألف ليرة سورية.

وبلغ سعر كيلو البرغل 2800 ليرة، وسعر كيلو العدس 3 آلاف ليرة، والفريكة 9 آلاف ليرة، وملح الطعام ارتفع سعره 50 ليرة ليصبح بـ400 ليرة، كما بلغ سعر الزيت النباتي 18 ألف ليرة.

إن ما يعانيه المواطن في مناطق سيطرة حكومة دمشق من وضع اقتصادي متردي، لا يتعلق فقط بتذبذب أسعار الصرف وانهيار الليرة السورية، وفق رأي المحلل الاقتصادي، أدهم قضيماتي.

وتابع خلال حديثه لـ”الحل نت”، “يجب التنويه إلى أن استقرار الليرة الحالي هو نتيجة الحالة الأمنية والضغط التي تفرضه حكومة دمشق على كل من يتعامل بغير الليرة السورية، إلا أن سعرها لا يتوافق مع قيمتها الفعلية”.

فيما أشار إلى أن ندرة المواد والخدمات الأساسية كالكهرباء والمحروقات رفع من أسعار المواد الغذائية، وبالتالي انعكس ذلك على أسعار المواد بشكل مباشر، كما أن تدهور قيمة الليرة السورية من فترة لأخرى جعل الأسعار تحت ضغط الارتفاع المباشر وبفترات قريبة جدا، فضلا عن تأثير زيادة الهجرة إلى الخارج بخاصة أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة بسبب ازدياد تردي الوضع المعيشي.

بينما اعتبر الأكاديمي، والباحث الاقتصادي فراس شعبو، بأن حصول ضخ هائل للعملة من أجل تعويض رقم الموازنة العالي للسنة المالية 2022 هو الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار. وتابع لـ”الحل نت”، “بعد أن كانت الموازنة العامة للسنة المالية 2021 8.5 تريليون ليرة سورية، أصبحت للسنة الحالية 13 تريليون بيرة. هذا الفرق بين السنتين وفي ظل عدم وجود موارد للدولة فإن مؤسساتها ستُجبر الفارق من جيوب المواطنين”.

كما أضاف في سياق مواز “التضخم مرتفع، وهناك رفع للدعم الاجتماعي وذلك سيؤدي بطبيعة الحال إلى رفع الأسعار أيضا. كذلك زيادة الرواتب أدت إلى سحب الكتلة النقدية من السوق، ما يؤدي بالضرورة إلى رفع الأسعار”.

التضخم القاتل؟

قضيماتي رأى خلال حديثه بأن الاقتصاد السوري يتجه نحو التعويم الكامل لكل المواد بسبب التضخم الحاصل فيه، وكذلك مع توقف عجلة القطاعات الأساسية المنتجة كالصناعة والزراعة فإن نسب التضخم ستزداد وكذلك ستنخفض قيمة العملة إلى أن تصل لقيمتها الحقيقية.

وتابع “إن رفع الدعم الكامل عن المواد الأساسية هو سيناريو متوقع من قبل النظام بعدما وصل إلى حالة من الإفلاس غير المعلنة بعد خروج موارد الدولة من يده”.

تأتي المسؤولية الأولى في ارتفاع الأسعار على حكومة دمشق لاسيما في ظل ازدياد نسبة الفقر أيضا، في الوقت الذي تسعى فيه دمشق إلى حلول ليبرالية عبر تحرير الأسعار، في ظل بروز موجة زيادة الاستهلاك وارتفاع الأسعار العالمية، غذائية كانت أم أصناف أخرى.

رفعت حكومة دمشق جميع الأسعار وتخلت عن دعم المواد الغذائية، ورفعت الرسوم والضرائب، في الوقت الذي قلصت فيه بموازنة عام 2022 كتلة دعم المحروقات والمواد الغذائية، بينما تسعى إلى تعويم أسعار المشتقات النفطية وبيعها بأعلى من السعر العالمي، بعد إيقاف دعم واردات المواد الغذائية والمواد الداخلة في الإنتاج، الأمر الذي زاد من ارتفاع الأسعار وساهم في انتشار الفساد والاحتكار.

والجدير ذكره، أن سوريا تحتل المرتبة 101 على مؤشر الأمن الغذائي، حيث وجاء ذلك في تقرير لمجلة “إيكونوميست” البريطانية، الصادر في 25 من شباط/فبراير الماضي. فيما كانت ارتفعت أسعار السلع بنسبة 107 بالمئة في مناطق سيطرة حكومة دمشق منتصف عام 2020، كما تضاعفت في نهاية العام الفائت.

بينما قدر “برنامج الأغذية العالمي”، أن حوالي 60 بالمئة من السوريين يعانون حاليا من انعدام الأمن الغذائي. وأن ما لا يقل عن 4 ملايين شخص على وشك المجاعة في سوريا بسبب النقص المزمن في الحصول على الغذاء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.