يبدو أن هيئة تحرير الشام وعلى رأسها أبو محمد الجولاني استغلت أحداث تصاعد العمليات العسكرية للتحالف الدولي ضد قيادات تنظيم القاعدة والتنظيمات المتشددة الأخرى في إدلب، لتصبح الساحة فارغة أمام الجولاني لبسط سيطرته على مناطق شمال غربي سوريا.

القوات الأميركية استطاعت فجر الخميس من قتل متزعم تنظيم “داعش”، المعروف باسم عبدالله قرداش، بعد أن قتلت أواخر العام 2019 الزعيم الأسبق للتنظيم ذاته، “أبو بكر البغدادي”، إضافة إلى استهداف قيادات في “حراس الدين”، ما يساعد هيئة تحرير الشام في مشوارها للاستحواذ عسكريا ومدنيا على مناطق الشمال الغربي، الهدف الذي يدفع بعض المختصين بشؤون الجماعات الإسلامية للتأكيد أيضا على أن هناك دور ما للهيئة في تلك العمليات.

مشوار الجولاني للاستحواذ على السلطة في إدلب

هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) عملت تزامنا مع العمليات العسكرية للتحالف الدولي، على تنفيذ عمليات أمنية واسعة شمالي سوريا، استهدفت خلالها قيادات في تلك التنظيمات وعلى رأسها تنظيم “حراس الدين”، إضافة إلى مجموعات انشقت عن الجولاني في وقت سابق، استطاعت الهيئة من إنهاء وجودها في المنطقة بشكل شبه كامل.

قد يهمك: الحزب التركستاني وتحرير الشام.. صراع وجود أم مصالح حلفاء؟

ويؤكد الباحث السياسي صدام الجاسر أن هيئة تحرير الشام سيطرت فعليا على الساحة الجهادية في إدلب بعد العمليات الأخيرة، لا سيما بعد انخفاض فاعلية الجماعات الأخرى بفعل عمليات التحالف والعمليات الأمنية التي تجري بتخطيط من الهيئة.

ويقول الجاسر في حديثه لـ”الحل نت”: “هيئة تحرير الشام قامت بتفكيك كل الجماعات الجهادية في إدلب تقريبا، ان كان حراس الدين أو التنظيمات الاخرى وخصوصا خلايا داعش، تشن عليها جبهة النصرة حملات أمنية باستمرار، إضافة إلى إزاحة الجناح المتشدد في هيئة تحرير الشام، سابقا كان له سيطرة كبيرة في الهيئة، حاليا انتهى الأمر”.

قوى منافسة للجولاني؟

وفي إدلب لم يبق سوى ما يسمى بـ”الحزب التركستاني” وهو مجموعة عسكرية متشددة، إلا أن مختصون يؤكدون أنه لا يخرج عن سياسة الهيئة، وقام بمساعدة الهيئة في حملتها الأخيرة بتأمين خروج الجهاديين من جبل التركمان، وليس من المرجح حصول صدام ضده في المدى القريب.

وحول وجود الحزب التركستاني كقوة متشددة في إدلب يوضح الجاسر: “بالنسبة للحزب التركستاني في إدلب، هذه القوات يتم إعداده للعمل في مناطق خارج سوريا، وقد نجد أن هذه القوات انتقل إلى الحدود الصينية عن طريق أفغانستان، هذا الجيش مهمته خارجية وليست داخلية، نلاحظ عدم تصنيفه كتنظيم إرهابي في سوريا، وهذا يعني أن هناك قوى دولية تسعى لاستثمار هذه القوات في مناطق أخرى خارج سوريا ويبدو أن وجهته هي الصين”.

لم تدخر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، أية محاولة من أجل إعادة إنتاج صورتها ورفع اسمها عن قائمة المنظمات الإرهابية، حتى لو كان ذلك على حساب ايديولوجيتها التي اتبعتها منذ سنوات.

ويعتقد الباحث السياسي أن “الجولاني استعمل كل رفاق دربه وكل الجهاديين في جبهة النصرة معه، ووصل إلى ما يبغيه”.

وحول ذلك يضيف: “الجولاني  أصبح شخص براغماتي، مستعد لتقديم أي تنازلات، والدخول في أي تحولات لتقديم نفسه كشخص يمكن الوثوق به لضبط الأمور في إدلب، الجولاني أصبحت له علاقات مع عدة دول، وأصبح يقدم لهذه الدول خدمات للحصول على الثقة، أنا أشك أن اغتيال القرشي كان بتسهيل من هيئة تحرير الشام بطريقة أو بأخرى”.

قد يهمك: ما دور “الجولاني” في استهداف قيادات التنظيمات المتطرفة في سوريا؟ 

تطور براغماتي لعلاقات تحرير الشام؟

تسعى الهيئة لفرض السيطرة العظمى على المناطق التي ضمن نفوذها، دون وجود أي معوقات ولو جدلية، يساعدها في ذلك سيطرتها الكاملة على الموارد الاقتصادية شمال غربي سوريا، فضلا عن أنها القوة العسكرية الأبرز في تلك المنطقة، كما أنها تملك ذراع سياسي ومدني للتحكم في المنطقة وهو ما تسمى بـ“حكومة الإنقاذ“.

وخلال السنوات الأخيرة، تغيرت سياسة “هيئة تحرير الشام” ضمن حملات إعلامية مكثفة، ادعت انتقال الهيئة من التطرف إلى إعلان في مناسبات عديدة، عن رغبة في الانفتاح التام على العالم الخارجي، والتواصل مع الدول الغربية.

غيّر الجولاني من لباسه وارتدى بدلة رسمية والتقى بالصحفيين الأجانب، ومهد للمنظمات والمؤسسات الإعلامية للدخول إلى معقله في إدلب وإجراء المقابلات معه ومع المواطنين في مناطق سيطرته، في خطوة رآها متابعون أنها تأتي ضمن مسعى “الجولاني” للحصول على تأهيل سياسي من الغرب، وإزالة اسم تنظيمه من قائمة الإرهاب الدولي.

للقراءة أو الاستماع: سوريا.. الفقر يهاجم الأسلاك الكهربائية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة