جماعة الحوثي في اليمن: هل تخلت إدارة بايدن عن مواجهة النفوذ الإيراني في الخليج العربي؟

جماعة الحوثي في اليمن: هل تخلت إدارة بايدن عن مواجهة النفوذ الإيراني في الخليج العربي؟

كانت إزالة اسم جماعة الحوثي في اليمن من قوائم الإرهاب الأميركية واحدةً من الإجراءات، التي اتخذتها إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن منذ بداية ولايته. ورغم مطالبة الإمارات بإعادة الجماعة إلى قوائم الإرهاب، بعد الهجمات التي تعرّضت لها من الحوثيين خلال الفترة الماضية، إلا أنه لا توجد نية أميركية حتى الآن على ما يبدو للاستجابة لهذا الطلب.

السيناتور الجمهوري “تيد كروز” رفع مشروع قانون في مجلس الشيوخ الأميركي، يطالب بفرض عقوبات على جماعة الحوثي في اليمن، وإعادتها إلى قوائم الإرهاب. وكان رد الرئيس بايدن أن الطلب “قيد الدراسة”. فيما صرّحت “فيكتوريا كوتس”، مبعوثة وزارة الطاقة الأميركية إلى السعودية، في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أن «الحوثيين شعروا بجرأة أكبر عندما نُزعوا من قائمة الإرهاب». كما قال “مايك بومبيو”، وزير الخارجية الأميركي السابق، إن «رفع الحوثيين عن قوائم الإرهاب هدية إلى إيران. لأنه قد يوحي لجماعة الحوثي بإمكانية الاستمرار في نشاطها الإرهابي».

الولايات المتحدة تكتفي في الوقت الحالي باتخاذ خطوات رادعة تجاه الصواريخ الباليستية ومنصات الطائرات المسيرة، التي تمتلكها جماعة الحوثي في اليمن. ومساعدة الإمارات في تعزيز نظامها الدفاعي. إذ أكدت واشنطن أنها سترسل للإمارات مقاتلات من طراز “F22”. فضلاً عن إرسال المدمرة “USS Cole”، لتقوم بدوريات بحرية في المنطقة. 

لكن السؤال الذي يطرحه كثير من المراقبين اليوم: على ماذا راهنت إدارة بادين عندما رفعت جماعة الحوثي في اليمن من قائمة الإرهاب، في شباط/فبراير من العام الماضي؟ خاصة أن البعض يعتبر الهجوم الذي نفذه الحوثيون على الإمارات، في السابع عشر من شهر كانون الثاني/يناير الماضي، تحولا خطيرا. ليس فقط على مستوى المنطقة. بل على مستوى الأمن والسلم العالميين.

جماعة الحوثي في اليمن وتهديد الأمن والسلم العالميين

د.محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية “أفايب”، يرى أن “الإدارة الأميركية رفعت جماعة الحوثي في اليمن من قوائم الإرهاب، لإحداث بعض التوازن في الوضع اليمني. ومنع أحد الأطراف المتصارعة من حسم الحرب لمصلحته”.

متابعاً في حديثه لـ”الحل نت”: “إدارة بايدن تسير على خطى إدارة ترامب، لكن بممحاة. أي أنها تريد أن تحذف من السجل الأميركي كل السياسات التي اتبعها ترامب في السنوات الأربع، التي تولى فيها السلطة. فهو من أدرج الحوثيين على قوائم الإرهاب”.

وحول التهديدات، التي يتحدث عنها بعض المحللين، للسلم والأمن العالميين، بعد الهجوم الذي نفذه الحوثيون على مواقع مدنية في الإمارات، يقول أبو النور:يجب النظر إلى الموضوع بصورة بانورامية. بمعنى أن الحوثيين والإيرانيين هددوا الامارات، في حال استمرت بمهاجمة الحوثيين والتموضع في اليمن. والصحف الإيرانية قالت ذلك صراحة. فمثلا وجهت صحيفة “كيهان” الرسمية، التابعة لمكتب المرشد الأعلى للثورة، تحذيرات إلى الإمارات بأنها سوف تتعرّض لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة. كما حدث مع السعودية أكثر من مرة. وهذا يعتبر تحولا خطيرا على المستوى العالمي. لأن الامارات ليست دولة عادية، بل تعتبر ممرا للتبادل التجاري. إذ تقع فيها منطقة “جبل العلي” للتجارة الحرة، ومطار دبي شديد الأهمية. كما أن تهديد الأمن في دولة نفطية مثل الإمارات يعرض طرق الملاحة النفطية للخطر. لأن 40% من نفط العالم يمر من هذه المنطقة. فضلا عن أن هجوم الحوثيين على الإمارات يشكل خطرا على حركة الطيران والتبادل التجاري والشحن”

الاستراتيجية الأميركية الجديدة في الخليج

من جهته يرى د.سعد الشارع، الباحث في مركز الشرق للسياسات، أن “الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة أدركت أنها يجب أن تنسحب من بعض الملفات في المنطقة، ومنها الملف اليمني، لصالح ملفات أخرى. وربما هناك داخل مراكز صنع القرار الأمريكي تقبّل لوجود الحوثيين ضمن دولة اليمن المستقبلية. ويبدو أن جماعة الحوثي فهمت الاستراتيجية الأميركية الجديدة. واستغلت موقع بلادها لامتلاك بعض أوراق القوة”.

متابعاً، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “السعودية والإمارات تدركان حقيقة الانسحاب الأميركي أيضا. وانعكاساته على تقوية نفوذ جماعة الحوثي في اليمن. إلا أنها لم يقوما بالفترة السابقة بأية محاولة لإيجاد استراتيجية جديدة، بعيدة عن الولايات المتحدة. وكأنهما لم يفيقا بعد من الصدمة. ربما كانت الإمارات أسرع من السعودية في إبداء ردة فعل على الانسحاب الأميركي. فحاولت أن تطبّع علاقاتها مع إسرائيل، في محاولة منها للاستفادة من الموقف الإسرائيلي في مواجهة المد الإيراني. وأعتقد أن هذه المقاربة الإماراتية فاشلة”.

مستدركاً بالقول: “برأيي أفضل ما يمكن أن تقوم به دول الخليج، وبقية الدول العربية، هو اتخاذ خيارات محلية في مواجهة النفوذ الإيراني داخل المنطقة العربية. لأن الاستمرار في الاعتماد على الولايات المتحدة واستراتيجيتها في المنطقة لم يعد موقفا مجديا”. 

وعن إمكانية امتداد النفوذ الإيراني إلى عواصم عربية أخرى يقول الشارع: “أعتقد أن إيران سوف تحاول الهيمنة على عواصم عربية جديدة. وهنا أتحدث حتى عن الدول العربية في شمال أفريقيا. فخلال العامين الماضيين كان هناك بعض المؤشرات عن طموح إيراني بالتمدد اقتصادياً في الأردن ومصر. إذ تحدثت مصادر إيرانية عن إمكانية مد خط نفطي من إيران، مرورا بالعراق، وصولا إلى الأردن والعريش المصرية. وعندما يتم هذا ستكون جماعة الحوثي في اليمن قد تجاوزت مرحلة الخطر. وأصبحت قوة أمر واقع، تفرض نفسها على اليمنيين، وحتى على دول الخليج. وهذا ما تسعى إليه إيران، مستفيدة من استراتيجية الولايات المتحدة، التي كان من إجراءاتها إزالة الحوثيين من قوائم الإرهاب”.

هل يعود الحوثيون يوما إلى قوائم الإرهاب؟

وحول إمكانية إعادة جماعة الحوثي في اليمن إلى قوائم الإرهاب الأميركية يقول د.أبو النور إن “زيارة تيم ليندركينغ، المبعوث الأميركي للشؤون اليمنية، لعدة دول خلال الأسابيع الماضية، جاء لتهدئة الأمور نوعا ما. ولإقناع الإمارات بأن تكف عن طلبها بإعادة الحوثيين إلى قوائم الإرهاب. ورغم هذا فإذا شهد الوضع في اليمن تفوق الحوثيين على خصومهم، واقترابهم من السيطرة على كامل البلاد، فهذا قد يعني إعادتهم إلى قوائم الإرهاب”.

متابعا: “تحرز ألوية “العملاقة” في اليمن، وهي قوات مناهضة للحوثيين في جنوب البلاد، تقدما كبيرا، وانتصارات على الحوثيين. لكن هذه الانتصارات لن تكون ذات فائدة كبيرة، ما لم يقف المجتمع الدولي وقفة حازمة وصارمة، لمنع إيران من امداد الحوثيين بالسلاح. خاصة أن إيران لديها قاعدة عسكرية بحرية قبالة سواحل إريتريا، ترسل منها السلاح، بواسطة غواصات، إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون. ومن ضمن شحنات الأسلحة تلك الصواريخ  التي يتم بها قصف الإمارات والسعودية. وهناك مستشارون تابعون للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني في منطقة صعدة، وغيرها من المناطق اليمنية”

هل ستصبح جماعة الحوثي نظيراً لحزب الله؟

وأمام تصعيد جماعة الحوثي في اليمن ضد السعودية والإمارات يعتقد عدد من المحللين أن الجماعة قد تصير نظيراً لحزب الله في منطقة الخليج العربي. كما أنها قد تتضخم مثله لتصبح منظماً لشبكات إقليمية للجريمة المنظمة وتجارة المخدرات.

د.سعد الشارع يرى أن “المقارنة بين الحوثيين وحزب الله اللبناني صائبة في بعض الجوانب. لكن غير دقيقة من نواحٍ أخرى، فالحوثيون في اليمن يسيطرون على العاصمة صنعاء وأرضٍ واسعة في البلاد. وهم من يعينون السفراء والوزراء ويشكلون الحكومة. أي أنه لا يوجد لديهم منافس قوي، سوى قوى الحكومة اليمنية الشرعية المدعومة من السعودية، والقوى الجنوبية المدعومة من الإمارات. بينما حزب الله لا يستطيع الاستفراد بحكم لبنان، رغم أنه قوة معطلة في السياسة اللبنانية”.

مقالات قد تهمك: الميلشيات العراقية في اليمن وسوريا: لماذا دمشق أكثر أهمية من صنعاء للمقاتلين الولائيين؟

مختتما حديثه بالقول: “لذلك يمكن لجماعة الحوثي في اليمن أن تتصرف باسم الدولة اليمنية ذاتها. وأن تفرض التعامل معها على دول عديدة، ومنها دول الخليج. وهو ما تسعى إليه بشكل تدريجي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة