عمل السوريين بمهن بديلة: كيف أنقذ المطبخ السوري مستقبل آلاف اللاجئين  

عمل السوريين بمهن بديلة: كيف أنقذ المطبخ السوري مستقبل آلاف اللاجئين  

عمل السوريين بمهن بديلة، بعد خروجهم من بلدهم نتيجة الحرب، من أكثر الملفات الاجتماعية إثارة للاهتمام في الدول المستقبلة للاجئين السوريين. فمشاكل تعديل الشهادات وتصاريح العمل وتوفّر فرصه، دفعت كثيرا من السوريين، ومنهم الحائزون على شهادات جامعية، لإيجاد مهن أخرى، تؤمّن لهم سبل العيش.
ويبدو أن كثيرا من السوريين قد اعتمد على السمعة الجيدة للمطبخ السوري لافتتاح مشاريع جديدة، تستقطب أهالي الدول المضيفة. فانتشرت المطاعم السورية في معظم دول الجوار، مثل مصر وتركيا والأردن، بل حتى في بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا والسويد.
موقع “الحل نت” تواصل مع عدد من أصحاب هذه المشاريع في تركيا، لمعرفة الظروف العامة، التي أدت لتفضيلهم العمل في هذا المجال. والسبب الذي يجعل افتتاح المطاعم أحد أهم مظاهر عمل السوريين بمهن بديلة في دول اللجوء.

العمل ضرورة بغض النظر عن المؤهلات والجنس

بدأ مسعود بيطار مشروع Adam sofrasi بمساعدة زوجته منذ عام. وهو مشروع طبخ منزلي، يهتم بتقديم الضيافة في المناسبات. وفي الوقت نفسه يعمل في شركة عقارية في ولاية إسطنبول التركية. فهو قد درس إدارة الأعمال في سوريا، ولديه خبرة تجاوزت العشرين عاما. ورغم هذا يرى أن عمل السوريين بمهن بديلة ضروري لتأمين مستقبلهم.
يقول بيطار لـ”الحل نت” إن “شغفه بإعداد الوجبات، وتقديم الضيافة للأصدقاء والأقارب بعناية، جعلت كثيرين يعتمدون عليه في مناسباتهم، لتناول أشهى المأكولات الشرقية والغربية. وهذا ما دفعه لافتتاح المشروع”.
كثيرون يعتبرون أن الطبخ شأن نسائي، إلا أن بيطار يرى أنه “لم تعد أية مهنة حكرا على جنس معين في الآونة الأخيرة. وأصبحت المهارة والتميز والإبداع الأسس الأبرز للعمل في أي مجال. وسيلقى المجتهد قبول وتشجيع المجتمع”.
كما يصف بيطار مهنة الطهي بأنها “من المهن التي تميّز بها الرجال، وأصبحنا نرى أمهر الطهاة في العالم ذكورا، سواء في الدول الأوروبية أو العربية”.
وعن التحديات التي واجهته في بداية عمله يقول: “هي التحديات التي تواجه عمل السوريين بمهن بديلة عموما. ويتعرض لها عادة أي مشروع ناشئ. ولكن بعد المشاركة في عدة فعاليات اجتماعية أصبح لمشروعنا زبائن دائمين، ولا ننكر فضلهم في دعمنا. وما يزالون يقدمون لنا الدعم من خلال التوصيات والملاحظات”.

الشغف ضروري في عمل السوريين بمهن بديلة

من جهته عانى علي سرور، خريج المعهد الهندسي في حلب، كثيرا في سبيل البحث عن عمل في تركيا. ولم يجد أي فرصة للعمل باختصاصه، وعندما رأى عمل السوريين في مهن بديلة، قرر التفكير بأسلوب جديد، وافتتح  مطعم “شيكي ويكي” في ولاية غازي عنتاب التركية.
سرور يؤكد لـ”الحل نت” أنه “كان يحب الطبخ دائما. مما دفعه للعمل في هذا المجال. والشيء الوحيد الذي استفاد منه في حياته الدراسية هو تحصيل ثقافة عامة عالية، تفيد في كل المجالات، ومنها عمله الحالي”.
مشيرا إلى أن “عمل السوريين بمهن بديلة دفعهم لإثبات أنفسهم وإظهار تفوقهم. فلن يفلح إلا من يمتلك شغف المهنة”. ويؤكد أن “جو المطاعم مختلف كليا عن الطبخ في المنزل. وقد يساعد على مزيد من الإبداع في تقديم المطبخ السوري للعالم. لأن المطاعم مجهزة بمعدات ومواد أولية، تسهّل الأمور كثيرا، وتنتج طعاما بكمية ونوعية أعلى بكثير مما يمكن إنتاجه بالمنزل”.
رغم كل هذا يستبعد سرور أن “يرفض العمل بشهادته، في حال حصوله على فرصة عمل مناسبة، وأن يختار التفرّغ لمهنة الطبخ. فهي تبقى بالنهاية مهنة بديلة. ولا بد للمرء يوما من العودة لمهنته الأصلية”.

استغلال السوريين في مهنهم البديلة

إيهاب الغضبان، البالغ من العمر أربعين عاما، هو أول شيف سوري حاصل على شهادة إيزو من وزارة الصحة التركية في مجال الأمن الغذائي. وهو بالأصل خريج معهد تجاري، ينحدر من منطقة عين الفيجة في ريف دمشق. واضطرته الظروف الصعبة لأن يشارك في ظاهرة عمل السوريين بمهن بديلة. فوجد فرص عمل في مطاعم سورية في إسطنبول، وكان يدير موائد الطعام في رحلات السفن البحرية التركية. وحقق نجاحا كبيرا في هذا المجال، فبات شريكا في شركة طعام متخصصة بإعداد الولائم للعائلات في المناسبات. ويُحضّر حاليا لتأسيس مطعم خاص به.

مقالات قد تهمك: فرص عمل السوريين بتركيا: كفاحٌ للبقاء وسط منافسة شديدة واستغلال قاسٍ

ويتحدث الغضبان لـ”الحل نت” عن ظروف عمل السوريين بالمطاعم، معتبرا أن “هنالك استغلالا يمارس بحق عمال المطاعم، فيضطرون للعمل ساعات طويلة برواتب ضئيلة، ودون حقوق عمل”.
ويؤكد أنه “يفضّل أن يكون له مشروعه الخاص، ليوفر فيه مناخا مريحا للعمال، وأجورا مناسبة. فهو لا يهتم للربح الكبير، بقدر ما يسعى لتقديم صورة إيجابية عن سوريا، وتأمين ظروف مناسبة لعمل السوريين بمهن بديلة، اضطرتهم إليها أحوالهم الصعبة”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.