شهدت محافظة إدلب خلال النصف الثاني من عام 2021، هجرة مكثفة لمدنيين وغيرهم ممن يعملون في مجال الصحافة من المحافظة التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا)، باتجاه القارة الأوربية، والتي تضاعفت تلك الهجرات بشكل غير ملحوظ مؤخرا فما هي أسبابها ودوافعها؟

16 صحفيا هاجروا من إدلب خلال الثلاثة أشهر الأخيرة

قال مراسل “الحل نت” بإدلب، إن أكثر من 16 شخصا يعملون في مجال الصحافة المرئية والمكتوبة والمسموعة، خرجوا من المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية، شمال غرب سوريا، في غضون أقل من ثلاثة أشهر.

وأشار المراسل في حديثه، إلى أن الصحفيين جلهم من أبناء محافظة إدلب، إضافة لعدد قليل من الذين هجروا من دمشق وحمص وحلب إلى إدلب، خلال الأعوام الماضية.

وبيّن المراسل، أن الطرق التي اعتمدت عليها الصحفيين السوريين في خروجهم من إدلب إلى الدول الأوربية، منها طرق شرعية عبر منظمات مدنية دولية مهتمة بأمور حرية الصحافة والإعلام، إضافة إلى الطرق غير الشرعية والتي تتضمن التنقل بين الدول عن طريق “مهربي البشر”.

طرق التهريب بين خطورتها وكلفتها المادية العالية

بلال بيوش أحد الصحفيين الذين هاجروا إلى هولندا بطريقة غير شرعية بهدف اللجوء، قال لموقع “الحل نت”، إن “المدة الزمنية التي استغرقتها للوصول إلى هولندا، قادم من تركيا هي 7 أشهر، حيث قررت الخروج من سوريا منتصف العام الفائت.

وأضاف البيوش، أن الكلفة المالية التي دفعتها مقابل التنقل بين الدول وصلت إلى 13 ألف يورو، حيث كانت من نصيب ثلاثة أشخاص يعملون في تهريب البشر من تركيا إلى اليونان، ومن اليونان إلى النمسا، ومن ثم إلى هولندا.

وأشار البيوش إلى أن “المخاطر الأمنية، كانت سبب في طول المدة الزمنية التي استغرقتها في الوصول إلى الدول الأوربية، حيث ألقي القبض علي 17 مرة من قبل خفر السواحل اليونانية وحرس الحدود اليونانية والتركية”.

وعن الأسباب التي دفعت البيوش للخروج من سوريا، قال إن “السبب الأول هو المضايقات المتكررة من قبل فصائل المعارضة السورية المتمثلة بـ “هيئة تحرير الشام”، وفصائل “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، وفرضهم القرارات التي تعيق العمل الإعلامي وتقيده في مناطق سيطرتهم”.

70 صحفيا غادروا محافظة إدلب خلال سنوات الثلاثة الماضية

أحصت رابطة “الإعلاميين السوريين”، أعداد الناشطين والإعلاميين الصحفيين الذين غادروا محافظة إدلب خلال سنوات الثلاثة الماضية، حيث بلغ عددهم 70 شخصا.

وقال عمر حاج أحمد مدير الرابطة في حديث مع “الحل نت”، إن من أبرز الأسباب التي تدفع الناشطين باتخاذ قرار الهجرة، هي سوء الوضع المعيشي، وقلة فرص العمل بعد تجمع مئات الإعلاميين ببقعة صغيرة، عدا عن بعض الضغوطات التي طالتهم إن كان من وكالاتهم أو الجهات المسيطرة على محافظة إدلب.

وأضاف أحمد، أن من ساهم بزيادة الهجرة هو قبول السفارات الأوربية لبعض فرص اللجوء الخاصة بالإعلاميين وتبني ذلك من قبل منظمات إعلامية دولية وحملات التهجير القسرية التي طالتهم بعد سيطرة القوات الحكومية السورية على مدنهم وبلداتهم خلال حملات التصعيد العسكرية الاخيرة.

وختم أحمد حديثه، أن مع استمرار ضبابية المستقبل السوري ومستقبل العمل الإعلامي عند الكثيرين، ما زالت هجرة الإعلاميين مستمرة بشكل شهري، وبعضهم يضطر لدفع مبالغ طائلة للجوء عبر الطرق غير الشرعية والتهريب مما يعرض حياتهم للخطر.

وسبق أن تعرض العديد من الناشطين الصحفييّن والإعلامييّن، في محافظة إدلب، للاعتداء والاعتقال من قِبل “تحرير الشام” وأٌفرج عنهم بعد إلزامهم بكتابة تعهدات خطية، بعدم تكرار ما أُسند لهم من مخالفات مزعومة.

وتعتمد “هيئة تحرير الشام” سياسة كم الأفواه ضد الناشطين والإعلاميين في محافظة إدلب، وإلزامهم بالتسجيل على بطاقات صحفية تخولهم بالتنقل والعمل في مناطق سيطرتها، فيما تمنع من يخالفها الرأي، أو يعمل على توثيق انتهاكاتها.

وتجدر الإشارة إلى أن “هيئة تحرير الشام” هي خليط من الفصائل الإسلاميّة والمتطرفة في مناطق شمالي سوريا، وتشكل هيئة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، العماد الرئيسي لها، وأُعلن عن تشكيلها مطلع عام 2017، بقيادة زعيم جبهة النصرة “أبو محمد الجولاني”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.