قوانين حماية الأطفال بالسويد: إجراءات عادلة أم فوضى وفساد في التطبيق؟

قوانين حماية الأطفال بالسويد: إجراءات عادلة أم فوضى وفساد في التطبيق؟

مازالت قوانين حماية الأطفال بالسويد تثير كثيرا من الجدل بين أوساط المهاجرين واللاجئين السوريين والعرب في البلد الشمال أوروبي. فقد أحالت الحكومة السويدية مؤخرا إلى البرلمان السويدي قانونا لتشديد إجراءات دائرة الخدمات الاجتماعية (السوسيال) في سحب وإعادة الأطفال لعوائلهم، يحوي صيغا جديدة للتشريعات المتعلقة بالرعاية الإلزامية للأطفال.

وسميت التعديلات الجديدة في القانون بـ”القلب الصغير lilla hjärtat”، نسبة إلى الطفلة إزميرالدا، التي توفيت بعد إعادتها إلى أهلها الأصليين. ويهدف القانون لتشديد إجراءات سحب الأطفال، وجعل فرصة عودة الطفل لعائلته الأصلية أصعب، في حال بقائه مدة طويلة مع العائلة البديلة.

أبرز التعديلات على قوانين حماية الأطفال بالسويد

ومن أبرز التعديلات، التي ستطرأ على قوانين حماية الأطفال بالسويد، في حال تم إقرار مشروع القانون الجديد، عدم إنهاء الرعاية الإجبارية وإعادة الطفل الى والديه الأصليين قبل أن تتغير بشكل جذري الظروف، التي أدت إلى سحبه من أهله. كما أنه عند إنهاء الرعاية الإجبارية، وإعادة الطفل لعائلته الأصلية، سيكون السوسيال ملزما بمتابعة وضع الطفل لمدة ستة أشهر.

كما يعطي القانون وزنا أكبر لبقاء الطفل لدى العائلة البديلة من إرجاعه إلى عائلته الأصلية، إذا ظل الطفل لدى العائلة البديلة مدة عامين، وفقا لمفهوم “المصالح الفضلى للطفل”. كما يقترح تشديد الأحكام القانونية بشأن ما يسمى بحظر الانتقال. بمعنى أنه يحق للسوسيال عدم إعادة الطفل لعائلته الأصلية، في حال وجود توصية من مجلس الرعاية الاجتماعية بذلك.

وسيكون لموظفي السوسيال الحق في استشارة الخبراء، والتحدث مع الطفل، وإقامة اتصالات معه، دون موافقة أو معرفة الوالدين. وسيلزم الأهالي بالخضوع لإجراءات التحري عن المخدرات قبل لقاء أطفالهم، أو قبل إنهاء الرعاية الإجبارية.
هذه التعديلات على قوانين حماية الأطفال بالسويد اعتبرها كثيرون شديدة القسوة، ومهددة لتماسك العائلات المهاجرة.

ما الغاية من قوانين حماية الأطفال؟


وحول ماهية قوانين حماية الأطفال بالسويد يقول المحامي بسام بستوت لموقع “الحل نت” إن “قانون حماية الأطفال والشباب كان قد صدر في السويد سنة 1973، نتيجة سوء الأحوال الاجتماعية وتأزم الوضع الاقتصادي آنذاك. ومنذ تاريخ صدور القانون وحتى اللحظة لم يتخذ أي إجراء يحد من عموميته. وأصبحت الصلاحيات الممنوحة للمؤسسات الاجتماعية أكبر وأشمل، وسط غياب ضوابط واضحة لآليات التنفيذ”.

ويضيف: “تختلف آليات التنفيذ بين دائرة خدمات اجتماعية وأخرى، وكذلك بين البلديات والولايات. ما يثير كثيرا من اللغط والاعتراضات”.

ويوضح بستوت أن “الهدف من قوانين حماية الأطفال بالسويد وقايتهم من التعنيف الأسري، باعتباره يشكل خطرا على النشأة السليمة. وإجراءات عملية سحب الأطفال تختلف بحسب شدة الإساءة التي تعرضوا لها. وقد منح القانون الأهل مدة ستة أشهر لإعادة فتح ملفات أطفالهم، والاعتراض على إجراءات السحب”.

عيوب تطبيق قوانين حماية الأطفال بالسويد

ويشير بسام بستوت إلى أنه “من المفترض بالمؤسسات المعنية بتطبيق قوانين حماية الأطفال بالسويد أن تعرض على العائلات إمكانية إعادة التأهيل، عبر تعليم أولياء الأمور الوسائل الحديثة لتربية الأطفال، لينشأوا نشأة سليمة. إلا أن هذا لا يتم. وهذه إحدى الواجبات التي تقصّر بها مكاتب السوسيال”.

متابعا بالقول: “العيب الآخر لعمل السوسيال أن موظفيه لا يخبرون الأهالي بالمستجدات التي تطرأ على ملفهم. كما أن هنالك مشكلة أهم وهي أن الأهالي يحق لهم مساعدة مالية، لتوكيل محامين يعترضون على قرارات السوسيال. ولكن معظم المحامين الموكلين غير مؤهلين أو بعيدين عن التخصص المطلوب لحل القضية. وهذا يحرم العائلة من توفر طرف يحمي حقوقها”.

ويؤكد المحامي السوري أن “المؤسسات المعنية بتطبيق قانون حماية الأطفال بالسويد تعتبر كل ما يقوله الأطفال صحيحا. ولا تكذّبهم إطلاقا، وترى أن الطفل يمتلك حرية التعبير. وهذا شيء مخالف للقانون السويدي نفسه، فالطفل تحت سن خمسة عشر عاما غير كامل الأهلية”.

كما أن بستوت يتحدث عن وجود “فساد في تطبيق القوانين، ولجوء بعض العائلات لرشوة مؤسسات الرعاية الاجتماعية، للحصول على حق تربية الأطفال الذين تم سحبهم، ونيل المساعدات التي تترتب على ذلك”.

ويختم بستوت حديثه بالقول: “اتخذ السوسيال، في حالات كثيرة، قرارات جيدة، فيما يتعلق بالأهل الذي أساؤوا معاملة أطفالهم. لكن الإشكالية الكبرى بالقرارات الظالمة، وعدم فهم قوانين حماية الأطفال بالسويد من قبل القائمين على تطبيقها أنفسهم. والصلاحية الواسعة المعطاة للموظفين”.

يُذكر أن بعض الأهالي، من أصول عربية وشرق أوسطية، خرجوا بمظاهرات مطالبة بإلغاء قوانين حماية الأطفال بالسويد. وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وسم #اوقفوا_خطف_أطفالنا.

قليل من العائلات ظُلمت

أحمد، البالغ من العمر اثنين وثلاثين عاما، سوري مقيم في السويد منذ ثماني سنوات، ويرى أن “بعض ما يتعرض له الأطفال من قبل عائلاتهم مرعب، ويهدد سلامتهم. والمحكمة السويدية تأخذ برأي أكثر من جهة قبل سحب الأطفال. وأغلب العائلات، التي سُحب أطفالها منها كانت تقوم بممارسات سيئة. وهناك قلة قليلة من تلك العائلات تعرضت للظلم”.

ويتابع أحمد في إفادته لـ”الحل نت”: “بحسب قوانين حماية الأطفال بالسويد، يسلّم الأطفال بعد سحبهم من عائلاتهم لعائلات بديلة، ترشحها الدولة. وتقدّم المؤسسات الاجتماعية راتبا شهريا للعائلة البديلة، وتُعيّن موظفا لمتابعة حالة الطفل. كما يحرص السوسيال على أن تكون العائلة البديلة للطفل من ثقافة قريبة من ثقافة عائلته”. وهو ما يراه أحمد “ردا كافيا على من يقولون إن قوانين حماية الأطفال بالسويد تهدف لتشويه ثقافة الأطفال، أو تغيير دينهم”.

مقالات قد تهمك: العائلات السورية في أوروبا: هل تمرد الأبناء على ذويهم بتشجيع الدول المضيفة؟

وتعد السويد من الأطراف الأساسية لاتفاقية الأمم المتحدة لحماية حقوق الطفل. وتلتزم بحماية الأطفال جسديا ونفسيا، وتأمين الظروف الأنسب لنشأتهم بشكل سليم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.