في برلين، تعيد المأساة الأوكرانية إحياء آلام السوريين، الذين وصلوا في السنوات الأخيرة، وتدفعهم لمساعدة اللاجئين الذين وصلوا للتو من أوكرانيا.

بحسب صحيفة “لاكروا” الفرنسية، ووفق ما ترجم عنه موقع “الحل نت”، فإن الشاب السوري طارق الأوس لم يستطع المقاومة حيث كان من المستحيل بالنسبة له البقاء في المنزل مكتوف اليدين بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا. ومع منظمة “لا تترك أحدا خلفنا”، ذهب هذا المحامي السوري، الذي وصل إلى ألمانيا في عام 2015، في 6 آذار إلى حدود أوكرانيا وبولندا لمساعدة اللاجئين الأوكرانيين.

“لقد غادرنا مع حافلة وسيارتين صغيرتين مليئتين بالتبرعات. على الفور، وجدنا حافلتين إضافيتين ونقلنا 200 شخص في هذه المركبات الخمس. كان هدفنا مساعدة الأشخاص الذين يعانون من العنصرية أو التمييز، مثل الأشخاص المثليين أو المعاقين أو الأشخاص من دول ثالثة. وجدنا ألا أحد يريد أن يأخذهم معهم. وقد أوصلناهم إلى بر الأمان. التضامن قوي للغاية في الوقت الحالي، لكننا نرى أنه ينسى البعض”، يقول الأوس بأسف.

“فكرت على الفور بحلب”

بالنسبة لهذا السوري، البالغ من العمر 33 عاما، والذي فر بروحه من الحرب والقصف الروسي على بلاده، توقظ الحرب في أوكرانيا ذكريات مؤلمة. “في 24 شباط، عندما استيقظت وعلمت بالغزو الروسي لأوكرانيا، فكرت على الفور في حلب المدينة التي درست فيها. تذكرت أن الروس لا يستهدفون المواقع العسكرية فحسب، بل يستهدفون المدنيين أيضا، وقلت لنفسي: لقد فشل المجتمع الدولي مرة أخرى، فهو لم يستطع إيقاف هذه الحرب الجديدة. هذا ما يدفعني اليوم لمساعدة الأوكرانيين”، يتابع الأوس.

وداخل الجالية السورية في ألمانيا، التي تضم أكثر من 800 ألف شخص وهي الأكبر في أوروبا، “التضامن كبير جدا”، كما يلاحظ إبراهيم السعيدي، رئيس جمعية “سلام”. ويضيف السعيدي قائلا: “لقد عشنا ما يعيشه الأوكرانيون اليوم: الفرار والسفر وترك كل شيء وراءهم. الناس يريدون المساعدة بدورهم”.

فمنذ 24 شباط/فبراير الماضي، تعمل هذه الجمعية، التي تأسست في برلين في عام 2015 لمساعدة اللاجئين السوريين، على مساعدة الأوكرانيين، من خلال جمع التبرعات والمزيد من الدعم. “لدينا ثلاثة متطوعين يتحدثون الروسية. أما الآخرون فينجحون بالتواصل من خلال اللغة الإنجليزية”، يقول السعيدي. ويضيف متابعا “نحن نساعد اللاجئين الأوكرانيين في العثور على سكن، وتقديم الطلبات الإدارية، والتسجيل في مكتب العمل، وفتح حساب مصرفي، والحصول على إذن للدراسة. يتمتع الأوكرانيون بتسهيلات من حيث وضع الإقامة مقارنة بالسوريين، لكن لديهم احتياجات مماثلة. يمكننا مساعدتهم لأن لدينا خبرة متراكمة في هذه المجالات”.

“مسألة الاختلافات في التعامل حقيقية”

وراء هذه المساعدة الطارئة، تتزايد الانتقادات داخل المجتمع الألماني، حيث يلاحظ البعض التوترات في مراكز الاستقبال بين اللاجئين الذين يعيشون هناك منذ عدة أشهر أو حتى سنوات والذين يضطرون فجأة إلى إفساح المجال للوافدين الجدد. لماذا هذه التسهيلات الإدارية المقدمة للأوكرانيين.

“هذه الأسئلة مهمة”، يعترف المحامي السوري. ويضيف قائلا: “أشعر بالخجل، لأن أوروبا أغلقت حدودها أمام اللاجئين الذين أرادوا عبور الحدود البيلاروسية هذا الشتاء. إن مسألة الاختلافات في التعامل حقيقية، ويجب أن تطرحها الطبقة السياسية والمجتمع المدني، ولكن ليس هذا هو الوقت المناسب. ففي الوقت الحالي، علينا المساعدة، لأن أمر عاجل للغاية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة