في الوقت الذي تستمر العمليات العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية على خلفية الغزو الروسي الذي بدأ الشهر الماضي لأوكرانيا، تستمر المفاوضات بين الطرفين وسط تطورات بطيئة فيها، حيث يسعى كل طرف منهما للحصول على أكبر مكاسب من الآخر.

تنازلات لأول مرة

مع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت الأهداف الروسية المعلنة من الغزو، هي حياد أوكرانيا، ونزع أسلحتها الهجومية، والتخلص من النازية، والدفاع عن المتحدثين باللغة الروسية في أوكرانيا.

ولكن في جولة المفاوضات يوم أمس في تركيا، بدا أن كلا من الطرفين مستعد لتقديم بعض التنازلات المشروطة ما يفتح الباب لإمكانية التوصل لاتفاق سلام ينهي الحرب بين الطرفين، وذلك حسب متابعة “الحل نت”.

فقد اقترحت أوكرانيا تبني وضع محايد مقابل ضمانات دولية لحمايتها من التعرض لهجوم، بحيث لا تنضم بموجبه أوكرانيا إلى تحالفات أو تستضيف قواعد لقوات أجنبية، لكن أمنها سيكون مضمونا بعبارات مشابهة لما ورد في “المادة 5″، وهي بند الدفاع الجماعي في حلف شمال الأطلسي.

كما أعرب الوفد الأوكراني عن إمكانية إجراء مفاوضات حول شبه جزيرة القرم، لكن بشرط توقف الغزو الروسي، مع التأكيد على إيجاد حل لهذا الموضوع وإلا فلن يكون هناك حل آخر غير استعمال السلاح، حسب تقارير صحفية.

من جهته قال الوفد الروسي، أن موسكو قررت تقليص الأعمال القتالية قرب كييف وتشيرنيهيف لتهيئة الظروف للحوار، مشيرا إلى أن روسيا لا تعارض انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وموضحا أنه سيدرس المقترحات الأوكرانية ويبلغ بها الرئيس فلاديمير بوتين.

ويرى الباحث في الشأن الروسي، ديمتري بريجع خلال حديثه لموقع “الحل نت”، أن روسيا تريد أن تكون أوكرانيا دولة حيادية، كما هو حال بعض الدول الأوروبية، مشيرا أن التنازلات الروسية هي محاولة لإنجاح الحوار وليست تنازلات كبيرة، فالعملية العسكرية لا تزال مستمرة، لكن تم تغيير استراتيجيتها بالابتعاد عن كييف والتوجه نحو دونباس لمساعدة الانفصاليين في بسط سيطرتهم على الإقليم.

قد يهمك:بعد غزو أوكرانيا.. تأثير العقوبات يضرب الاقتصاد الروسي

ما سبب تغير الموقف الروسي؟

يقول بريجع، أن روسيا حققت في الغزو بعضا من أهدافها، خاصة مساعدة انفصاليي دونباس، إضافة لتدمير قسم كبير من الأسلحة الهجومية الأوكرانية، كما عادت المياه التي قطعتها الحكومة الأوكرانية إلى جزيرة القرم.

ولكن، وحسب بريجع، فإن روسيا تأثرت بالعقوبات الاقتصادية التي فُرضت عليها على خلفية غزوها لأوكرانيا، ما أثار رجال الأعمال والأثرياء الروس، خاصة رجل الأعمال أبرافوميتش الذي يعد أحد أبرز أثرياء روسيا، والذي يشارك في المفاوضات، وهو يضغط مع الأولغيشاريين الروس على الرئيس بوتين لذهاب روسيا نحو المفاوضات والابتعاد عن احتلال أوكرانيا.

وفي هذا السياق، أعلن رئيس الوفد الروسي المفاوض فلاديمير ميدينسكي المفاوضات الروسية الأوكرانية، في ختام المفاوضات أن الجانب الروسي سيتخذ خطوتين للتقليل من حدوث التصعيد في أوكرانيا إحداها عسكرية والأخرى سياسية، مؤكدا على إمكانية عقد لقاء مباشر بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالتزامن مع التوقيع على اتفاقية السلام بين البلدين “أي في آن واحد، اللقاء والتوقيع”.

وأوضح ميدينسكي، حسب تقارير صحفية، أن المشاورات تدور حول إعداد الاتفاقية في البداية، ومن ثم يتم الموافقة عليها من قبل الوفدين، ثم يصدق عليها وزيرا الخارجية، وثم يتم بحث لقاء الرئيسين للتصديق عليها، ولافتا إلى أن عقد مثل هذا اللقاء ليس سهلا، لأنه سيكون متعدد الأطراف ويشارك فيه دول ضامنة للسلام والأمن في أوكرانيا.

إقرأ:“رجال القوة” الروس.. الدائرة المقربة من بوتين

تطورات ربما باتت تقرب الأزمة الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا إلى حل سلمي أقرب من أي وقت، وسط ترقب عالمي لجولات المفاوضات التالية وما قد ينتج عنها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة