خلال غزو روسيا لأوكرانيا، لعبت الصين دورا خفيا، في تسهيل المحادثات الدبلوماسية بين باكستان وروسيا، حيث بدا أن هنالك إصرار على قرار رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، في المضي قدما برحلته لتغير الرمال الجيوسياسية للبلاد، على الرغم من إبلاغ الولايات المتحدة بموقفها بشأن أوكرانيا إلى باكستان.

البرلمان الباكستاني يطيح بعمران خان

رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، ليل السبت – الأحد، حجبت الثقة عنه في البرلمان، بعد أسبوع دراماتيكي انتهك فيه الدستور في محاولة لوقف التحرك ضده. إذ يسعى خان للدفاع من أجل حياته السياسية منذ أسابيع، بعد أن فقد أغلبيته المؤيدة في البرلمان.

ففي يوم الخميس الفائت، وجدت المحكمة العليا الباكستانية، أن خان انتهك القانون بحل البرلمان في محاولة لمنع التصويت على سحب الثقة منه، وبناء على تعليمات المحكمة، تم التصويت في وقت متأخر من ليلة السبت، وسيجتمع مجلس النواب بالبرلمان، يوم الاثنين القادم، للتصويت على رئيس وزراء جديد، حسبما أُعلن في وقت لاحق يوم أمس السبت.

الجدير ذكره، أنه مع تصاعد المخاوف بشأن انتهاك خان لقرار المحكمة العليا، اتخذ رئيس المحكمة خطوة غير مسبوقة بمطالبة المحكمة العليا بالاستعداد لفتح أبوابها في منتصف الليل، إذا لم يتم التصويت. كما جهزت المحكمة العليا في إسلام أباد، نفسها للنظر في قضية ازدراء المحكمة في وقت متأخر من الليل.

وقبل 10 دقائق فقط من منتصف الليل، الموعد النهائي القانوني للتصويت، استقال رئيس مجلس النواب، أسد قيصر، حليف خان والذي كان دوره طرح التصويت على سحب الثقة في البرلمان من منصبه، قائلا إنه “لا يستطيع أن يشارك في مؤامرة خارجية لعزل رئيس الوزراء” وفق ادعائه.

للقراءة أو الاستماع: حلف إقليمي لمواجهة التمدد الإيراني بسوريا؟

الزحف نحو روسيا والصين

أصبح الاضطراب السياسي في باكستان نقطة ساخنة جديدة في السياسة العالمية حيث زعمت روسيا أن الولايات المتحدة “تعاقب” رئيس الوزراء عمران خان على زيارته لموسكو في وقت سابق من هذا العام، وتحديدا بعد يوم من غزوها لأوكرانيا.

وكان خان قد التقى بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في موسكو في 25 شباط/فبراير الفائت، وهو اليوم الذي شنت فيه القوات الروسية غزوا واسع النطاق على أوكرانيا. وأصبح عمران خان، ثاني رئيس وزراء باكستاني يزور روسيا في السنوات الـ 23 الماضية، وآخرها كان نواز شريف في نيسان/أبريل 1999.

وخلال المقابلة، في ذات الشهر الذي زار فيه موسكو، قال رئيس الوزراء الباكستاني، أيضا أن “الدولة التي يمكننا أن نتعلم منها أكثر هي الصين”.

وأضاف، أن “باكستان تحاول التعلم من جميع المجتمعات المتقدمة، وفي الوقت الحالي، فإن أكثر دولة يمكننا أن نتعلم منها هي الصين. إذا كان تركيزي الرئيسي هو انتشال الناس من الفقر، فلن يحقق أي مجتمع بشري ما فعلته الصين “.

وجاءت هذه التصريحات بعد أيام من تصريح خان، في  مقابلة مع “إريك لي”، مدير اللجنة الاستشارية لمعهد الصين بجامعة “فودان”، أن الصين كانت “صديقة لطالما وقفت إلى جانب باكستان”.

في وقت سابق من شهر شباط/فبراير الفائت، زار خان الصين أيضا، حيث حضر حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين. وقبل أيام من الزيارة، كان قد تعرض  لانتقادات  من مواطنيه لإنكاره الفظائع ضد مسلمي الإيغور في مقاطعة شينجيانغ الصينية.

للقراءة أو الاستماع: اليمن: نقل صلاحيات الرئيس إلى مجلس رئاسي.. دور عربي لمحاصرة إيران؟

خان ساهم في عزلة باكستان

أصر المسؤولون الباكستانيون على أن رحلة خان إلى موسكو لا علاقة لها بالصراع الروسي الأوكراني الجاري. متذرعين بأنه تم تحديد موعد الزيارة قبل ذلك بكثير، وقال خان وبوتين أنهما ناقشا الشؤون الثنائية وشؤون جنوب آسيا خلال اجتماعهما.

لكن الخبراء يشيرون إلى أن توقيت زيارة خان لروسيا كان “كارثة دبلوماسية”. فعلى الرغم من أن خان ليس لاعبا كبيرا في السياسة العالمية، إلا أن اجتماعه مع بوتين أثناء غزو أوكرانيا كان له بعض القيمة الرمزية- في الغالب لصالح روسيا.

خالد حميد فاروقي، الصحفي الباكستاني المقيم في بروكسل والخبير في الشؤون الدبلوماسية لجنوب آسيا،ـ قال لصحيفة “دي دبليو” الألمانية، إن زيارة خان لروسيا “ستعزل باكستان بشكل أكبر بين المجتمع الدولي”.

وقال فاروقي: “بغض النظر عما يقوله رئيس الوزراء الباكستاني، فقد نقل خان من خلال الذهاب إلى موسكو رسالة إلى أوروبا والولايات المتحدة مفادها أنه قرر الوقوف إلى جانب روسيا في نزاع أوكرانيا”.

وأضاف: “كان بإمكانه إعادة جدولة رحلته بسهولة، لكن ربما أراد الضغط على واشنطن” ، مبينا أنه حتى الهند، التي كانت تاريخيا قريبة من روسيا، امتنعت حتى الآن عن الانحياز إلى أي طرف في الصراع. وبحسب فاروقي، فإن “الدوائر الدبلوماسية في الاتحاد الأوروبي رأت أن رحلة خان إلى روسيا ليست جيدة”.

الجدير ذكره، أن عمران خان انتُخب في 2018، مستفيدا من نفور الناخبين من “حزب الشعب الباكستاني” و”حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية” المؤسسين حول سلالات عائلية كبيرة هيمنت على الحياة السياسية الوطنية لعقود قبل أن تصبح رمزا لفساد النخبة.

واعتادت باكستان الأزمات السياسية. وشهدت هذه الجمهورية المسلحة نوويا، والتي تتكون من 220 مليون نسمة، أربعة انقلابات عسكرية وأمضت أكثر من ثلاثة عقود تحت الحكم العسكري منذ استقلالها عام 1947.

للقراءة أو الاستماع: اتفاقية اقتصادية صينية إيرانية.. بكين تحكم طهران؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.