يبدو أن القرار الأميركي الأخير باستثناء بعض المناطق في الشمال الغربي ومناطق شمال شرقي سوريا بأكملها من العقوبات الأميركية، أثار تساؤلات واستياء بعض الأطراف.

وقد أوضح مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية، بعض التساؤلات حول هذا الأمر وذلك خلال إيجاز صحافي عبر الهاتف، يوم أمس الجمعة 13 أيار/مايو الجاري، لنائب مساعد وزير الخارجية الأميركي إيثان غولدريتش، ومدير مكتب سياسة العقوبات جيمس موليناكس، ومديرة ملف سوريا والعراق في مجلس الأمن القومي الأميركي زهرة بيل.

“خطوة اقتصادية”

خلال الإيجاز الصحافي، نفى نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي إيثان غولدريتش، أن يكون استثناء مناطق في شمال شرق وشمال غرب سوريا من العقوبات الأميركية، خطوة سياسية ودعما لاستقلالها ذاتيا.

 وأكد غولدريتش، إن الإعفاء خطوة اقتصادية تهدف إلى تحسين حياة السكان في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.

وأردف غولدريتش أن “واشنطن تؤكد دائما على تمسكها بوحدة الأراضي السورية، مشيرا إلى أن الاستثناء يهدف إلى الضغط على دمشق لإجراء الإصلاحات الضرورية، والمضي قدما في العملية السياسية وتطبيق قرار “2254.

وضمن السياق ذاته، أكد نائب مساعد وزير الخارجية لمكافحة التهديدات المالية والعقوبات إريك وودهاوس، خلال الإيجاز الصحفي، أن “هدف العقوبات الأميركية ليس الضغط على الشعب السوري بل معاقبة الحكومة السورية، مؤكدا على أن “واشنطن تعتزم الإبقاء على العقوبات كوسيلة ضغط حيوية لمعاقبة دمشق وشركائه والمتعاونين معه”.

ونوّه وودهاوس، إلى أن “واشنطن تهدف إلى إرساء الاستقرار وترغيب السكان بالعودة إلى منازلهم، ومعالجة الصعوبات المعيشية التي قد تؤدي إلى عودة ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي، وأن هذا الاستثناء جاء لمنع إعادة ظهورها”.

قد يهمك: ما الذي أثار حفيظة سكان دمشق بعدما رفضت الولايات المتحدة إعفائهم من العقوبات؟

الاستثناء لا يؤثر على مسار قرار “2254”

وحول الأسئلة التي طُرحت خلال الإيجاز الصحفي، قالت مديرة ملف سوريا والعراق في مجلس الأمن القومي الأميركي، زهرة بيل، أن “الاستثناء لا يؤثر على مسار تطبيق القرار الدولي 2254″، وحول قانون حماية المدنيين في سوريا “قيصر”، أوضحت أنه صمم لاستهداف حكومة دمشق على الانتهاكات التي ارتكبها ضد السوريين”.

وتابعت في حديثها: “نحن نعلم أن الوضع الاقتصادي المتدهور خارج مناطق سيطرة دمشق له تأثير على حياة الناس، ولهذا نحن دعمنا قرار إعفاء هذه المناطق من العقوبات، وذلك لخلق ظروف اقتصادية لسكان هذه المناطق”.

وأكدت بيل على أن “الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات عن دمشق دون إيجاد حل سياسي وفقا للقرار 2254، ومحاسبة مرتكبي الجرائم وخلق مناخ لإجراء انتخابات وإصلاحات سياسية وتداول سلمي للسلطة”.

إنعاش اقتصاد المناطق المعفاة

وزارة الخزانة الأميركية، أعلنت مساء يوم الخميس الفائت، عن إصدار ترخيص عام يمنح مناطق شمالي سوريا غير الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق استثناءات من العقوبات الأميركية في مجموعة من القطاعات ما عدا مناطق إدلب وعفرين.

وبحسب بيان الخزانة الأميركية فإن الاستثناء يغطي مناطق شمال شرق وشمال غرب سوريا باستثناء مناطق عفرين وإدلب. حيث يشمل قطاعات الزراعة والاتصالات والبنية التحتية للكهرباء والتمويل والطاقة النظيفة والنقل والتخزين وإدارة المياه والنفايات والخدمات الصحية والتعليم والتصنيع والتجارة، بينما يستثني القرار التعاملات المتعلقة بالنفط.

كذلك، ويذكر النص الأصلي للقرار في صفحة وزارة الخزانة الأميركية، أن القرار سيستثني أي منطقة أو كيان مرتبط بالجماعات المتعلقة بالمنظمات المحددة كجماعات إرهابية في الولايات المتحدة بما في ذلك “حماس” و “حزب الله” و”الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”.

وأعلن مصدر أميركي رفيع المستوى، يوم الخميس الفائت، بأن “واشنطن تعتقد بوجود مجموعة من الشركات الراغبة في الاستثمار في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة السورية بما في ذلك شركات تابعة لدول جارة لسوريا”.

وأضاف المسؤول: “لن يحصل (النظام السوري) على استثناء من العقوبات حتى يسمح بشكل نشط للعملية السياسية بالمضي قدما”.

وبحسب الخبير الاقتصادي، حسن الشاغل، الذي صرح لموقع “الحل نت”، يوم أمس، “أعتقد أنه ستكون هناك استثمارات أجنبية لهذه المناطق المعفاة، خاصة المناطق الشمالية الشرقية، ومن أحد السيناريوهات سيكون هناك بعض الشركات الأجنبية التي ستدفعها الإدارة الأمريكية للعمل في منطقة شرق نهر الفرات، بهدف التنمية والاستقرار أكثر”.

وأضاف الخبير الاقتصادي، أن “في الفترة الحالية بالتأكيد لن تكون هناك مشاريع واستثمارات ضخمة (إعادة إعمار مثلا) في المنطقة، ولكن ستكون هناك مشاريع صغيرة في البداية، والأرجح أن هذه المشاريع الصغيرة ستسمح للشركات الإقليمية بالعمل في المنطقة”.

أما في سياق دعم هذا القرار للبنى التحتية، يرى الباحث الاقتصادي خورشيد عليكا، في تصريح لموقع “الحل نت” يوم أمس، أنه “من الصعب جدا التكهن بآثار قريبة ومباشرة لهذا الاستثمار لأن “المنطقة تعاني من الجفاف وتراجع كبير في القطاع الزراعي وتوقف شبه كامل لعجلة الإنتاج، والبنية التحتية شبه مدمرة. وتشمل الاستثناءات قطاعات عدة، من بينها الزراعة ومشاريع الري وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي وحماية الثروة الحيوانية مع ضخ الاستثمارات والتمويل في المنطقة، حسب الباحث الاقتصادي”.

ووفق تقدير الباحث الاقتصادي، فإن “هذه الاستثناءات تؤدي بالنتيجة إلى البدء بمشاريع دعم البنية التحتية وخاصة مشاريع الكهرباء التي تحتاج إلى تمويل واستثمار بأموال ضخمة من أجل تحقيق توفير الكهرباء للمستثمرين وللشعب”.

وخلص حديثه بالقول: “كما ستوفر الاستثمارات في المنطقة، إيجاد فرص عمل لعشرات الآلاف في العديد من القطاعات الاقتصادية، وبالتالي تقليل من معدلات البطالة وزيادة دخل العاملين لتأمين مستوى حياة كريمة”، وفق تعبيره لموقع “الحل نت”.

قد يهمك: استثناء أميركي من عقوبات “قيصر” في الشمال السوري.. ما النتائج؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.