لا يزال ارتفاع أسعار الأعلاف وشحها في سوريا يشكلان الهاجس الأكبر لمربي الماشية، إضافة إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية لتربية القطعان من المازوت وشراء المياه، الأمر الذي يهدد الثروة الحيوانية بشكل غير مسبوق، حيث نسبة كبيرة من المربين امتنعت عن تربية المواشي، مؤخرا.

صعوبة تأمين “الأعلاف”

صحيفة “البعث” المحلية، نشرت تقريرا يوم أمس، جاء فيه أن “المربين اعتادوا فتح دورات علفية شبه دورية من فرع الأعلاف بالمحافظة، يتم من خلالها تخصيص كميات محدودة من المواد العلفية المدعومة لقطعانهم المسجلة في القوائم الإحصائية المعتمدة لدى مديرية الزراعة، وعلى اختلافها من أغنام وماعز وأبقار ودواجن وغيرها، ولكن عدم توافر الكميات الكافية في فرع الأعلاف لتغطية تلك المستحقات جعل التوزيع مؤخرا عاجزا عن تلبية الاحتياجات”.

وأوضح المربين أن ما يحدث أجبرهم على تأمين معظم احتياجات قطعانهم من الأعلاف من السوق السوداء وبمبالغ كبيرة، الأمر الذي زاد من تكاليف منتجاتها على اختلافها، ورفع أسعارها على المستهلك.

وأشاروا إلى أن التجار يتحكمون بالسوق، ويفرضون عليهم أسعارا من الصعب تحملها، ولكنهم مجبرون على ذلك كي لا يروا أغنامهم أو أبقارهم تنفق أمام بصرهم، بسبب شح مادة الأعلاف، وذلك في إشارة إلى غياب الدور الحكومي من الرقابة والتموين.

نفوق نسبة كبير من “الأغنام”

في سياق مواز، أكد خبير في مجال التنمية للصحيفة المحلية، “نفوق نسبة كبيرة من الأغنام، إضافة لانخفاض سعر ما تبقى منها بشكل غير مسبوق، وكذلك نفوق العديد من الولادات الحديثة للماعز والأبقار بسبب سوء التغذية للأمهات، وخاصة بعد الولادة بسبب غلاء العلف، وسوء التغذية وانخفاض كميات الحليب”.

من جانبه، قال مدير فرع مؤسسة الأعلاف في محافظة ريف دمشق عماد اسمندر، أن “الفرع يزود مربي الأغنام والأبقار والدواجن بالمقنن العلفي لقطعانهم حسب “المتاح والمتوفر”.

وأضاف في حديثه للصحيفة المحلية، “يتم اعتماد إحصائية 2020 لتوزيع مقنن 10 كغ. وبالنسبة لمقنن الذرة والصويا لمربي الدواجن، فإن الكميات الموجودة في الفرع حسب الخطط الواردة من الإدارة العامة، وفق نسب مع باقي الفروع، ويتم الاعتماد على الكميات التي يتم استيرادها، حيث إن حصة المؤسسة 50 بالمئة من الكمية لتغطية الدورة الحالية، ويتم حساب المقنن وفق الكميات الموجودة لدينا أو الممكن سحبها”.

وفي سياق معالجة النقص والحفاظ على الثروة الحيوانية، أشار مدير الأعلاف إلى أن “المؤسسة تعاقدت على 50 ألف طن ذرة و 20 ألف طن صويا، وبذلك ساعدت المربين في الحصول على جزء كبير من احتياجات قطعانهم بسعر مناسب” بحسب زعمه، رغم أن حديثه لا يتوافق مع كلام المربين بشحّ توزيع المادة العلفية، وأنه لا يلبي احتياجات مواشيهم.

قد يهمك: تدهور الثروة الحيوانية في سوريا.. ما الأسباب؟

60 بالمئة من الدواجن خارج الخدمة

صحيفة “تشرين” المحلية، نشرت تقريرا منتصف شهر أيار/مايو الجاري، حول أن “تأمين المواد العلفية من قبل أصحاب الدواجن أصبح ضرورة لدواجنهم، خاصة بعد أن ارتفعت أسعارها أضعافا مضاعفة، وشبه مستحيل خلال هذه الفترة، وهو ما دفع عدد كبير من المربين، ولتجنب الوقوع في مطب الخسائر المالية، اتجهوا إلى إغلاق أبواب مداجنهم وبالتالي إخراجها من دورة الإنتاج”.

وحول سبب العزوف عن تربية الدواجن، أفاد مجموعة مربي الدواجن لصحيفة “تشرين” المحلية وقتذاك، أن “تحليق أسعار الأعلاف بشكل غير مسبوق في الأسواق المحلية و خاصة القطاع الخاص الذي أصبح المتحكم الوحيد بأسعار البيع والشراء، حيث وصل سعر طن الذرة إلى نحو 2 مليون ليرة سورية، بينما وصل سعر طن الصويا إلى نحو 3 ملايين ليرة، أما مادة الشعير فقد وصل سعر الطن إلى نحو 2 مليون ليرة، والنخالة إلى نحو المليون ليرة”.

وأضاف مربي الدواجن عن الأسباب الأخرى لعزوفهم عن ترك مزارعهم، ألا وهو “عدم توافر مادة المازوت بالشكل الأمثل لتشغيل المولدات الكهربائية، ما يرغم المربين لشرائها من السوق السوداء بسعر 5000 ليرة لليتر، فضلا عن عدم توافر المياه في مناطق وجود هذه المداجن لعدم وجود آبار ارتوازية، ما يضطرهم لشراء المياه بالصهاريج، إذ تبلغ النقلة الواحدة بحدود 30 ألف ليرة، لتصبح تكاليف الإنتاج كبيرة جدا وتفوق المبيع”.

من جانبه، قال مدير زراعة السويداء المهندس أيهم حامد لصحيفة ” تشرين” المحلية، قبل نحو عشرة أيام أن “عدد المداجن في السويداء نحو 300 مدجنة مرخصة وغير مرخصة، إلا أنه بعد ارتفاع مستلزمات الإنتاج خاصة المادة العلفية والتي رافقها ضعف بالقدرة الشرائية، قام عدد كبير من المربين بإغلاق مداجنهم، حيث وصل عدد المداجن التي خرجت من الإنتاج إلى نحو 180 مدجنة، وهذا يعني أن نسبة المداجن التي أغلقت وصلت لأكثر من 60 بالمئة”، على حد قوله.

تراجع الثروة الحيوانية

لقد كشف الواقع المأساوي للثروة الحيوانية في سوريا، مستوى انخفاض ملحوظ للقطاع، وسط تضارب، وتناقض الأرقام المتداولة.

مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة السورية، أسامة حمود، قال في وقت سابق إن الثروة الحيوانية في سوريا فقدت نحو 50 إلى 40 بالمئة من قطيعها، بسبب الارتفاع العالمي في أسعار الأعلاف إضافة إلى العقوبات الاقتصادية على حكومة دمشق.

وتحدث حمود لإذاعة “شام إف إم” المحلية، نهاية شهر شباط/فبراير الماضي، حول وجود مشكلة كبيرة تهدد جهود ترميم الثروة الحيوانية، تتمثل بعدم قدرة المربين بالاستمرار بعملية التربية ما يدفعهم لبيع قسم كبير من قطعانهم لتأمين احتياجات القسم الآخر.

وأوضح أنه إذا تمت المقارنة بين أعداد الحيوانات بين آخر دراسة أجريت عام 2010 والدراسات حاليا، نجد النسبة انخفضت لحوالي 30 بالمئة بالنسبة للأبقار و40 بالمئة بالنسبة للأغنام و50 بالمئة بالنسبة لقطاع الدواجن الذي تضرر بالشكل الأكبر، لأن غالبية أعلاف هذا القطاع تكون مستوردة.

وقال حمود إن المنطقة الشرقية كانت تحتوي على ثلث قطيع الثروة الحيوانية في سوريا ولكن خلال سنوات الحرب تعرضت للذبح العشوائي والتهريب والسرقة، مشيرا إلى أن كل ما يستطيعون فعله حاليا هو الإبقاء على صحة القطيع بحالة جيدة وتقديم المقننات العلفية.

فضلا عن انتعاش ظاهرة تهريب الثروة الحيوانية، وسط فوضى الحرب، فارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية، وتباينه بين سوريا والدول المجاورة، أحدث نزفا حادا لهذا القطاع.

وقد أكد مربي المواشي في مختلف المناطق السورية، أن المعاناة كبيرة في ظل غياب أي دعم حكومي لمزارعهم فضلا عن الارتفاع الجنوني بسعر الأعلاف. من جانبهم، أطلق في وقت سابق مجموعة من التجار المحليون في الأسواق نداءات وتحذيرات من تراجع الثروة الحيوانية إلى مستوى يهددها بالانقراض بسبب تهريب الولادات الجديدة، بالتالي تناقصها سيزيد عاما بعد آخر.

قد يهمك: الثروة الحيوانية في سوريا.. تحذيرات من انهيار قطاع الأبقار

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.