تكميم الأفواه هي اللغة السائدة في العراق، رغم أن الحكم في البلاد ديمقراطي، ودستورها يسمح بحرية الرأي والتعبير، لكن الواقع يؤشر إلى العكس، فالإقصاء هو المسيطر، خاصة ضد الصحفيين ووسائل الإعلام.

آخر الجديد، تمثل بإيقاف برنامج يعد من أهم البرامج الحوارية عبر التلفزيون العراقي، ناهيك عن إصدار مذكرة اعتقال بحق صحفي عراقي بارز، بعد ظهوره في البرنامج.

في التفاصيل الدقيقة، قرّرت “شبكة الإعلام العراقي”، إيقاف برنامج “المحايد” الذي يقدمه الإعلامي سعدون محسن ضمد، وحذف حلقة الأمس، إثر اتهامات تضمنتها الحلقة للمرشد الإيراني علي خامنئي، وقائد “فيلق القدس” السابق قاسم سليماني، فضلا عن رئيس “مجلس القضاء الأعلى” في العراق، فائق زيدان.

https://twitter.com/adnanaltia/status/1532270049490259969?t=s7jXjxU5gTY9ftVe8NdO8g&s=19

ما الذي قاله الطائي؟

“مجلس القضاء الأعلى”، هو الآخر أصدر مذكرة قبض بحق الكاتب والصحفي سرمد الطائي، على خلفية تصريحاته في برنامج “المحايد”، أمس الأربعاء، الذي كان يبث عبر قناة “العراقية” الرسمية.

واتهم الطائي خلال حديثه عن الأزمة السياسية القائمة في العراق، رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان بـ “الانحياز” لحلفاء طهران في العراق، قائلا إنّ “وجود زيدان يمثل ظهور دكتاتورية جديدة في البلاد، حيث تطال مذكرات الاعتقال أي معترض على رئيس مجلس القضاء”.

الطائي، قال إن قرارات القضاء العراقي في الآونة الأخيرة جاءت انحيازية لقوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران، بهدف منع زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، من تشكيل حكومة أغلبية من دون حلفاء طهران.

وهاجم الطائي، المرشد الإيراني علي خامنئي وقائد “فيلق القدس” السابق، قاسم سليماني، واتهمهم بالتسبب بقتل المدنيين العراقيين عبر الميليشيات العراقية الموالية لهما، على حد قوله.

في السياق ذاته، اتهم رئيس “مجلس القضاء الأعلى”، فائق زيدان، الإعلامي سعدون محسن ضمد مقدم برنامج “المحايد”، بتعمد “الإساءة” إلى مجلس القضاء عبر استضافة شخصيات محددة، حسب وثيقة تابعها “الحل نت”.

استغراب

“جميعة الدفاع عن حرية الصحافة”، استغربت إصدار رئيس “مجلس القضاء الأعلى”، بيانا يتهم فيه مقدم برنامج “المحايد” بقصد الإساءة”.

وقالت في بيان، إنها “تستغرب من البيان الصادر من قبل فائق زيدان بوصفه مقدم البرنامج بالمتطرف السلبي، وإطلاقه أحكاما مسبقة إزاء سعدون محسن ضمد المعروف بمهنيته وموضوعيته طيلة فترة عمله كمقدم للبرامج منذ أكثر من عقد من الزمن، وجميع الأسرة الصحفية تشهد بذلك”.

وأثارت حلقة برنامج “المحايد”، ردود فعل غاضبة من قبل القيادات المقربة من إيران، وعلى رأسها زعيم “تحالف الفتح” هادي العامري، المنضوي في “الإطار التنسيقي”.

العامري وجّه في بيان له، دعوة إلى البرلمان العراقي، لإعادة تقييم مواقف” شبكة الإعلام العراقي”، على خلفية تصريحات في برنامج “المحايد” الذي يبث عبر قناة “العراقية” الرسمية.

وقال العامري: “ندين ونستنكر التصريحات العدائية المتكررة التي يدلي بها الأبواق والناعقون المأجورون لدوائر العدوان والفتنة. فبين فترة وأخرى يخرج علينا الطبالون بأصوات منكرة يهاجمون الدين والمذهب والمرجعية والقضاء والقادة والشهداء وكل الرموز المقدسة التي يعتز بها هذا الشعب وتشكل مرتكزات ثابتة لهويته الوطنية والدينية، وكل همهم أن يثيروا الفتنة بين أبناء الشعب العراقي العزيز، ويحققوا مزيدا من خلط الأوراق واختلاق أعداء وهميين وصرف الأنظار عن العدو الحقيقي”.

تحذير ودعم

العامري حذّر “شبكة الإعلام العراقي”، من “توفير منبر لهذه الأصوات المنغمسة بالكراهية؛ كي تطلق سيل شتائمها العمياء للشعب ومقدساته (…) وإن أصرت وسائل إعلام هذه الشبكة الممولة من أموال الشعب على استضافة مطلقي الرسائل التخريبية من المرضى والمأجورين، فستكون شريكة بهذا الجرم”، وفق تعبيره.

إلى ذلك، أكّد النائب المستقل سجاد سالم في تغريدة عبر “تويتر”، رفضه لما وصفها “الإجراءات التعسفية بحق سرمد الطائي وسعدون محسن ضمد”، وأنه مع حرية الرأي والتعبير.

يذكر أن مذكرة القبض التي صدرت بحق سرمد الطائي، جاءت وفق المادة 226 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.

وتنص تلك المادة، على أن “يُعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 7 سنوات أو بالحبس أو الغرامة من أهان مجلس الأمة أو الحكومة أو المحاكم أو القوات المسلحة أو غير ذلك من الهيئات النظامية أو السلطات العامة أو المصالح أو الدوائر الرسمية أو شبه الرسمية”.

ووفقا لقانونيين، فإنّ المادة كانت تستخدم في نظام صدام حسين، لكن الحكومات والطبقة السياسية بعد العام 2003 متمسكة بهذه المادة، رغم أنها قمعية وتحد من الديمقراطية في العراق، بحسبهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة