يتعقد الموقف التركي بشأن العملية العسكرية في مناطق شمالي سوريا، بحجة إقامة “المنطقة الآمنة“، وذلك مع رفض جميع الأطراف الدولية لأي تحرك عسكري من قبل تركيا في عمق الأراضي السورية، لتنضم إيران مؤخرا لرفض هذه العملية، بسبب تهديد بعض مناطق النفوذ التابعة لها شمالي سوريا، ما يعني تصاعد التوتر بين أنقرة وطهران.

أسباب رفض إيران

صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسي، اعتبرت في تقرير لها أن العملية العسكرية التركية، المحتملة شمالي سورية بمثابة ضربة إلى مصالح إيران في المنطقة.

وقالت الصحيفة في مقال بعنوان: “عملية أردوغان الخاصة في سوريا تُغضب إيران“، إن العملية التركية المرتقبة تشكل اختبار ضغط لعلاقات أنقرة مع طهران، مشيرة إلى أن المسؤولين في أنقرة “يعترفون بذلك بشكل غير علني“.

وفي ظل توسع نفوذ الميليشيات الإيرانية بريف حلب الشمالي والغربي، اعتبرت الصحيفة أن “سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة السورية المدعومة منها، يلقي بظلاله على منطقة نفوذ التشكيلات الشيعية غير النظامية العاملة في الجوار“.

قد يهمك: خسائر جديدة لدمشق بسبب أنقرة.. هل تخلت روسيا عن دعمها؟

ويستبعد الباحث السياسي عدنان زماني، أن تشن تركيا عملية عسكرية في مناطق الشمال السوري في الوقت الراهن رغم التهديدات، مؤكدا بأن العملية ستعمل على خلق توتر في العلاقات بين أنقرة وطهران.

ويقول زماني في حديثه لـ“الحل نت“: “بكل تأكيد في حال شنت تركيا هجوما كبيرا وواسعا وامتد لمناطق نفوذ الجيش السوري وحلفائه الإيرانيين، فإننا سنشهد توترا في العلاقات بين تركيا وإيران، إذ ترى إيران أنه من الضروري الحفاظ على الخريطة العسكرية الحالية وعدم التفريط في خسارة أي من المناطق والبلدات لاسيما المدن الاستراتيجية مثل نبل والزهراء المحاذيتين للطريق العام الذي يربط مدينة حلب بالحدود التركية“.

وعن أشكال المواجهة في حال نفذت تركيا تهديداتها، يرى زمان أنها لن تتجاوز الجانب السياسي والدبلوماسي لحل الخلافات عبر قنوات الحوار والتفاوض.

وحول ذلك يضيف: “تعيش كل من إيران وتركيا أزمة اقتصادية ملحوظة ومن المستبعد جدا أن يغامر الإيرانيون والأتراك في تصعيد كبير في العلاقات الدبلوماسية قد تنعكس سلبا على الأوضاع الاقتصادية في البلدين“.

وتنتشر الميليشيات الإيرانية في مواقع بريف حلب شمالي سوريا، لا سيما في بلدتي نبّل والزهراء بريف حلب الشمالي، ما يعني أن اقتراب فصائل المعارضة المدعومة من قبل أنقرة إلى تلك المناطق عبر العملية المرتقبة، قد يخلق جوا من التوتر العسكري، لا ترغب به إيران على المدى المتوسط والبعيد.

وقبل أيا أعلنت إيران عن رفضها للعملية العسكرية التركية في الشمال السوري، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، خلال لقاء صحفي مع وكالة “إرنا” الأحد: إن “طهران تعارض أي نوع من الإجراءات العسكرية واستخدام القوة في أراضي الدول الأخرى بهدف فض النزاعات“.

تهديدات جديدة

على الرغم من الرفض الدولي، عاود الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان قبل أيام، بتجديد تهديداته بشن عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، بحجة إنشاء “منطقة آمنة” على عمق 30 كيلومترا، وبالتالي إبعاد “وحدات حماية الشعب” المكون الأكبر لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” عن حدوده والذين يشكلون خطرا –بحسب أنقرة- على الأمن القومي التركي.

لكن أردوغان غيّر لهجته فيما يخص المناطق المشمولة في العملية المحتملة، حيث حدد بوضوح أمام البرلمان أن العملية العسكرية لن تشمل شرق الفرات، بل غرب النهر فقط، وتحديدا في منبج وتل رفعت.

أميركا والدور الحاسم

وبالتزامن مع هذه التصريحات، وسعت أميركا انتشار قواتها ودورياتها وسيرت طائرات شرق الفرات، لتأكيد حماية حلفائها وردع الجيش التركي. كما أعلنت واشنطن وأبلغت أنقرة عبر مندوبتها إلى الأمم المتحدة ليندا غريفيلد رفضها أي هجمات عسكرية، معتبرة أن ذلك سيضر بالاستقرار الإقليمي.

من الواضح أن ما يجري في الشمال السوري فصل جديد، لن تكون العملية التركية حال حدوثها سوى جزء بسيط من إعادة ترتيب المشهد السوري بشكل كامل، يكون للولايات المتحدة الكلمة الفصل في تحديد مصير هذا الملف، خاصة بعد تدهور العلاقات مع روسيا إثر غزو الأخيرة لأوكرانيا.

المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، ساميويل وربيرغ، كان قد قال في مقابلة صحفية خاصة مع موقع “الحل نت” إن واشنطن تدين أي تصعيد وتدعم الإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار الحالية في سوريا، مبديا القلق الشديد للولايات المتحدة بشأن التقارير حول زيادة النشاط العسكري المحتمل في شمال سوريا، لما في ذلك من تأثير على المدنيين السوريين.

ومنذ 2016 شنت تركيا ثلاث عمليات عسكرية في سوريا، كان أولها “درع الفرات” (بين مدينتي اعزاز وجرابلس) التي قامت ضد تنظيم “داعش” الإرهابي وسيطرت بموجبه تركيا وفصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة على مناطق في شمال غربي سوريا مثل مدن جرابلس والباب التي كانت يسيطر عليها التنظيم الإرهابي، وتلاها ما أسمته تركيا بـ“غصن الزيتون” (عفرين) عام 2018، وعملية “نبع السلام” (بين مدينتي تل أبيض ورأس العين) عام 2019. هذه المناطق كانت تابعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وتشكل فيها “وحدات حماية الشعب” العمود الفقري، والتي تعتبرها أنقرة امتدادا لـ“حزب العمال الكردستاني” في سوريا، وهو الحزب المحظور في تركيا.

قد يهمك: ما دور دمشق في إيقاف العملية العسكرية التركية غربي الفرات؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.