قبيل استقبال وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أمس السبت، نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بساعات في مطار دمشق الدولي الذي عاد للخدمة مؤخرا، بسبب قصف إسرائيلي سابق في يونيو/حزيران الفائت، وجهت الطائرات الإسرائيلية ضربة جوية من فوق البحر المتوسط لقواعد إيرانية على السواحل السورية.

قنوات إسرائيلية، قالت إن الغارة الجوية في سوريا، والتي نُسبت إلى إسرائيل استهدفت محاولات إيرانية لإدخال أنظمة دفاع جوي لتغير قواعد اللعبة، وعزز هذه النظرية، تصريح الرئيس السوري، بشار الأسد، أمس السبت، بأن “العلاقات المتينة التي ترسخت خلال عقود مضت بين بلاده وإيران، يمكن وصفُها بأنها تحالف الإرادة، فهل تعلن دمشق وطهران حربا ضد إسرائيل على الأراضي السورية؟

تحذيرات لدمشق

مع توقف المفاوضات بشأن برنامج إيران النووي وتركيز انتباه العالم على الغزو الروسي لأوكرانيا، يبدو أن إسرائيل تكثف نشاطها العسكري في سوريا، فوفقا لتقارير إخبارية، لم تكتف إسرائيل بزيادة وتيرة ضرباتها على أهداف مرتبطة بإيران هناك، بل حسّنت أيضا من جودتها، حيث أصابت مطار دمشق الدولي عدة مرات في الأسابيع الأخيرة وعطّلت عملياته.

يشير الباحث في الشؤون الإيرانية، العقيد زياد الحريري، إلى أنه خوفا من ترسيخ النفوذ الإيراني عبر الحدود في سوريا، اتبعت إسرائيل استراتيجية “جز العشب” لمواجهة نفوذ طهران، والتي تضمنت هجمات إسرائيلية لا حصر لها على القوات المدعومة من إيران في سوريا، من لواء “فاطميون” إلى “حزب الله” بشقيه العراقي واللبناني.

يوضح الحريري، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه مع عدم وقوف روسيا، على الأقل حتى هذا العام، في طريق هجمات إسرائيل ضد حلفاء طهران ومصالحها في سوريا، وتقديم الولايات المتحدة دعمها غير المشروط للقتال الإسرائيلي، تمكنت تل أبيب من ضرب أبرز القواعد الإيرانية في سوريا، لتوجيه رسالة إلى دمشق بوقف دعهما لطهران.

وبحسب الحريري، لم تكن صدمة كبيرة بالضرورة في 10 حزيران/يونيو عندما شنت إسرائيل غارات جوية أضرت بمطار دمشق الدولي وأجبرته على الإغلاق، حيث ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن إسرائيل اتخذت هذا الإجراء بسبب نقل أسلحة إيرانية إلى سوريا عبر المطار.

المفاوضات النووية وخيارات الحرب

احتمال انهيار محادثات الاتفاق النووي بشكل حاد، وماذا يعني ذلك بالنسبة لحكومة الرئيس السوري، بشار الأسد، ومستقبل المواجهات في بلاده بين إسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى، لم يستبعده الباحث في الشؤون الإيرانية، العقيد زياد الحريري.

ولفت الحريري، إلى أن تغيير إسرائيل موقفها ضد إيران في المنطقة، يلمح إلى تحول عام في الحرب بين البلدين، حيث تم تنفيذ آلاف الضربات الجوية ضد إيران في سوريا، وتطورت إلى أنواع أخرى من العمليات، آخرها ضرب مضادات الطيران التي استقدمتها طهران إلى سوريا.

وهذه الاستراتيجية، أكدها رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، عندما قال “عقيدتي تنص على أنه في هذه الحرب الباردة بين إيران وإسرائيل، لن أسمح لها بالانحياز إلى جانب واحد، أريد إضعافهم وإيذاء قواتهم في جميع الأماكن، ليس لديهم عمل في منطقتنا، لا أريد أن أرى إيران في سوريا أو على أي حدود لنا”.

وبحسب الحريري، يبدو أن هناك تغييرا جذريا لقواعد الاشتباك، حيث سيتم الآن معارضة مجمل الاستراتيجية الإيرانية أيضا على الأراضي الإيرانية، والذي يشكل مكونا إضافيا للجهود التي ربما ستتبلور مع وصول الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى الرياض في منتصف تموز/يوليو الجاري، ومباركته لحلف عربي ضد التهديدات الإيرانية، لتدخل حرب “الظل” بين إسرائيل وإيران مرحلة جديدة.

تغيير قواعد اللعبة

بعد الضربة الإسرائيلية على سوريا، والتي حدثت أمس السبت، قالت “القناة 12” الإسرائيلية إن موقع الضربة التي استهدفت بلدة الحميدية السورية بالقرب من ميناء طرطوس، “يوحي بأنها استهدفت سلاحا تم نقله بحرا، ربما باستخدام السفن الإيرانية التي رست في الميناء الأسبوع الماضي”.

وأضافت، أن الضربة “جاءت وسط تحرك جديد من قبل الإيرانيين في سوريا لإدخال منظومة دفاع جوي لحماية مصالحهم العسكرية”.

وبدورها قالت القناة الإسرائيلية، إن هذا “الجهد الجديد” يقوده قائد كبير في “الحرس الثوري” الإيراني، فريد محمد ساكاي، بالتعاون مع الجيش السوري، بهدف تمكين طهران من تشغيل أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها في سوريا.

وفي السياق ذاته، وعقب استقبال نظيره الإيراني، قال وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، للصحفيين، أمس السبت، إن “هذه الزيارة هامة جدا وتأتي بعد تطورات محلية وإقليمية ودولية كثيرة، ونقف إلى جانب إيران في متابعتها الحثيثة للملف النووي، وندعم موقفها في هذا المجال”.

ومن جهته، أوضح أمير عبد اللهيان قائلا: “الزيارة الأخيرة للرئيس السوري بشار الأسد إلى إيران نقطة تحول في العلاقات بين البلدين ودخلنا مرحلة جديدة في المجالات كافة”.

الجدير ذكره، أنه منذ بداية العام الجاري، صعّدت إسرائيل قصفها على عدة مواقع في سوريا، لا سيما بعد أن ملأت ميليشيات إيرانية الفراغ الذي شكله الانسحاب الروسي من بعض المناطق، إذ تدرك إسرائيل جيدا خطورة الوضع القائم حاليا في سوريا، وما يعنيه أن تفرض إيران المزيد من السيطرة العسكرية على سوريا، لذلك، يبدو أن الإسرائيليين مصممون على عدم السماح بحدوث ذلك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة