شهد المربع الأمني في الحسكة، الخاضع لسيطرة حكومة دمشق، نشر ملصقات مناهضة لحزب الله، الذراع الأقوى لإيران في سوريا. ما اعتبره كثير من المتابعين بادرة جديدة لمناهضة المشروع الإيراني، ومحاولاته لاختراق المجتمعات المحلية في مناطق سيطرته، أو المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.

 وبحسب ما أوردته صفحة ” اتحاد شباب الحسكة” على موقع “فيس بوك” فإن المربع الأمني في الحسكة قد شهد استنفارا أمنيا، على خلفية المنشورات، والملصقات الرافضة لوجود الحزب في المحافظة.

وجاء في المنشورات أن “وجود ميليشيا حزب الله، المدعومة من إيران، في أية منطقة، يتزامن مع انتشار الخراب والجرائم فيها”.

وتُعد الحسكة أغنى المحافظات السورية بالثروة الزراعية والنفطية، حيث تُنتج أغلب المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، مثل القطن والقمح والشعير والبقوليات وسواها.

ونظرا للتواجد العسكري الإيراني الواسع في مناطق سيطرة حكومة دمشق في محافظتي الرقة ودير الزور، تسعى الميليشيات الموالية لطهران إلى توسيع نفوذها في محافظة الحسكة، مما يزيد حدة التنافس بين اللاعبين في المشهد السوري، إذ يتواجد في النطاق الإداري للمحافظة الروس والأتراك والأميركيون والإيرانيون، بصورة مباشرة أو عبر وكلائهم المحليين.

من وزّع المنشورات في المربع الأمني في الحسكة؟

في حديثه لموقع “الحل نت”، يشير الصحفي السوري سامر الأحمد، وهو من أبناء مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة، أن “من قام بلصق المنشورات المناهضة للوجود الإيراني في المربع الأمني في الحسكة هم بقايا الناشطين في الاحتجاجات السورية، التي انطلقت عام 2011، من الذين بقوا في المحافظة، مستفيدين من ظروفها الأفضل نسبيا من بقية المحافظات السورية”.

ويضيف الأحمد أن “هؤلاء الناشطين يعتبرون أن الوجود العسكري لأي طرف خارجي على الأرض السورية مرفوض، إلا أن الوجود الإيراني هو الأخطر بنظرهم، لما يمثله من تهديد لهوية المجتمع السوري والمجتمعات المحلية، من خلال تفخيخها مذهبيا وأيديولوجيا. وباعتبار أن جلّ هؤلاء الشباب من أبناء العشائر، التي لها امتدادها الجغرافي العابر للحدود السورية، فقد توسعت مداركهم حول مخاطر المشروع الإيراني في المنطقة عموما. لما وردهم عن أبناء عمومتهم في العراق، الذين عانوا ويعانون الأمرّين من الوجود الإيراني في بلادهم”.

مراكز الوجود الإيراني في الحسكة

ونقلا عن تقرير لـ”معهد الشرق الأوسط”، أعده الأحمد بالمشاركة مع الصحفي محمد حسان. يمكن تحديد الوجود الإيراني العسكري في محافظة الحسكة في أربع نقاط رئيسية: أولها فوج طرطب، أو ما يعرف أيضا بالفوج 54، الواقع في الجهة الجنوبية الشرقية لمدينة القامشلي، ويعتبر أكبر القواعد العسكرية في المحافظة، ويضم قوات تابعة لحكومة دمشق، وأخرى تتبع الميليشيات الإيرانية.

وقد عملت إيران، خلال الفترة الماضية، على مشروع توسعة داخل الفوج، هو الأول من نوعه، عبر العمل على إنشاء وحدات سكنية، بهدف استيعاب عناصر الميليشيات الموالية لها، التي يتزايد عددهم باستمرار، عن طريق مؤسسة الإنشاءات العسكرية السورية.

وثاني نقاط الوجود الإيراني هو مركز الثروة الحيوانية، الذي تتخذه الميليشيات الإيرانية مقارا، ومستودعات أسلحة تابعة لها، ويقع المركز بين فوج طرطب ومطار القامشلي، إضافة لمبنى الحبوب القريب من مركز الثروة الحيوانية.

النقطة الثالثة فرع الأمن العسكري في مدينة الحسكة، والذي يتبع لإيران، ويعتبر النقطة الوحيدة للإيرانيين داخل مركز المربع الأمني في الحسكة، الواقع وسط المدينة، الذي تسيطر عليه حكومة دمشق.

أما النقطة الرابعة فتقع ضمن مكتب النقل الموجود على الأوتوستراد الدولي M4، الممتد في الجهة الجنوبية لمدينة القامشلي، ويعتبر هذا الموقع مركز إدارة النشاط الإيراني في محافظة الحسكة، ويضم عددا من قادة الميليشيات.

نشاط حزب الله انطلاقا من المربع الأمني

“افتتح الحاج مهدي، وهو قيادي في حزب الله، مكتب النقل على طريق العراق، وأتبعه بافتتاح مكتب لتجنيد أفراد من المجتمع المحلي، خدمةً للمشروع الإيراني. إذ جنّد قرابة ألف ومئتي شخص حتى الآن”، بحسب سامر الأحمد.

مضيفا أن “الحاج مهدي يقوم بتمويل نشاطه عن طريق شبكة يديرها، تتولى تصنيع وتجارة المخدرات. كما يعمل المذكور على شراء الولاءات السياسية، وتوريط العشائر في مواجهة مع الوجود الأمريكي في المنطقة. إذ يكرر الحديث عن إطلاق مقاومة شعبية ضد القوات الأميركية، ويعمل على إثارة اعتراضات شعبية على الدوريات الأميركية في المنطقة”.

وبحسب المعلومات، التي يؤكدها ضيفنا، فإن “الحاج مهدي قام مؤخرا بإرسال بعض العناصر، التي نجح بتجنيدها، إلى دمشق، لاتباع دورة تدريبية على تسيير طائرات الدرون، في مسعى منه لضرب القوات الأمريكية في المحافظة، بأيدٍ محلية”.

رد الفعل الأمني على المنشورات

وقد استنكر البيان، الموزع في المربع الأمني في الحسكة، من قبل الشباب المناهضين للوجود الإيراني، “السماح للحجاج اللبنانيين بالإقامة في المربع الأمني، حيث يشرفون على أنشطة الحزب بتجنيد أبناء المحافظة، وتحويلهم إلى عملاء لقوى أجنبية، ودفعهم لقتال أبناء جلدتهم”.

وبحسب الأحمد فقد “أعقب إلصاق البيانات المناهضة للنفوذ الإيراني نزول عناصر ميليشيا الدفاع الوطني إلى شوارع الحسكة، متخفين باللباس المدني، لمراقبة قرّاء المنشورات أو المهتمين بمتابعتها. فيما قامت العناصر البعثية بتوجيه الاتهام إلى قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، بالمسؤولية عن توزيع المنشورات في المربع الأمني بالحسكة، لتصوير المسألة بوصفها صراعا عرقيا بين العرب والكرد، رغم أن أغلب من وزعوا المنشورات هم من أبناء العشائر العربية”.

وتشير معلومات، حصل عليها “الحل نت”، إلى توزيع وإلصاق ما بين مئتين وثلاثمئة بيان في المربع الأمني بالحسكة، منها ما تم إلصاقه بالقرب من المقرات الأمنية، التابعة للحكومة السورية. فيما لم يصدر أي رد فعل من قبل قوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على أغلبية أحياء مدينة الحسكة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.