قبل أيام قليلة من عيد الأضحى، بدأت تنتشر مخاوف من أن يواجه السوريون في عيد الأضحى مشكلة تضخم الأسعار، مقابل انخفاض إيرادات ومعاشات الأغلبية إلى حد غير منطقي، لكن مسحاً بعد العطلة أظهر أن معظم الأسر حافظت على إنفاقها في حده الأدنى، وأن الأسرة العادية أنفقت ما يقارب 500 ألف ليرة سورية خلال فترة العيد.

كيف تدبر السوريون أمرهم؟

بحسب مسح صحيفة “الوطن” المحلية، صدر اليوم الأحد، والذي استند إلى الرقم 500 ألف ليرة سورية كمبلغ أنفقته كل 4.6 مليون أسرة سورية في عيد الأضحى، شمل تكاليف الألبسة وبعض الحلويات والمصاريف المتعلقة بالعيد، وعليه فإن 2.3 ترليون ليرة سورية، ما تم صرفه في عيد الأضحى.

ووفقا لأحد الخبراء الاقتصاديين، فإن إنفاق السوريين 500 ألف ليرة على احتياجات عيد الأضحى قليل جدا، ومعظم الأسر عملت على صرف الحد من إنفاقها قدر استطاعتها واكتفت بضرورات العيد، والدليل على ذلك هو ،تراجع الحركة التجارية في معظم الأسواق المحلية خلال الأيام التي سبقت عيد الأضحى، وأغلب المشتريات كانت لضروريات مثل بعض الملابس والأغذية وغيرها.

ورأى الخبير الذي لم تذكر اسمه الصحيفة، أن السوريين من أصحاب الدخل المحدود ينفقون جميع أموالهم المتاحة خلال إجازة عيد الأضحى مما يصعب عليهم تغطية فواتيرهم حتى نهاية الشهر، والعديد منهم لا يجد بديلا غير اقتراض المال، أو اللجوء إلى بيع مدخراته، هذا إن كان لديه أي بديل.

وشدد التقرير، على ضرورة رفع رواتب موظفي الدولة عند الحد الأدنى من الإنفاق الشهري على الأقل، في ظل كل هذه التحديات التي سيواجهها محدودي الدخل عند تسديدهم متطلبات الإنفاق الأساسية حتى نهاية الشهر.

رفع الأجور والتضخم

إعادة تقييم الأجور وزيادتها برأي الخبير الاقتصادي، بات من الضروري إعادة تقييمها لتعكس ضروريات الحياة اليومية، وأن رفض الحكومة تلبية هذا الطلب يقود إلى خيارين، “الأول أنها عاجزة عن تنفيذ زيادة في الأجور، والمعاشات الشهرية أو أنها تسهم بشكل غير مباشر في ارتفاع معدلات التضخم جراء العديد من الإجراءات التي تتخذها في مختلف القطاعات، التي يتحملها المواطن من دون أن يقابلها أي تحسين في دخله”.

ويعتقد الخبير، أنه إذا لم تستطع الحكومة تطبيق أي زيادة في الأجور أو المعاشات الشهرية وهو أمر مرجح وفق تصوره، فعليها أن تعمل بجدية على خفض معدلات التضخم وخفض الأسعار، وهذا أفضل كثيرا من رفع الأجور بسبب أضراره، وأبرزها ارتفاع معدلات التضخم في حالة عدم تأمين الخدمات والمنتجات.

وخلُص التقرير، إلى أن حالة عدم التوافق والتناقض بين الأجور والضروريات الأساسية في الحياة اليومية، قد جعلت من الضروري إيجاد حلول جادة وحقيقية للأجور والرواتب ” دون أن تعود الحكومة لاسترداد أي زيادة على الأجور والمعاشات عبر رفع أسعار بعض السلع والمواد الأساسية، على التوازي مع ضبط حالة الفلتان الحاصلة في الأسواق، وإيجاد حلول لحالة الفساد والفشل في عمل أجهزة حماية المستهلك”.

كما أن أجهزة الحكومة، فشلت في إيجاد حلول وبدائل لمعضلة الأجور والمعاشات، وهناك افتقار للكفاءات القادرة على إيجاد مقاربات للتخفيف من الحالة العامة التي وصل إليها الاقتصاد في البلاد.

القوة الشرائية نحو التراجع

كلما شهدت الأسواق السورية شحا أو فقدان لبعض السلع، تعاود هذه السلع في فترة وجيزة إلى الظهور، ولكن بسعر أكثر ارتفاعا مما سبق، وذلك نتيجة استغلال التجار واحتكارهم، وسط غياب الدور الرقابي والتمويني. ويبدو أن هذه الديناميكية تحدث حاليا في الأسواق السورية، حيث أن هناك بعض السلع الغذائية شبه مفقودة في الأسواق السورية منذ نحو أسبوعين، وسط ارتفاع كبيرا في الأسعار وتراجع في القوة الشرائية.

صحفية “تشرين” المحلية، نشرت تقريرا أمس السبت، أفادت فيه اختفاء بعض المواد الغذائية من الأسواق في دمشق، وسط ارتفاع جنوني خلال الأسبوع الماضي، حيث يضطر المواطن للبحث في عدة متاجر للحصول على طلبه، وسط شكاوى من تجار المواد الغذائية بانقطاع كامل لبعض الأصناف، أو اختفاء بعض الشركات المصنعة وامتناع الموزعين عن توزيع المواد الأساسية، بحجة عدم استقرار الأسعار.

كما لفت طلال قلعجي، رئيس لجنة الصناعات الغذائية في غرفة صناعة دمشق وريفها، إلى أن زيادة الأسعار مرتبط بعدة أسباب أولها تكلفة الشحن العالمية التي تضاعفت، ولاسيما أن بعض أجور نقل الحاويات تقدر اليوم بضعف تكلفة ثمنها السابق، وقلة التنافسية بمجال الاستيراد للأسواق السورية من جهة أخرى، إضافة إلى أن القوة الشرائية شبه معدومة في الأسواق. حيث تُعد رواتب المواطنين في أدنى المستويات مقارنة بتكاليف المعيشة في البلاد.

هذا وتشهد الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا في الأسعار بشكل عام، ورغم انخفاضها الطفيف مؤخرا مقارنة بالفترة الماضية، إلا أن هذا الانخفاض الذي حصل، لم يصل بعد إلى مستوياته المعهودة، والتي يجب أن تتناسب مع مستوى رواتب المواطنين بطبيعة الحال، وسط فشل حكومة دمشق في تحقيق وعودها بضبط الأسعار، وتخفيف الحمل على عاتق المواطنين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة