كلما شهدت الأسواق السورية شحا أو فقدان لبعض السلع، تعاود هذه السلع في فترة وجيزة إلى الظهور، ولكن بسعر أكثر ارتفاعا مما سبق، وذلك نتيجة استغلال التجار واحتكارهم، وسط غياب الدور الرقابي والتمويني. ويبدو أن هذه الديناميكية تحدث حاليا في الأسواق السورية، حيث أن هناك بعض السلع الغذائية شبه مفقودة في الأسواق السورية منذ نحو أسبوعين، وسط ارتفاع كبيرا في الأسعار وتراجع في القوة الشرائية.

اختفاء السلع الغذائية

صحفية “تشرين” المحلية، نشرت تقريرا اليوم السبت، أفادت فيه اختفاء بعض المواد الغذائية من الأسواق في دمشق، وسط ارتفاع جنوني خلال الأسبوع الماضي، حيث يضطر المواطن للبحث في عدة متاجر للحصول على طلبه، وسط شكاوى من تجار المواد الغذائية بانقطاع كامل لبعض الأصناف، أو اختفاء بعض الشركات المصنعة وامتناع الموزعين عن توزيع المواد الأساسية، بحجة عدم استقرار الأسعار.

ووفق التقرير المحلي، فقد حذر بعض التجار من اختفاء أنواع عديدة من الغذائيات، مثل المعلبات المستوردة، كالسردين والطن، إضافة إلى أصناف كثيرة من الزيت النباتي وحتى السكر والأرز، وغيرها من السلع كالمتة.

من جانبه، مصطفى الشاهين صاحب محل لبيع المواد الغذائية في منطقة المزة جبل، يقول للصحيفة المحلية: إن مجمل المواد التي تختفي لفترات، تعود للظهور مجددا، ولكن بأسعار مرتفعة، مرجحا انعكاس الاحتكار على انقطاع وغلاء المواد.

في حين عزا مواطن آخر المشكلة، بإبقاء الحكومة على بعض المواد الرئيسية، لمصلحة صالاتها التجارية. مشيرا إلى أن لعبة الاحتكار أصبحت حالة معروفة لدى الجميع، والهدف منها رفع الأسعار بشكل يزيد من أرباح المصنع في ظل التضخم الاقتصادي.

قد يهمك: سوريا.. فواتير وهمية في سوق الهال وفروقات جنونية بالأسعار

رفع الأسعار ليس جديدا!

الاحتكار وارتفاع الأسعار ليسا وليدا اللحظة، حيث أكد طلال قلعجي رئيس لجنة الصناعات الغذائية في غرفة صناعة دمشق وريفها، للصحيفة المحلية، أن ارتفاع الأسعار ليس بجديد، فهو موجود ويعد موضة قديمة للتجار، والسبب في ذلك الارتفاع العالمي وليس المحلي، بحسب زعمه.

كما ولفت قلعجي، إلى أن زيادة الأسعار مرتبط بعدة أسباب أولها تكلفة الشحن العالمية التي تضاعفت، ولاسيما أن بعض أجور نقل الحاويات تقدر اليوم بضعف تكلفة ثمنها السابق، وقلة التنافسية بمجال الاستيراد للأسواق السورية من جهة أخرى، إضافة إلى أن القوة الشرائية شبه معدومة في الأسواق. حيث تُعد رواتب المواطنين في أدنى المستويات مقارنة بتكاليف المعيشة في البلاد.

هذا وتشهد الأسواق السورية ارتفاعا كبيرا في الأسعار بشكل عام، ورغم انخفاضها الطفيف مؤخرا مقارنة بالفترة الماضية، إلا أن هذا الانخفاض الذي حصل، لم يصل بعد إلى مستوياته المعهودة، والتي يجب أن تتناسب مع مستوى رواتب المواطنين بطبيعة الحال، وسط فشل حكومة دمشق في تحقيق وعودها بضبط الأسعار، وتخفيف الحمل على عاتق المواطنين.

وبشكل عام تشهد السلع ارتفاعات يومية، وأحيانا ساعية بأسعار المنتجات والمواد الغذائية كالخضراوات، واللحوم والزيوت وغيرها من المنتوجات، وسط عدم قدرة الكثير من العائلات على تأمين احتياجاتها، وضعف القدرة الشرائية للمواطن.

ونتيجة لغياب التدخل الحكومي أو الرقابي، الأمر الذي حوّل الأسواق إلى فوضى وزاد من استغلال التجار للمستهلكين، حتى تلك السلع التي تُعد في موسمها الآن، كالبقوليات، رغم المساحات والأراضي الكبيرة المزروعة بالبقوليات في سوريا، التي تعلن عنها وزارة الزراعة عبر وسائل الإعلام ضمن خطتها الزراعية، إلا أن هذه الإعلانات تظل بعكس ما تكشفه الحقائق في الأسواق، والتي كانت إحدى نتائجها ارتفاع أسعار البقوليات في الأسواق السورية.

التموين متفاجئة!

هناك عددا من العوامل التي تسهم في ظاهرة ارتفاع الأسعار، بحسب ما ذكره مدير جمعية حماية المستهلك، عبد العزيز المعقالي، لصحيفة “الوطن” المحلية، مؤخرا، وأهمها غياب أدوات ضبط ومراقبة السوق المحلية.

ومن بين العوامل الأخرى التي أشار إليها المعقالي، ارتفاع تكاليف البنزين والشحن والأسمدة والنقل، فضلا عن التصدير، وهو ما يساهم أيضا في ارتفاع الأسعار، على الرغم من أن الهدف الأساسي من وراء منع التصدير سابقا هو تحقيق الاكتفاء الذاتي، ومن ثم يسمح بتصدير الفائض من الطلب الاستهلاكي.

وبيّنن المعقالي، أن ما سبق “بالتأكيد ليس مبررا لارتفاع الأسعار الجنوني الذي نفاجأ به، مثلا سعر كيلو الليمون الحامض، ووصله إلى نحو 8 إلى 9 آلاف ليرة، ولدى الاستفسار من مديريات التموين كانت الإجابة أنهم تفاجؤوا بارتفاع الأسعار“.

إن أسعار السلع والمنتجات في الأسواق مستمرة في الارتفاع، وسط غياب الدور الرقابي والتمويني، ما حوّل الأسواق إلى فوضى وزاد من استغلال التجار للمواطنين، خاصة خلال الفترة الماضية، لدرجة بات السوريين يقنّنون استهلاكهم للاحتياجات اليومية، والاكتفاء بشراء الأولويات، واختصار نصف المواد الغذائية، خاصة وأن حالة الشراء والمتعة بالتسوق تكاد تكون شبه معدومة، بسبب ارتفاع الأسعار لأرقام “خيالية”.

قد يهمك: لارتكابها مخالفات أبرزها الغش إغلاق 2500 منشأة في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.