عقب انتهاء أعمال قمة “جدّة للأمن والتنمية” التي عقدت منذ يومين في السعودية وجمعت زعماء دول المنطقة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن، ما يزال يُكتب الكثير من القراءات والتوقعات حول النتائج التي ستؤدي إليها اجتماعات هذه القمة على المنطقة.

مراقبو الشأن السوري لهم نصيبهم من الاستقراءات السياسية التي تدور حول التبعات التي ستؤثر على الملف السوري خلال الفترة المقبلة، طبقا لتأثيرات هذه القمة وتبعات قراراتها والتفاهمات بين الدول المشاركة فيها.

لأجل ذلك، يجدر التساؤل حول انعكاسات هذه القمة على الملف السوري، والنتائج المتوقعة خلال الفترة المقبلة التي قد تحدث في سوريا بناء على نتائج “قمة جدّة للأمن والتنمية”.

موقف “بروتوكولي”

بمشاركة كلًّ من الولايات المتحدة والسعودية الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين ومصر والعراق والأردن، شهدت طاولة قمة جدّة، السبت، مناقشة العديد من الملفات، والتي تركزت بشكل أساسي على “تعزيز الاستقرار ودفع منطقة الشرق الأوسط نحو التكامل والازدهار، وتعزيز العلاقات الثنائية بين الدول المشاركة ورسم مسار التعاون المستقبلي، والحفاظ على أمن الطاقة العالمي والانتقال نحو الطاقة المتجددة”.

كما ضمت المناقشات بحث “أزمات المنطقة لاسيما في اليمن وليبيا ولبنان وسوريا”، وأكد القادة المشاركين في القمة، عبر البيان الختامي الذي صدر لاحقا، على ضرورة تكثيف الجهود للتوصل لحل سياسي للملف السوري، بما يحفظ وحدة سوريا وسيادتها، ويلبي تطلعات شعبها، بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254. وشدد القادة على أهمية توفير الدعم اللازم للاجئين السوريين، وللدول التي تستضيفهم، ووصول المساعدات الإنسانية لجميع مناطق سوريا.

في إطار تأثيرات قمة جدّة على الملف السوري، والنتائج المرتقبة خلال الفترة المقبلة التي قد تحصل في سوريا حيال ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي، عبد المسيح الشامي، أن ما صدر بشكل عام من البيان الختامي لقمة جدة للأمن والتنمية حول الملف السوري ليس أكثر من مجرد خطاب بروتوكول.

واستبعد الشامي خلال حديثه مع “الحل نت”، أن يكون الملف السوري قد نوقش بشكل كبير ولم يطرح حتى بشكل جدي في النقاش الذي دار داخل القمة الخليجية، وأن إضافة هذا الموقف تجاه الملف السوري في البيان الختامي ما هو إلا “نقطة بروتوكولية”، لإضفاء صفة الشمولية على الموقف العربي في هذه القمة.

قد يهمك: مصير “الناتو العربي” بعد قمّة جدّة

لا تغيير في المواقف الدولية؟

الكاتب والمحلل السياسي السوري، عبد المسيح الشامي، المقيم في برلين، لا يعتقد أن هناك تغييرا في المواقف الدولية بشكل أو بآخر تجاه الملف السوري، وأضاف قائلا: “اليوم لم نر تغييرا أو أي موقفا محددا بشأن أي من الملفات الأساسية السورية فيما يتعلق بموقف السعودية تحديدا، خاصة بعد قدوم ولي العهد محمد بن سلمان. فالسعودية اتخذت موقفا محايدا أو سلبيا تجاه سوريا، ولذلك أعتقد حتى الآن لا يوجد موقف واضح وصريح معلن تجاه الملف السوري، سواء في الجانب السياسي أو على مستوى المساعدات الاقتصادية أو حتى تلك المتعلقة بالعقوبات المفروضة على سوريا”.

كما أن الموقف الأميركي لا يزال على حاله (حسب رأي الشامي)، إذ حتى الآن لم يطرأ أي تغيير يتعلق بالمواقف الأميركية تجاه سياسية الحكومة السورية ولا حتى الرئيس السوري بشار الأسد، إضافة إلى عقوبات “قيصر” و أمور أخرى.

تعقيد المشهد السوري

بحسب وكالة “واس” السعودية، فإن بقية الملفات التي نوقشت في القمة، فهي “المجابهة المنسقة للتحديات، وعلى رأسها قضية انعدام الأمن الغذائي، وتجاوز التحديات الاقتصادية التي تسببت بها جائحة كورونا واستعادة التعافي الاقتصادي، والحد من تأثيرات التغير المناخي والانتقال بالمنطقة نحو حقبة خضراء”.

ووفق مراقبون، حملت قمة جدة رسائل سياسية إلى إيران، كما وقد تتغير التزامات أميركا تجاه المنطقة مع تغيير الإدارة الأميركية أو أعضاء جدد في “الكونغرس” لاحقا.

وبالعودة إلى المحلل السياسي، عبد المسيح الشامي، فقد خلص حديثه حول النتائج المرتقبة خلال الفترة المقبلة التي قد تحصل في سوريا بناء على نتائج قمة جدّة الخليجية، بالقول: “كان من الممكن أن يكون هناك تأثير وتغيير في الملف السوري وهو تشكيل تحالف “شرق أوسطي”، لكن هذا لم يحدث، فالسعودية نفت ورفضت تماما فكرة هذا المشروع، وبالتالي لا يوجد تغيير في مواقف وسياسات هذه الدول تجاه الملف السوري، لكن هذا لا يعني أن المشهد السوري يسوده الهدوء، وللأسف الملف السوري ملتهب ولم تنضج أي فكرة في أي مكان لحل الأزمة السورية حتى الآن، وليس هناك تصور بأن هناك حل سياسي قادم في المستقبل المنظور، وغياب أي حل أو مسعى لحل سياسي للملف السوري في هذه القمة يشير بشكل سيء إلى أن الملف السوري في الفترة المقبلة سيشهد تصعيدا أكبر لجهة انعدام السلام في البلاد، وبالتالي تعقيد الوضع داخل الساحة السورية أكثر فأكثر”.

مواقع صحفية، نقلت عن مسؤولين أميركيين، أن أبرز أهداف زيارة بايدن، كانت لدمج الشركاء الإقليميين في المنطقة بمن فيهم إسرائيل، حيث يرى بايدن أن هذا الدمج سيؤدي إلى مزيد من استقرار المنطقة، كما تهدف إلى تعزيز الدور الأميركي الحيوي في منطقة ذات أهمية استراتيجية، بحسب ما صرح به جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي يوم الاثنين الماضي.

وعليه، فطالما أن إيران وروسيا تستحوذان على مساحات شاسعة من الأراضي السورية والتي أغلبها خاضعة لسلطة حكومة دمشق، وبعد أن اتضحت زيارة بايدن للمنطقة، أنها لم تكن بسبب النفط وزيادة إنتاجيته وتشكيل “حلف شرق أوسطي”، كما كان يُعتقد بشكل مكثف، ولكن من أجل أن يقف الشرق الأوسط إلى جانب أوكرانيا، بالإضافة إلى التركيز على القضايا الكبرى لإقامة حجر وشراكة مع الولايات المتحدة على المدى المتوسط ​​والبعيد ربما لاحقا، وكل هذا لمواجهة كل من الصين التي تتجه شرقا، ومن ثم لإغلاق الباب أمام روسيا لأي تنسيق أو تفاهم مع دول الشرق الأوسط، فإن كل هذا يضع الملف السوري على صفيح ساخن، من التعقيد وتزايد التوترات والتصعيد، في ظل الرفض الدولي والإقليمي لتعويم دمشق ما لم تخرج عن عباءة إيران وروسيا وحتى الصين التي فتحت دمشق أبواب علاقاتها التجارية لها، مؤخرا، وأيضا هنالك تصريحات مسؤولين إسرائيليين، مؤخرا، حول زيادة الضربات ضد إيران، الأمر الذي يُرجح الكفة أكثر بتحول الوضع في سوريا إلى الأسوأ. هذا فضلا عن استمرارية الفيتو الأميركي-الأوروبي على سوريا وكل من يتعامل مع دمشق، وكذلك الفيتو المستمر على إعادة الإعمار في سوريا، ما لم يكن هناك حل سياسي شامل، و تنفيذ قرار “الأمم المتحدة” رقم 2254.

قد يهمك: ما النتائج المتوقعة من قمة جدّة للأمن والتنمية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة