تصريحات جديدة رسمية صادرة من الأردن، كشفت عن الدور الذي يمكن أن تلعبه عمّان من أجل مواجهة خطر النفوذ الإيراني في الجنوب السوري. فالملك الأردني عبدالله الثاني، قال يوم الأربعاء الماضي، إن بلاده على تواصل مع دمشق وموسكو بشأن المخاطر الأمنية على حدود الأردن الشمالية.

التصريح الأردني الصادر عن الملك عبد الله الثاني لا يعتبر بالخط الجديد للتصريحات المتعلقة بشكل العلاقة بين عمّان ودمشق، أو من قبل عمان تجاه النفوذ الإيراني في سوريا، فالأردن كانت تشير على الدوام إلى مخاوفها من خطر المشروع الإيراني في المنطقة، ومن ثم تمدد هذا الخطر نحو الجنوب السوري وتهديده المباشر للأردن، وكذلك عمّان عاودت تحسين علاقاتها بشكل جزئي مع دمشق وإن لم يكن هناك إعادة كاملة للعلاقات بشكل رسمي على جميع الأصعدة، لكن الأردن تقف دائما في المنتصف فيما يتعلق بالملف السوري، من أجل الحفاظ على مصالح أمنها القومي ومنع تمدد خطر النفوذ الإيراني والقوى الإرهابية.

انخفاض عمليات التهريب

الملك الأردني، قال خلال لقائه شيوخا ووجهاء وممثلين عن المجتمع المحلي في البادية الشمالية، وفق بيان لـ”الديوان الملكي”، إن “هنالك تواصلا مع الجانبين السوري والروسي بشأن المخاطر الأمنية على الحدود”.

وأضاف أن “نشامى الجيش العربي والأجهزة الأمنية بالمرصاد لأي تهديد قد يحيط بالوطن”، مؤكدا أن “التعليمات واضحة بهذا الشأن وخط أحمر لا يمكن التهاون فيها”.

ومنذ مطلع الشهر الجاري، تراجعت عمليات تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن بشكل لافت، ولم تسجل أي عملية تهريب كما لم تعلن السلطات والأجهزة الأمنية الأردنية إحباطا لعمليات تهريب كما جرت العادة.

الدكتورعامر السبايلة، الخبير الاستراتيجي الأردني، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن مسألة الحدود لم تتغير منذ سنوات، لكن المشكلة الحقيقية هي في التصريحات التي تعطي انطباعا إما بالتصعيد أو بالتهدئة لكن الواقع فعليا كما هو، فتهريب المخدرات لا يتم فقط عبر عامل خارجي فقط، بل هناك أيضا شريك داخلي، فالقضية لا يمكن حصرها فقط بالتهريب القادم من سوريا.

من جهته، الصحفي السوري، سمير السعدي، أوضح خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن اجتماعا جرى مطلع الشهر الجاري، بين مسؤولين أردنيين وإيرانيين، في العاصمة العراقية بغداد، وتم التفاهم على عدد من الخطوط العريضة ومن بينها أن الأردن اختار النأي بالنفس عما يجري في سوريا، والنأي بالنفس عن أي صدام مع إيران حتى في أماكن أخرى كاليمن، مقابل ضغط إيراني لوقف عمليات التهريب إلى الأردن، وعدم المساس بالاستقرار الأردني.

إقرأ:“منطقة آمنة” في الجنوب السوري.. ما الاحتمالات؟

سياسة أردنية “خاصة”؟

رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، كان قد صرح الأسبوع الماضي، أن بلاده تجري عمليات تنسيق مع أجهزة حكومة دمشق الأمنية والعسكرية بشأن “التهديدات المتعلقة بالحدود”، وأكد الخصاونة، “الارتفاع المضطرد والكبير لتهريب المخدرات من الأراضي السورية”، مضيفا أن “هناك حوار ونقاش وتنسيق مع السلطات السورية من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية”.

وفي وقت لم يحدد المسؤول الأردني هوية شبكات التهريب، ربط توسع نشاطها بتقلص عمل الشرطة العسكرية الروسية في الشمال السوري، وأن هذه الشبكات تمتد على أكثر من دولة.

السبايلة، يرى أن الأردن معني بتطوير سياسة “خاصة” به، بسبب موقعه الجغرافي وتداخل حدوده مع سوريا، مما يجعله مضطرا للتعامل بدبلوماسية عالية مع الواقع السوري واللاعبين المتواجدين هناك.

أما سمير السعدي، فيرى أن الأردن اتخذ هذه السياسة لعدم وجود توافق عربي على مشروع متكامل لمواجهة الخطر الإيراني، لذلك اختار التعامل بأسلوب سياسي وعملية احتواء لإيران لتجنب الشرور والمخاطر الإيرانية، التي يسعى لتوقفها “مؤقتا” قدر الإمكان.

خلال السنوات الأربع الماضية، عانت الأردن من خطورة عمليات تهريب المخدرات والسلاح القادمة من الجنوب السوري، والتي تتخذ من الأردن منطلقا للعبور نحو السعودية والخليج العربي، لذلك أطلق المسؤولون الأردنيون، وعلى رأسهم الملك عبدالله الثاني، والذي اتهم صراحة الجانب الإيراني بـ”زعزعة الاستقرار على حدوده الشمالية”، وقال في 24 من حزيران/يونيو الماضي، إن “الميليشيات الشيعية في سوريا زادت عمليات تهريب السلاح والمخدرات”، تزامنا مع “تراجع دور روسيا في سوريا” بسبب غزو أوكرانيا.

قد يهمك:الاغتيالات وسيلة مناسبة لتحجيم النفوذ الإيراني في الجنوب السوري؟

وبحسب الإحصائيات التي اطلع عليها “الحل نت”، فقد أحبط الأردن 361 عملية تهريب قادمة من سوريا خلال العام الماضي 2021، ضُبط فيها نحو 15,5 مليون حبة مخدر من أنواع مختلفة، وأكثر من 16 ألف عبوة حشيش، ومع النصف الأول من العام الحالي 2022، فقط، صادر الأردن نحو 20 مليون حبة نوع “كبتاجون”، و500 ألف عبوة حشيش، وذلك بمعدل عملية تهريب واحدة يوميا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة