لم تنتهِ بعد تداعيات اقتحام الشابة اللبنانية، سالي حافظ، أمس الأربعاء، أحد المصارف في بيروت، لاستعادة وديعة شقيقتها، بل أعادت الحادثة، مشهد اقتحام المصارف اللبنانية المتكرر مؤخرا.

قالت سالي حافظ في مقطع فيديوي: “أعدكِ أنكِ ستسافرين وتعالجين وستقفين على قدميك من جديد لتربي ابنتك، ولو كلفني الأمر حياتي، عليّ وعلى أعدائي، شفاك الله يا أغلى من روحي”، لتنفذ وعدها لاحقا.

وعد قطعته سالي حافظ، لشقيقتها نانسي التي تعاني من مرض السرطان، قبل ساعات من اقتحامها ومجموعة من الأشخاص بنك “لبنان والمهجر” (بلوم)، في منطقة السوديكو بالعاصمة بيروت.

وتمكنت سالي التي اقتحمت المصرف حاملة بيدها “مسدّس بلاستيكي”، من استعادة جزء من وديعة شقيقتها إكرام، البالغة 20 ألف دولار، بحسب ما أكده محامي المودعة، مؤسس تحالف “متحدون ضد الفساد” رامي عليق.

عليق الذي كان متواجدا في المصرف خلال عملية الاقتحام، أوضح في حديث لموقع “الحرة”، أنه “تم توثيق المبلغ الذي حصلت عليه سالي من قبل مدير المصرف. من المؤكد أنها وشقيقتها لا تريدان أخذ أي مبلغ إضافي، بل فقط حقهما”.

تعليق المصرف

من داخل المصرف، بثت سالي مقطع فيديو عبر حسابها على “فيسبوك”، قالت خلاله: “أنا سالي حافظ، جئت اليوم إلى بلوم بنك، كي آخذ وديعة شقيقتي التي تصارع الموت في المستشفى، لم أدخل إلى هنا من أجل قتل أحد أو من أجل إشعال النار، بل من أجل أخذ حقي”.

كما أكدت، أنه “سبق أن طالبت المصرف بغرض الحصول على المال لعلاج شقيقتي، فكان رده أنه يريد مستندات للبحث فيما يمكن أن يفعله”، معتبرة أنه “في هذا البلد لا تسير الأمور إلا بالقوة، أموالنا لم نحصل عليها بالسرقة، بل تعبنا في ادخارها”.

بعد الحادثة، علّق “بنك لبنان والمهجر” على عملية اقتحامه من خلال بيان، أشار فيه إلى أنه يريد التوضيح للرأي العام حقيقة ما حصل.

البنك أوضح، أنه “لدى العميلة حساب في فرعنا في السوديكو، ولم تحضر إلى الفرع أو تقم بأي عملية مصرفية من أي نوع كان منذ أكثر من عام ونصف عام. ويوم أمس قامت العملية بزيارة الفرع واجتمعت بمديره وطلبت منه إمكانية مساعدتها في سحب مبلغ من حسابها لعلاج شقيقتها المريضة، وأبدى مدير الفرع التعاون التام وطلب منها تزويده بالمستندات لمساعدتها”.

تفاجأ الفرع، كما ذكر البيان “بحضور العميلة المذكورة مع شقيقتها المسلحة بمسدس مع مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين احتجزوا الموظفين والزبائن، وقاموا برمي مادة البنزين على الموظفين والموجودين داخل الفرع، مهددين بحرقهم، وحطموا بعض محتويات الفرع، كما هددوا الموجودين بالسلاح وأجبروا مديره وأمين الصندوق على فتح الصندوق واستولوا على المبلغ الموجود فيه”.

وأكد بيان البنك، “ان المصرف أبدى تفهما تاما لطلب العميلة، وما حصل صباح الأربعاء، عملية مدبرة ومخطط لها عن سابق تصور وتصميم بقصد الإيذاء”.

اقتحامات مشابهة

قبل سالي حافظ، شهد “بنك ميد” في بلدة عاليه في جبل لبنان، عملية اقتحام من قبل شاب يدعى رامي شرف الدين، وهو يملك وديعة رفض المصرف تسليمه جزء منها، فما كان منه إلا أن توجه إلى سيارته وجلب سلاح صيد، سمح للعملاء بمغادرة المكان، وبدأ التفاوض مع وكيل داخلية عاليه في “الحزب التقدمي الاشتراكي”.

وانتهت عملية اقتحام “بنك ميد”، بحصول شرف الدين، الذي يملك مطعما في البلدة، على 30 ألف دولار من وديعته، بحسب تصريح أدلى به رئيس “جمعية المودعين”، حسن مغنية لموقع “الحرة”، وذلك قبل أن يسلم نفسه إلى القوى الأمنية.

مشهد اقتحام المصارف اللبنانية، تكرر أيضا في 11 آب/ أغسطس الماضي، حيث دخل شخص يدعى بسام الشيخ، إلى مصرف “فدرال بنك” وبحوزته سلاحا حربيا وقارورة من مادة البنزين، سكبها على نفسه وفي أرجاء المصرف، مهدداً بإشعال المكان في حال لم يحصل على أمواله، وبالفعل استلم جزءا منها، قبل أن يسلّم نفسه الى القوى الأمنية، ليعاد إطلاق سراحه فيما بعد

وحذّر حسن مغنية، حسب تقرير لموقع الحرة، من أن “عمليات اقتحام المصارف ستتكرر، طالما لم يتم إيجاد حل للمشكلة بإعادة ودائع المودعين (..) فالودائع المالية هي حقوق الناس، ولا يمكن لأحد أن يطلب منهم عدم أخذ حقهم”.

مغنية قدّر قيمة الودائع في المصارف اللبنانية بـ 100 مليار دولار، بعد أن كانت في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 تقدر بـ 164 مليار دولار، في حين المتوفر الآن لدى المصرف المركزي فقط 10 مليارات دولار، إضافة إلى 3 مليارات دولار تقول المصارف اللبنانية، إنها موجودة في المصارف المراسلة.

وتحتجز المصارف اللبنانية، أموال المودعين لديها من لبنانيين وأجانب منذ عام 2019، وتفرض قيودا مشددة على السحوبات، لا سيما بالعملات الأجنبية.

أسوأ انهيار مالي

لا يوجد أي نص قانوني يعطي المصارف اللبنانية، الحق في الخطوة التي أقدمت عليها، ومنذ ذلك الحين، ترتفع أصوات المودعين لاستعادة أموالهم.

وسبق أن وصف “البنك الدولي” في تقرير، الانهيار المالي الذي يشهده لبنان بـ”المتعمد وقد يكون واحدا من أسوأ 3 انهيارات مالية في العصر الحديث”.

وألمح إلى، أن المودعين في مصارف لبنان تعرضوا لـ “مخطط بونزي” الاحتيالي الشهير، معتبرا “الشعارات السياسية حول قدسية الودائع جوفاء وانتهازية. في الواقع، فإن إساءة استخدام السياسيين لهذا المصطلح أمر قاس”.

وأضاف، “المصطلح لا يتعارض مع الواقع بشكل صارخ فحسب، بل إنه يمنع إيجاد حلول لحماية معظم، إن لم يكن كل، أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة”.

وأشار “البنك الدولي”، إلى أن “الخسائر في القطاع المالي، التي تقدرها الحكومة بأكثر من 70 مليار دولار، كان ينبغي قبولها في بداية الأزمة من قبل مساهمي البنوك وكبار الدائنين الذين استفادوا بشكل كبير خلال 30 عاما من نموذج اقتصادي غير متكافئ للغاية”.

ويشهد لبنان منذ صيف عام 2019، أزمة اقتصادية حادة، صنفها “البنك الدولي” بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، حيث فقدت الليرة اللبنانية نحو 90 بالمئة من قيمتها، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.