منذ بداية أيلول/سبتمبر المنصرم، يستخدم الجيش الروسي طائرات إيرانية “انتحارية” بدون طيار يبلغ مداها 2500 كيلومتر، ليس لإلحاق أضرار بالجيش الأوكراني بقدر ما هو لتقويض معنويات المدنيين. يطلق على هذه الطائرات اسم “شاهد -136” والتي باتت أسلحة فلاديمير بوتين السرية، ومع ذلك، فهي أيضا “علامة ضعفه”، حسب تصريح ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لمنظمة معاهدة شمال الأطلسي “الناتو”، يوم الثلاثاء 11 تشرين الأول/أكتوبر الجاري.

في اليوم السابق، استخدمت روسيا طائرات بدون طيار قدمتها إيران بالإضافة إلى الصواريخ، لقصف كييف ولفيف وترنوبل، وكلا من جيتومير ودنيبرو وكريمنشوك وزابوريزهيا وخاركيف، مما أسفر عن مقتل 11 شخصا على الأقل وإصابة 89 آخرين. من بين 84 صاروخا روسيا أطلق على أوكرانيا، تم إسقاط 43 صاروخا. بحسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فإنه من بين 24 طائرة مسيرة روسية، تم إسقاط 13 طائرة، وكان بوتين قد برر هذا القصف “الهائل” بأنه رد على الهجوم الذي استهدف جسر القرم.

 قد يهمك: المسيرات الإيرانية في أوكرانيا.. مزعجة كـ “الدراجات النارية” وعديمة الفاعلية

قد تكون هذه مجرد البداية، فقد أعلنت أجهزة المخابرات الأوكرانية، يوم الثلاثاء 11 تشرين الأول/ أكتوبر، أنه تم نشر 32 طائرة بدون طيار “شاهد -136” في بيلاروسيا في اليوم السابق، وأنه يجب تسليم 8 طائرات أخرى قبل 14 من الشهر الجاري. 

يتم تصنيع “شاهد-136” من قبل الشركة الإيرانية لصناعة الطائرات، حيث تبدو كجناح دلتا يبلغ طولها 3.5 مترا، ويبلغ طول جناحيها 2.5 مترا، وتزن حوالي 200 كيلوجرام. تحتوي مقدمتها على شحنة متفجرة بالإضافة إلى البصريات اللازمة للهجوم الدقيق، ويمكن إطلاق هذه الطائرات بدون طيار برشقات من شاحنة، وهي تطير بسرعة تزيد عن 185 كيلومترا في الساعة، وقد أعاد الجيش الروسي تسمية هذه الطائرة ليطلق عليها “غيران ـ 2″، وفق تقرير لـ “لوموند” ترجمه “الحل نت”.

الروس بدأوا في استخدام هذه الطائرات بدون طيار، في محاولة لوقف الهجوم المضاد في منطقة خاركيف، حيث ضربوا مواقع المدفعية والدروع الأوكرانية، حسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، ثم تم استخدامها في الهجوم الذي دمر مبنى إداري في أوديسا في 25 أيلول/سبتمبر الماضي، وفي تقرير صدر في 14 أيلول/سبتمبر، أشارت وزارة الدفاع البريطانية إلى تدمير الأوكرانيين لطائرة “شاهد-136” بالقرب من كوبيانسك، ووصفت الأجهزة البريطانية الآلة بأنها طائرة بدون طيار من طراز “انتحاري” يبلغ مداها 2500 كيلومتر. 

على قناة “كورنت تايم”، يصف الجنود الأوكرانيون هذه الطائرة بأنها آلة مجهزة بمحرك ثنائي الأشواط مثل القارب، أو جزازة العشب أو الدراجة البخارية الصغيرة والتي يمكن سماعها من بعيد.

 “هذه الآلات بدائية”، يؤكد يوري إحنات، المتحدث باسم قيادة القوات الجوية الأوكرانية، وبحسب الأوكرانيين، يعد هذا سلاحا رخيصا إلى حد ما نظرا لبساطته، فهذه المسيرات تطير مباشرة إلى هدفها، وليست مزودة بمناظير باهظة الثمن، ومن السهل برمجة إحداثيات الهدف وإطلاقها. مسيرة “شاهد ـ136” أرخص بكثير من الصواريخ، ويمكن للعدو إطلاق العديد منها في وقت واحد، وفق سيرجي براتشوك، ممثل الإدارة العسكرية الإقليمية في أوديسا. 

لكن استخدام هذه الطائرات بدون طيار ليس مفاجأة، فقد تم الإعلان عن وصولهم من قبل إدارة بايدن. في تموز/يوليو الماضي، أوضح مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، أن إيران كانت بصدد تدريب الروس على استخدام بعض أجهزتها، ووفقا لشبكتي “سي إن إن” و”إن أر أر”، قام وفد روسي بزيارة مطار كاتشان جنوب طهران في حزيران/يونيو، وتموز/يوليو لحضور عرض لطائرات بدون طيار “شاهد -191 وشاهد -129”.

 ثم في أواخر آب/أغسطس، أعلنت “واشنطن بوست” و”ول ستريت جورنال” أن إيران شحنت بالفعل طائرات بدون طيار إلى روسيا، وبحسب التقارير المتواردة، تم تنفيذ أربع رحلات جوية، تحمل كل منها مائة طائرة بدون طيار من نوعين على الأقل، طائرات بدون طيار “انتحارية” وطائرات مراقبة وطائرات بدون طيار للحرب الإلكترونية. 

بعد التجارب الأولية، كتبت “واشنطن بوست” أن الروس لم يكونوا راضين تماما عن الطائرات الإيرانية بدون طيار، الأمر الذي لم يمنعهم من استخدامها. 

كما أن الطائرات المسيرة التي تم تسليمها إلى روسيا هي نفسها التي يستخدمها المتمردون الحوثيون في اليمن، ضد المنشآت النفطية السعودية أو الإماراتية، ويشتبه في أن إيران استخدمتها ضد ناقلة نفط إسرائيلية في عمان عام 2021، وفي كردستان العراق ضد مواقع أحزاب المعارضة الكردية الإيرانية المتمركزة هناك، وبعد هذه الضربات بطائرات بدون طيار في ميناء أوديسا، قررت أوكرانيا “تقليص كبير” للوجود الدبلوماسي الإيراني في البلاد، ردا على شحنات الأسلحة من طهران إلى روسيا. 

ولمواجهة الطائرات بدون طيار هذه، تطالب أوكرانيا اليوم بأسلحة جديدة، لأنه لا يمكن إسقاطها بواسطة صواريخ ستينغر (صواريخ أرض – جو المحمولة) التي قدمتها الولايات المتحدة في بداية الحرب، والتي لم تكن مجهزة بنظام الرؤية الليلية. 

قد يهمك: بدأت الحرب.. بعد أشهر من التوترات روسيا تغزو أوكرانيا

في يوم الإثنين الماضي، كتب رسلان ستيفانتشوك، رئيس البرلمان الأوكراني، إلى قادة الكونجرس، يطلب من الولايات المتحدة إعطاء الأولوية لتسليم صواريخ ناسام، حيث من المفترض أن تكون هذه الصواريخ قادرة على اعتراض أي جسم طائر داخل دائرة نصف قطرها حوالي 25 كيلومترا، ففي أواخر آب/أغسطس، وافقت إدارة بايدن على إرسال ستة صواريخ ناسام إلى أوكرانيا، لكن لم يتم تسليم أي منها حتى الآن، وبعد مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي جو بايدن، قال زيلينسكي إن تأمين الدفاعات الجوية كان أولويته الأولى.

من جانبها، وعدت ألمانيا بتسليم بطارية صواريخ أرض-جو “إريس ت اس ال ام” قريبا، ومن المفترض أيضا أن تكون هذه الصواريخ قادرة على إسقاط هدف في دائرة نصف قطرها 25 كيلومترا، وقد شوهدت هذه البطارية في بولندا يوم الإثنين الماضي، بحسب حسابات “تويتر” تتابع الحرب في أوكرانيا. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.