مع استمرار الاحتجاجات الإيرانية المناهضة لنظام الحكم والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، كشفت تقارير إعلامية عن مشاركة عناصر ميليشيا “حزب الله” اللبناني، و“الحشد الشعبي” العراقي في قمع المتظاهرين، في الوقت الذي يرتفع فيه عدد الضحايا إلى 215 محتج بينهم 27 طفلا، حسبما ذكرت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية أمس الإثنين.

يساعد عناصر “حزب الله” و“الحشد الشعبي“، قوات الباسيج الإيرانية في قمع الاحتجاجات، وفق ما نقلته صحيفة “اندبندنت” البريطانية اليوم الثلاثاء، والتي تجتاح عشرات المدن الإيرانية على خلفية وفاة فتاة في العقد الثاني من عمرها بعد ثلاثة أيام من اعتقالها من قِبل شرطة “الآداب“.

الصحيفة ذكرت أن هذه المعلومات موثقة عبر تسجيلات مصورة لرجال ينطقون العربية وهم يضربون المتظاهرين المشاركين في الاحتجاجات التي انتشرت في مختلف أرجاء إيران، بما في ذلك العاصمة طهران، حسب ما ذكرت “اندبندنت”، نقلا عن تقرير لصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية.

المصادر المطلعة لصحيفة “جيروزاليم بوست”، قالت إن لكنة المتحدثين بالعربية كانت لبنانية، وشاركوا أسوة بمئات القوات التابعة للشرطة و“الباسيج” و“الحرس الثوري” الإيراني، الذين لعبوا دورا محوريا في قمع الاحتجاجات، وفق الصحيفة.

بالمقابل، تواصلت “اندبندنت”، مع المكتب الإعلامي لـ“حزب الله” في بيروت، والذي نفى بدوره صحة المعلومات الواردة في التقرير، معتبرا أنه في العادة لا يرد على مزاعم الإعلام الإسرائيلي، بخاصة أن إيران تضم 85 مليون نسمة، “فما حاجتها إلى عناصر الحزب هناك؟“.

اقرأ/ي أيضا: أردوغان يهدد باستمرار بـ “غزو” اليونان.. ما الأسباب؟

الحشد ينفي والحوادث السابقة تؤكد

كذلك نفى لـ “اندبندنت” لقيادي في “الحشد الشعبي” معين الكاظمي، مشاركة هذه الميليشيات بقمع التظاهرات في إيران، مضيفا أن “الحشد ينفي جملة وتفصيلا تلك الاتهامات“.

لكن التقرير تطرق أيضا، الى ما تتداوله شبكات التواصل الاجتماعي لمقاطع فيديو وصور، عن قيام قوات الأمن بإطلاق الذخيرة الحية على الحشود وضرب المتظاهرين بعنف، مشيرة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها إيران “حزب الله” وغيره من حلفائها الناطقين بالعربية للمساعدة في قمع الاحتجاجات.

كما أشارت الصحيفة إلى تقرير نشره في عام 2009 تلفزيون “بي بي سي” باللغة الفارسية، شوهدت فيه شرطة مكافحة الشغب وضباط يرتدون ملابس مدنية بلهجات عربية يقومون بقمع الإيرانيين، الذين كانوا يتظاهرون ضد نتائج الانتخابات الرئاسية.

يُتهم “الحشد الشعبي” بقربه من إيران، وكثيرا من العراقيين يتهم هذا التشكيل العسكري في قمع الاحتجاجات العراقية عام 2019، إلى جانب إطلاق شعارات متعددة ضد هذه الميليشيات، لكن إيران تنفي دعمها هذه القوات عسكريا، وتقول إن دعمها يقتصر على تقديم الاستشارات.

إضافة إلى تلك الاتهامات بارتكاب جرائم إنسانية، جاء في التقرير أيضا، أنه على الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الإيرانيين، ترسل طهران أكثر من مليار دولار أميركي إلى الجماعات، التي تعمل بالوكالة.

المساعدات تشمل أكثر من 500 مليون دولار أميركي إلى “حزب الله” في لبنان، ومئات الملايين إلى الحوثيين في اليمن، وأكثر من 100 مليون دولار أميركي إلى فصائل فلسطينية، وعشرات الملايين من الدولارات للميليشيات الموالية لإيران في العراق.

اقرأ/ي أيضا: محاولات من نواب بريطانيين للإطاحة بليز تراس.. ما الذي يجري؟

اتهامات سابقة للحشد بقمع الإيرانيين

المفارقة، أنها ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن مشاركة فصائل عراقية موالية لإيران في قمع الاحتجاجات التي تندلع من حين لآخر في عدد من المدن الإيرانية ضد النظام، ففي تموز/يوليو من العام الماضي، ومع تصاعد شرارة الاحتجاجات داخل الأهواز وقتئذ، وامتدادها إلى العاصمة طهران ومدن كأصفهان وكرج، سلّط تقرير لـ “سكاي نيوز عربية”، الضوء على تورط “الحشد الشعبي” في قمع الاحتجاجات حينها.

التقرير قال إن، السلطات الإيرانية استقدمت ميليشيات من العراق موالية لها لقمع ثورة الأهواز جنوب البلاد، على غرار الاستعانة بميليشيات من عناصر عراقية وأفغانية وباكستانية في انتفاضات أخرى سابقة.

السلطات الإيرانية أدخلت أكثر من 1500 عنصر من الميليشيات الموالية لها في العراق لمساندتها مع تمدد الاحتجاجات من الأهواز إلى مناطق أخرى، وهو ما كان يشكّل تهديدا كبيرا لطهران، مع اقتراب تسلم الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي، السلطة التنفيذية في البلاد خلفا لحسن روحاني حينها، وفقا لمصادر أهوازية تحدثت لـ “سكاي نيوز“.

الميليشيات الموالية التي عبرت الحدود الإيرانية العراقية بكامل معداتها العسكرية إلى الأهواز لقمع الثورة، كانت تتشكل من ميليشيات “الحشد الشعبي” المدعومة من “الحرس الثوري” الإيراني، بحسب المصادر.

في حين أكد التقرير وقتها، أن هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها طهران إلى “الحشد الشعبي” لمواجهة الأزمات في الأهواز، فقد استعانت بتلك الميليشيات بقيادة نائب الحشد آنذاك أبو مهدي المهندس الذي قتل في غارة أميركية ببغداد في مطلع كانون الثاني/يناير 2020 مع قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري كخطة استباقية لأي احتجاجات بالأهواز بعد فشل الحكومة في مواجهة احتجاجات أبريل 2019.

ما الذي يثبت تورط “الحشد الشعبي” في قمع الإيرانيين؟

تأكيدا لذلك، نشر موقع “إيران إنترناشونال” المعارض، أن قوافل تابعة لـ “الحشد الشعبي“، ولواء فاطميون العسكري المكون من اللاجئين الأفغان، وهي تدخل إلى محافظتي خوزستان ولرستان، باعتبارها “وفودا إغاثية لمتضرري الفيضانات في إيران“.

ومنذ أيلول/ديسمبر الماضي، تشهد إيران موجة احتجاجات غير مسبوقة في البلاد على خلفية مقتل الفتاة الكردية مهسا أميني في معتقل “شرطة الأخلاق” المعنية بمراقبة معاير الالتزام بالحجاب الرسمي في البلاد.

كما يحشد النظام أجهزته الأمنية لصد الاحتجاجات إلى جانب قوات التعبئة الشعبية “الباسيج” أو ما يعرفون بـ “أصحاب الزي المدني“. ونقلت وسائل الإعلام الحكومية عن عدد من مسؤولي النظام أن قوى الأمن منهكة بسبب حدّة المواجهة.

وكثيرا ما تعزو إيران أسباب هذه الاحتجاجات إلى “تحريض الأعداء“، مثل مرشد الجمهورية علي خامنئي، الذي اتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل بتحريض المحتجين.

وكان أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله، قد عبّر عن موقفه المناصر للنظام الإيراني في تعليقه على ما تشهده إيران، واتهم المحتجين بإثارة “الشغب والقتل والاعتداء” على الناس.

نصر الله، كان قد أشار في أوائل تشرين الأول/أكتوبر الجاري، إلى وفاة أميني، على أنها “حادثة غامضة” وأن الاحتجاجات التي تهز البلاد لا تعكس الإرادة الحقيقية للإيرانيين، وقال أيضا، إن “الدولة الإيرانية هدف ولذا فإن أي حادث يتم استغلاله للتحريض ضد هذه الدولة”، مضيفا وقد “تم استغلال هذا الحادث الغامض ونزل الناس إلى الشوارع“.

اقرأ/ي أيضا: “الحرب السردية“.. محاولات صينية لتكريس الوجود في آسيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.