لعقود عديدة، تركز التصنيع في الشرق الأوسط بشكل غير متناسب في البتروكيماويات، إذ تساهم الصناعة بنسبة 24 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية و16 بالمئة في الإمارات العربية المتحدة، مقارنة بأقل من 1 بالمئة في الولايات المتحدة والصين. وبصرف النظر عن نشاط التصنيع الخفيف في بقية دول الشرق الأوسط للملابس والأطعمة المصنعة، تستورد دول الشرق الأوسط جميع منتجاتها المصنعة تقريبا.

هذا الاختلال الكبير في التوازن والذي يتمثل بأن نسبة الواردات غير النفطية إلى الصادرات غير النفطية أعلى من اثنين إلى واحد، يمثل مخاطر عديدة ويمكن أن تعرقل النمو الاقتصادي المستقبلي في المنطقة. ولكن في السنوات الأخيرة، أطلقت بعض البلدان كمصر والأردن ولا سيما أيضا دول مجلس التعاون الخليجي، برامج طموحة لتنويع وتوسيع التصنيع من أجل تلبية الطلب الوطني والإقليمي، ووضع المنطقة كمنصة تصدير للشركات الموجودة في أجزاء أخرى من العالم.

في الوقت الذي تستعد فيه الحكومات في الشرق الأوسط لتنظيم التقنيات الناشئة، تقوم المؤسسات التقنية أيضا بوضع إستراتيجيات لفرص لتوسيع سلطتها على الاقتصاد الرقمي. يتغير المشهد التكنولوجي في منطقة الشرق الأوسط باستمرار، خصوصا وأن المنطقة تعد واحدة من أسرع مناطق العالم سرعة وتنافسية.

مع اقتراب نهاية عام 2022، ولقراءة هذا الموقف يجب تسليط الضوء على كيف بات المشهد التكنولوجي في الشرق الأوسط، وما هي بعض أهم اتجاهات التكنولوجيا التي ستتشكل خلال المستقبل القريب، وكيف ستلعب هذه النقلة في خلق طرق جديدة لتشغيل الأعمال التجارية داخل المنطقة وخارجها، والسؤال الأهم، هل هناك فرصة كبيرة للشركات الناشئة والشركات والمستثمرين للاستفادة من هذه الاتجاهات.

التكنولوجيا في الشرق الأوسط

في الـ26 من تشرين الأول/أكتوبر 2022، أعلنت شعبة “المحمول” في مصر تصنيع أول هاتف من إنتاج شركة “سامسونغ” العالمية “صنع في مصر”، بعد مفاوضات كبيرة نتج عنها إنشاء مصنع للشركة في محافظة بني سويف. ويعد إطلاق أول هاتف محمول صنع في مصر للشركة بادرة استثمارية هامة ستشجع المزيد من المستثمرين خلال الفترة المقبلة، حسبما أفادت شعبة “المحمول” بالغرف التجارية.

مختبرات دبي للمستقبل

لا تعتبر شركة “سامسونغ” الأولى في مصر التي تعمل على إطلاق نسختها المصرية من هواتفها المحمولة، حيث أعلنت شركة عملاقة لـ “نوكيا” عن قرب إصدار أول هاتف من هواتفها صنع في مصر مع العمل على التوسع في صناعة المحمول داخل السوق المصرية التي يصل حجم الشراء فيها إلى 18 مليون هاتف سنويا تقريبا، نقلا عن صحيفة “المصري اليوم”.

هذا الإعلان الحديث، وجّه الأنظار نحو مشهد التكنولوجيا في الشرق الأوسط، حيث خلصت دراسة حديثه لـ”استراتيجي آند ميدل إيست”، إلى أن توطين صناعة المنتجات عالية التقنية يوفر فرصة اقتصادية بقيمة 125 مليار دولار لبلدان المنطقة.

ومن المتوقع أن تؤدي ثلاثة مجالات رئيسية المواد المتقدمة والمكونات المتقدمة والمنتجات المتقدمة، إلى دفع الاستثمارات والنمو الاقتصادي والتنويع، كما أن ثلاثة منتجات، على وجه الخصوص كأشباه الموصلات، وأجهزة الاستشعار، والروبوتات للاستخدام الصناعي أو للأغراض العامة، يمكن أن توفر عائدات تقدر بنحو 25 مليار دولار بحلول عام 2025.

صناعة الهاتف المحمول ارتفعت في منطقة الشرق الأوسط إلى حد كبير إلى مستوى التحدي المتمثل في الحفاظ على الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة خصوصا بعد عام 2020، وعلى الرغم من النمو غير المسبوق في حركة البيانات. بحلول نهاية عام 2022، سيتم توصيل ما يقرب من 280 مليون شخص في المنطقة 45 بالمئة من السكان بالإنترنت عبر الهاتف المحمول.

منذ بداية آذار/مارس الفائت، أعلنت السعودية عن استثمارات تزيد عن 6.4 مليار دولار في تقنيات المستقبل وريادة الأعمال في أكبر حدث تقني في المملكة، وسجلت بذلك بدء عصر ذهبي جديد للعلوم والتكنولوجيا للظهور في العالم العربي، خصوصا مع ازدهار الشركات الناشئة، والتوجه نحو طاقة أنظف، وجيش من العمال الشباب المهرة.

الأردن من جهته يلعب دورا كبيرا في تطوير صناعة الألعاب الناشئة في العالم العربي، مع وجود شركات أمثال “طماطم” و”ميس الورد” التي تتخذ من عمان مقرا لها بين رواد صناعة ألعاب الهاتف المحمول العربية، والتي لا يزال أمامها طريق طويل لتلبية الطلب من لاعبي المنطقة.

يقول المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “طماطم”، حسام حمو، “الأردن ليس مركزا للألعاب فقط، إنه مركزا للشركات الناشئة”. يعد الموقع الجغرافي للأردن أحد عوامل نجاحه، حيث يمكن رواد الأعمال الأردنيين من الاندماج بسهولة مع الثقافة واللهجات العربية الخليجية، يذكر حمو، أنه “كوننا في الوسط يتيح لنا فهم الدول العربية الأكثر ثراء وأفقرا”.

أظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة، التزاما قويا بتطوير وتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي، ووفقا لشبكة “برايس ووتر هاوس كوبرز” وهي شبكة خدمات مهنية متعددة الجنسيات تتخذ من لندن مقرا لها، تستثمر الشركات في هذه الأجزاء من المنطقة بكثافة في التكنولوجيا الجديدة، بدعم من الحكومات كمستهلكين.

كما أدى توسع الأعمال من قبل رواد السوق الإقليميين، والذي ترافق بعد تفشي وباء “كورونا”، والاستثمارات المتزايدة في التقنيات القائمة على السحابة لمشاريع المدن الذكية، والمبادرات الحكومية إلى تسريع نمو الحوسبة السحابية والحلول المستندة إلى السحابة في دول الشرق الأوسط والخليج العربي. وفقا  لتوقعات  شركة “جارتنر” للاستشارات، من المتوقع أن يصل الإنفاق العالمي على الخدمات السحابية إلى أكثر من 482 مليار دولار في عام 2022، من 314 مليار دولار في عام 2020.

أهم اتجاهات التكنولوجيا المستقبلية

سكان الشرق الأوسط أصبحت الفئة الأكبر هي الأصغر سنا، على عكس أوروبا، فمتوسط عمر الأشخاص الذين يعيشون في هذه المنطقة 26 سنة، وأكثر من 50 بالمئة من سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحت سن 24، تؤثر أعداد كبيرة من الشباب على الاتجاهات في هذه المنطقة، خصوصا أن هناك سوق متنامية للتكنولوجيات والبرامج الجديدة.

الشباب العرب يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متكرر. في عام 2019، حقق موقع “فيسبوك” معدل تسجيل بنسبة 82 بالمئة في الإمارات، وفي نفس العام، 91 بالمئة من الكويتيين الذين تزيد أعمارهم عن 13 سنة، وتزداد شعبية هذا الموقع بشكل أقوى عاما بعد عام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

لدى “تويتر” أكثر من 2.3 مليون حساب مصري وأكثر من 11 مليون حساب في السعودية. وارتفع هذا الرقم بشكل كبير بعد استثمار كبير قيمته 300 مليون دولار قام به الأمير الوليد بن طلال. كان لجائحة “كورونا” التي تفشت عام 2020، مع عمليات الإغلاق وإغلاق المتاجر والمطاعم ومحلات السوبر ماركت، سببا في تحول الناس لاستخدام الخيارات عبر الإنترنت للتسوق والتواصل والعمل عن بُعد.

سجلت كل دولة في المنطقة زيادة كبيرة في استخدام تطبيقات الهاتف المحمول، وخاصة السعودية والإمارات والكويت والأردن وقطر ومصر وحتى لبنان وسوريا اللتين تعيشان أزمة اقتصادية. في آذار/مارس 2020، أعلن الخليج العربي عن زيادة بنسبة 883 بالمئة في استخدام منصات الاتصال، و20 بالمئة من تطبيقات الأخبار، و18 بالمئة ألعاب الهاتف المحمول مع أنظمة المعاملات الرقمية.

الشرق الأوسط سجل قبولا غير مسبوق ومتزايد للتقنيات الرقمية ليس فقط ضمن مجموعة المستخدمين العاديين، ولكن أيضا في الشركات والمكاتب. حاليا أعداد الشركات الرقمية 17 بالمئة في مصر، و5 بالمئة في السعودية، ليست الأرقام كبيرة، ولكنها تتزايد الإحصاءات بشكل مطرد، كما تظهر الحاجة إلى البرامج المخصصة لإدارة وتنشيط الهياكل والأفكار الحالية، حيث يهدف الدفع الإلكتروني، المذكور في رؤية السعودية 2030، إلى زيادة الإحصائيات بنسبة 70 بالمئة.

قطاع تكنولوجيا المعلومات منذ عام 2020، ينمو في الشرق الأوسط بشكل مطرد، تستمر العديد من البلدان في زيادة ميزانياتها المخصصة للتقنيات، حيث تزايد تمويل الحكومات إلى خمس مرات بمعدل 207 مليار دولار أميركي.

يتأثر النمو في الغالب بالسحابة وكمية كبيرة من معالجة البيانات والتغيرات في وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة الجديدة والتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والأنظمة المعرفية والروبوتات والواقع الافتراضي والطباعة ثلاثية الأبعاد و”البلوكشين”.

ما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة زاد الحاجة في الشرق الأوسط إلى أنظمة تكنولوجيا المعلومات الحديثة في الصناعة، فالبرمجيات هي من بين القطاعات الأكثر ديناميكية. في عام 2018 نمت هذه الصناعة بنسبة 11.1 بالمئة وبلغت قيمة 6.2 مليار دولار أميركي.

وفقًا لتقرير شبكة “إيكونوميست كوربوريت نيتوورك” لعام 2022، فإن 78 بالمئة من الشركات التي شاركت في الاستطلاع أشارت إلى أن التحول الرقمي هو الأكثر نجاحا لدول المنطقة، بسبب قضايا الاقتصاد الكلي والجغرافيا السياسية الحالية، من المرجح أن تؤثر الثورة الرابعة على التوظيف في قطاعات التكنولوجيا، كل ذلك بالرغم من أن الشرق الأوسط يفتقر إلى المهنيين المهرة مثل المبرمجين ومصممي تجربة العملاء والتحليلات والمسوقين الرقميين.

تعد برامج التطبيقات من بين القطاعات التي تنمو باستمرار وديناميكية عالية في منطقة الشرق الأوسط، إذ تنفذ الأعمال والصناعة عمليات الأتمتة، في حين أن شعبية الهواتف المحمولة والتكنولوجيا المحمولة تزداد بسرعة.

طرق جديدة لتشغيل الأعمال التجارية

اقتصادات الشرق الأوسط تكثف جهودها لتصبح لاعبا رئيسيا في المشهد التكنولوجي العالمي، مع إطلاق العديد من المبادرات في الاتجاه.

لدى دولة الإمارات العربية المتحدة خطة الصناعة 4.0، والتي تهدف إلى تعزيز الإنتاجية وتطوير المنتجات المبتكرة، وزيادة التصنيع بنسبة 30 بالمئة وإضافة 25 مليار درهم ما يقرب (6.8 مليار دولار) إلى اقتصاد الدولة بحلول عام 2031.

المملكة العربية السعودية، كأكبر اقتصاد في العالم العربي، تعمل حاليا على تطوير مشروع “نيوم”، المدينة الضخمة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار والتي ستدعمها التقنيات الذكية. كما أن كلا البلدين يستثمران بشكل كبير في شركات التكنولوجيا والخدمات لتعزيز واستكمال أجنداتهما.

حكومات الشرق الأوسط التي تسعى إلى التنويع الاقتصادي والتوطين الاقتصادي بحاجة إلى إدراك أن بصمة التصنيع التكنولوجي هي الركيزة الأساسية، وهذا يأتي في ضوء وضوح المشاريع الضخمة الجارية بالفعل، والموجة المتزايدة للتصنيع والرقمنة في جميع أنحاء المنطقة، وإمكانية تأمين الطلب داخل البلد.

قد يصل سوق الروبوتات الصناعية والخدمية ومنتجات إنترنت الأشياء في المنطقة إلى 4 مليارات دولار، و1.5 مليار دولار على التوالي بحلول عام 2025. وفقا لدراسة مركز “استراتيجي آند ميدل إيست”.

ونتيجة لذلك، ستكون المنافسة بين الدول الداعمة لقطاعات التكنولوجيا، واكتساب ميزة المحرك الأول وجذب شركات التكنولوجيا العالمية كمستأجرين وتأسيس موطئ قدم إقليمي، شرسة جدا.

على الرغم من جائحة “كورونا”، بلغ الاستثمار السنوي في الشركات الناشئة التي تدعم التكنولوجيا، 1 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط لأول مرة في عام 2020. كان هناك 496 صفقة، أكبرها بقيمة 150 مليون دولار لشركة “البوابة العقارية”، وفقا لمنصة البيانات “ماغن آي تي”.

تسلط الثورة الرقمية وصناعة التكنولوجيا في الشرق الأوسط الضوء على الحاجة إلى متخصصي البناء لمواصلة صقل المهارات وإعادة تشكيلها للمستقبل. المهندسين المعماريين، على سبيل المثال، يستخدمون بشكل متزايد الواقع الافتراضي “في آر” في مراحل تخطيط وتصميم المشاريع. من خلال وجود منظور ثلاثي الأبعاد لعملهم في مرحلة التصميم، يمكن للمهندسين المعماريين التطوير والاستفادة في النهاية من استنتاج المخاطر وخفض التكلفة وتحسين السلامة والجودة والدقة، والتي تسمح لهم في تحقيق النجاح سواء في المشاريع أو في التنمية الشخصية.

سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في السعودية، التي تقدر قيمتها بأكثر من 32.1 مليار دولار، تُعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وهي في وضع جيد لتصبح خدمة تقنية ومركزا سحابيا مع إمكانية الوصول إلى الاتصال الدولي عبر البحر الأحمر والخليج، وإمكانية خدمة الأسواق الأوروبية والآسيوية والإفريقية.

إضافة إلى ذلك، فإن الأمن السيبراني توجه وطريق جديد في الشرق الأوسط، فوفقا لـ “الاتحاد الدولي للاتصالات”، تمتلك السعودية حاليا أكبر صناعة للأمن السيبراني في الشرق الأوسط. بلغت قيمة سوق الأمن السيبراني في المملكة 3.6 مليار دولار في عام 2020، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل نمو سنوي مركب قدره 17.98 بالمئة ليصل إلى 9.8 مليار دولار بحلول عام 2026.

تشمل القطاعات الأكثر استهدافا في الشرق الأوسط، الحكومة والتعليم والتمويل والطاقة والرعاية الصحية، حيث تشكل فرص أمان التطبيقات، وأمن السحابة، وبرامج أمان المستهلك، وأمن البيانات، وإدارة الوصول إلى الهوية، وحماية البنية التحتية، وإدارة المخاطر المتكاملة، ومعدات أمان الشبكة، وخدمات الأمان، الباب لآلاف الشركات.

يمكن للحكومات التفكير في ثلاث مجموعات من المنتجات التقنية المصنعة، بحجم سوق مشترك في الشرق الأوسط يبلغ 125 مليار دولار تقريبا، ما يفتح الفرص لتوطين صناعة التكنولوجيا في الشرق الأوسط.

هل هناك فرصة كبيرة للشركات الناشئة والشركات والمستثمرين للاستفادة من هذه الاتجاهات؟

في العقد الماضي، اعتمدت بلدان المنطقة بسرعة على التقنيات الرقمية المتطورة، ومع قيام الحكومات بتنويع اقتصاداتها تدريجيا من النفط الخام التقليدي، من المتوقع أن ينمو الإنفاق على التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 4.5 بالمئة سنويا في عام 2022، ليصل إلى 171.3 مليار دولار، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو.

يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي بأكثر من 300 مليار دولار بحلول عام 2031 في الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط، ومؤشر على ذلك هو تعيين الإمارات أول وزير للذكاء الاصطناعي، بعد تقديرها أن هذه التكنولوجيا قد تضيف 182 مليار دولار للاقتصاد بحلول عام 2035.

من بين الشباب العرب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما، يرغب 40 بالمئة في بدء أعمالهم التجارية الخاصة في السنوات الخمس المقبلة. هذا التطلع هو الأعلى بين الشباب في الخليج بنسبة 55 بالمئة، يليه الشباب في مصر ودول المغرب العربي بنسبة 44 بالمئة، ودول شرق المتوسط بنسبة 22 بالمئة، وفقا للمسح الذي أجراه مركز “الشباب العربي” في تشرين الأول/أكتوبر العام الفائت.

نظرا لأن الشركات والحكومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط بدأت في تحويل تركيزها نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي، فمن المتوقع أن تحقق المنطقة 2 بالمئة من إجمالي مزايا الذكاء الاصطناعي العالمية في عام 2030، أي ما يعادل 320 مليار دولار.

وفقا لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، بحلول نهاية عام 2022، من المتوقع أن تتبنى 82 بالمئة من المؤسسات المتوسطة والكبيرة في المملكة حل إنترنت الأشياء لأعمالها. أحد أهم ثلاثة دوافع لتبني المملكة لحلول إنترنت الأشياء هو الارتقاء بتجارب العملاء من بين الأولويات الأخرى. إذ يوفر إنترنت الأشياء فرصا هائلة للمؤسسات في المملكة والشرق الأوسط، لا سيما في مجالات التصنيع والسيارات والنقل والخدمات اللوجستية وتجارة التجزئة والقطاع العام والصناعات الصحية التي بدأت بالفعل في استخدام حلول إنترنت الأشياء.

الشركات الناشئة في ظل هذا التطور، أمام منافسة للترويج لأفكارها التجارية المبتكرة لدعم أصحاب رأس المال الاستثماري وكبار المستثمرين الدوليين، للفوز بحصة من صندوق الجائزة البالغ مليون دولار. شهدت مسابقة “راكيت فيل ستارت آب” في السعودية العام الفائت، سبع شركات ناشئة تحصل على جوائز نقدية لأفكار أعمال جديدة مؤثرة، وسجلت درجات في الإبداع والابتكار والإمكانيات والوظائف والتأثير على الناس والمجتمع.

أهم 10 اتجاهات تقنية في الشرق الأوسط، تقوية انتشار شبكة “فايف جي”، التكنولوجيا نحو صفر نفايات الطعام، التحول إلى الدفع الرقمي وغير التلامسي، الذكاء الاصطناعي والأتمتة في الخدمات المالية، السياحة العلاجية بالتقنيات التكنولوجية الحديثة، الأمن الإلكتروني، حوسبة الحافة (الحوسبة الحدية أو حوسبة الحواف ‏ هي نموذج للحوسبة الموزعة، تكون فيه عناصر الحوسبة وتخزين البيانات في موقع جغرافي قريب من موقع المستخدم أو الوجهة النهائية التي تستفيد من الخدمة الحاسوبية. سُميت بهذا الاسم في إشارة إلى أن عملية المعالجة والتخزين تجري في حافة الشبكة)، فضلا عن هندسة الذكاء الاصطناعي.

على مدى السنوات القليلة المقبلة، ستلعب التكنولوجيا حتما دورا متزايد الأهمية في التقدم والنمو والابتكار، لا سيما بعد أن كشفت عن أهدافها التقنية الطموحة، والتي من المتوقع أن تنقل الشرق الأوسط إلى عالم جديد جريء، في ظل وجود العديد في الأفق.

خلاصة واستنتاجات

العديد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي دول رائدة عالميا في العديد من مؤشرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بينما تعمل دول أخرى على تحسين تصنيفاتها بسرعة من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والجهود المبذولة لتسهيل تبنيها واعتمادها. يتمثل المحرك الرئيسي لجهود التحول الرقمي في العديد من بلدان الشرق الأوسط في الحاجة إلى التحول من الاعتماد على الصناعات البتروكيماوية لخلق اقتصاد قائم على المعرفة.

هناك العديد من العوامل وراء الفروق بين دول الشرق الأوسط، والتي تخضع لمستويات الدخل كونه السبب الرئيسي، هذا يختلف على نطاق واسع في جميع أنحاء المنطقة، وهو عامل حتمي في تنوع اعتماد صناعة التكنولوجيا واستخدام التقنيات الرقمية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

بالنسبة للحكومات التي تسعى إلى برامج التنويع هذه، يعد اختيار قطاعات التصنيع التي تستهدف التنمية أمرا بالغ الأهمية، تعتبر التكنولوجيا على نحو متزايد أولوية قصوى للتوطين مقارنة بقطاعات التصنيع الأخرى، نظرا لأهميتها الكبيرة بالنسبة لكل صناعة أخرى تقريبا، وإمكانات نموها، والآثار الاقتصادية العكسية واسعة النطاق لانقطاع الإمداد، وفي ظل عالم التكنولوجيا الواسع، سيتعين على الحكومات أن تضع رهاناتها على القطاعات التقنية، وحتى الشركات المنتجة ضمن هذه القطاعات، لمتابعة وخلق مشاريع واسعة النطاق، ويجب أن تقدم دعما وافرا من أجل ضمان نجاحها.

الشركات التي تستثمر بشكل كبير في البحث والتطوير تستحق اهتماما خاصا؛ نظرا للوتيرة الحادة للتغيير في صناعة التكنولوجيا، فإن هذه الشركات أكثر استعدادا للاحتفاظ بمكانتها القيادية والبقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، والتي بموجبها ستقلل معدلات البطالة بين الشباب في الشرق الأوسط حيث قرابة 43 بالمئة من القوى العاملة الشابة في المنطقة لا تزال إما عاطلة عن العمل أو تعمل ومع ذلك تعيش حالة فقر.

يعمل العدد المتزايد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على تغذية الحاجة إلى البرامج المخصصة للمستخدمين الناطقين باللغة العربية، مما يجعل المنطقة فريدة من نوعها في نطاق العالم. يستخدم سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تطبيقات ترفيهية وتعليمية وتطبيقات للصلاة. في السنوات القليلة الماضية، ظهر أيضا في الإحصاءات اهتمام متزايد ببرمجيات البنية التحتية، والتي تسمح للشركات بإدارة بيانات موظفيها وعملائها بكفاءة أكبر.

مستقبل الهندسة الرقمية المعتمدة على التكنولوجيا في الشرق الأوسط مشرق، إذ يمهد ظهور المشاريع الضخمة في المنطقة الطريق لفرص وظيفية مثيرة في الشرق الأوسط لكل من المهندسين الخريجين والمهندسين المحترفين من جميع أنحاء العالم، مما يلهمهم لاستخدام التكنولوجيا لدفع الابتكار، على سبيل المثال، ستكون “نيوم”، الواقعة في شمال غرب المملكة العربية السعودية، أول “مدينة معرفية يتم فيها تزويد التكنولوجيا ذات المستوى العالمي بالبيانات والذكاء للتفاعل بسلاسة مع سكانها”، وهذا يعني أننا أمام أكثر المخططات شمولا يتم بناؤها على نطاق لم يسبق له مثيل من قبل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.