عكس العديد من الدول الأوروبية، ها هي كندا تعلن عن حاجتها لاستقبال المهاجرين وبرقم كبير، إذ تحتاج الدولة اللاتينية إلى 1.45 مليون مهاجر خلال 3 سنوات، فما هي الأسباب.

وزير الهجرة الكندي شون فرايزر، قال أمس الثلاثاء، إن كندا ستعزز أهدافها المتعلقة بالهجرة، معربا عن أمله باستقبال أعداد قياسية من الوافدين الجدد، والسبب هو من أجل معالجة مشكلة نقص العمالة في البلاد. 

“كندا بحاجة لمزيد من الناس”، قال فرايزر في مؤتمر صحفي، وأضاف أنه، “يتفهم الكنديون الحاجة إلى الاستمرار في زيادة عدد سكاننا إذا أردنا تلبية احتياجاتنا من القوى العاملة”.

شريحة كبيرة من السكان في كندا، تتجه إلى سن التقاعد، وهو ما يدفع بطلب كندا إلى المهاجرين، إذ وفق إحصاءات سكانية صدرت مؤخرا، يتراوح سن كل شخص من أصل 7 في كندا بين 55 و64 عاما.

1.3 مليون مهاجر بكندا

الشركات الكندية، تواجه أكبر أزمة عمالة على الإطلاق، حيث تم تسجيل مليون وظيفة شاغرة في شهر آذار/ مارس من العام الجاري. 

العام الماضي، كانت كندا استقبلت أكثر من 405 آلاف مهاجر، وهو أكبر عدد على الإطلاق في عام واحد، في وقت أشار فرايزر الى أن الحكومة تأمل أن يصل العدد هذا العام، إلى 431 ألف مهاجر. 

كذلك قامت الحكومة الكندية بتعديل أهدافها للعام المقبل، برفع الزيادة المتوقعة من الوافدين إلى 465 ألف مهاجر، و485 ألف مهاجر عام 2024، و500 ألف مهاجر عام 2025.

منذ بدء الهجرة في عام 2016 وحتى عام 2021، استقر في كندا 1.3 مليون مهاجر جديد، بحسب تقرير لموقع “الشرق”.

حسب فرايزر، فإنه بحلول عام 2025، سيكون الهدف هو أن يكون أكثر من 60 بالمئة من إجمالي المقبولين من المهاجرين؛ لأسباب اقتصادية. 

وفق إحصاء سكاني أجري عام ،2021 نما عدد سكان كندا إلى 39 مليون نسمة، في حين أن شخصا واحدا من كل 4 أشخاص، مولود في الخارج.

كندا ترى في مواصلة سياسة استقبال المهاجرين، حلا لمعالجة مشكلات نقص العمالة، ويعتبر موقفها تجاه الهجرة “مختلفا” عن مواقف الحكومات في الدول الأوروبية، مثل السويد وإيطاليا، التي تسعى أحزابها المنتخبة حديثا، إلى الحد من الهجرة وتحمل المهاجرين مسؤولية الجريمة والفوضى، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.

فرايزر أشار، إلى وجود “اتجاهات مقلقة” في الديموغرافية الكندية، تشمل ارتفاع نسب الشيخوخة، ونسب الأشخاص القريبين من سن التقاعد، قائلا، “إذا لم نفعل شيئا لتصحيح هذا الاتجاه الديموغرافي، فإن المناقشات التي سنجريها بعد 10 أو 15 عاما من الآن لن تكون حول نقص العمالة (…) بل ستتعلق حول حول ما إذا كانت لدينا القدرة الاقتصادية لمواصلة تمويل المدارس والمستشفيات والخدمات العامة، التي أعتقد أننا في كثير من الأحيان نأخذها كأمر مسلم به”.

تتبع كندا استراتيجية استقبال المهاجرين للتعويض عن ارتفاع نسب شيخوخة السكان المحليين وانخفاض المواليد، وهي خطة تحظى بدعم شعبي، إذ بحسب “نيويورك تايمز”، يظهر الكنديون “تفضيلا للمهاجرين من العاملين في المجالات التي تعاني من نقص حاد في العمالة، بما في ذلك الرعاية الصحية والتصنيع والهندسة والحرف”.

“جيل الطفرة” يهدّد بنقص العمالة

وكالة الإحصاء الكندية “ستاتستيكس كندا”، قالت مؤخرا، إن تقاعد عدد قياسي من العمال من أبناء “جيل الطفرة” السكانية الذين ولدوا بعد الحرب العالمية الثانية، يهدّد بمضاعفة نقص اليد العاملة في كندا.” 

“لم يحدث أن كان عدد الأشخاص الذين اقتربوا من سن التقاعد بهذا الارتفاع من قبل”، وفق الوكالة، حيث اقترب أكثر من شخص واحد من كل 5 عمال، نحو 21.8 بالمئة، من سن التقاعد الإلزامي البالغ 65 عاما.

الوكالة اعتبرت، أن خروج مجموعة “جيل الطفرة” من القوة العاملة في كندا، يشكل “أحد العوامل وراء نقص اليد العاملة، التي تواجه بعض الصناعات في جميع أنحاء البلاد”.

أبناء جيل الطفرة الذين ولدوا بين عامي 1946 و1965، بدأوا يحالون الى التقاعد منذ عام 2011، لكن المعدل يتسارع الآن وقد وصل إلى “أعلى مستوياته على الإطلاق”، بحسب “ستاتستيكس كندا. 

في أواخر عام 2021، ذكرت الوكالة الرسمية الكندية، في تقرير لها، أن هناك نحو مليون وظيفة شاغرة في جميع أنحاء كندا، أي أكثر من ضعف العام السابق 2020، غالبيتها في قطاعات المطاعم والبناء والتمريض.

الحكومة الكندية برئاسة جاستين ترودو، استحدثت مؤخرا برنامجا وطنيا لرعاية الأطفال، وذلك لتشجيع المزيد من النساء على العودة إلى ميادين العمل في وقت أقرب بعد الولادة.

لكن الحكومة الحالية، ألغت قرارا غير شعبي للحكومة السابقة، تمثل بزيادة سن التقاعد إلى 67 عاما، ما أدى إلى تفاقم أزمة العمل التي سعى رفع سن التقاعد إلى تفاديها.

بحسب الإحصاءات الرسمية، فإن 7 ملايين كندي من إجمالي سكان البلاد، وصلوا الى سن 65 عاما أو أكثر، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 85 عاما 3 مرات إلى 2,7 مليون شخص في العقود القادمة.

“وكالة الإحصاء الكندية”، قالت إن التحول الديموغرافي نحو شيخوخة السكان يعود جزئيا إلى انخفاض معدل الخصوبة في كندا، مع ولادة 1.4 طفل فقط لكل امرأة، والزيادة التدريجية في متوسط الأعمار.

ظاهرة عمالة المراهقين

في استطلاع حديث أجراه “معهد إنفايرونكس” للأبحاث، عبّر 58 بالمئة عن تأييدهم لاستقبال المزيد من المهاجرين، فيما أجاب 69 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع، بالرفض على سؤال بشأن إذا ما كانت كندا تستقبل عددا كبيرا من المهاجرين.

مع ذلك، يعتقد حوالي نصف الذين شملهم الاستطلاع، أن الوافدين الجدد من المهاجرين “لا يتبنون القيم الكندية”، مما يشير إلى أن الدعم العام يمكن أن يصبح “أكثر تقلبا”.

غالبية المهاجرين الجدد إلى كندا، يصلون من دول آسيوية وإفريقية، في وقت كشفت بيانات جديدة نشرتها “وكالة الإحصاء الكندية” الأسبوع الماضي، أن 23 بالمئة من سكان كندا من المهاجرين، وهي أعلى نسبة منذ الاتحاد عام 1867، عندما توحدت المقاطعات الأربع الأولى لتشكيل كندا. 

تتوقع “هيئة الإحصاء الكندية”، أنه في غضون عقدين تقريبا، يمكن أن يشكل المهاجرون ما بين 29 إلى 34 بالمئة من السكان، إذا استمرت أنماط الهجرة الحالية.

حافظت كندا منذ أوائل التسعينيات، على نسبة عالية من الهجرة ، حيث اجتذبت ما متوسطه 235 ألف وافد جديد سنويا، وفقا لبيانات تعداد عام 2016.

نقص اليد العاملة في كندا، أسفر عن ظاهرة لم تكن مسبوقة في البلاد، وهي انتشار عمالة المراهقين، ما أثار قلقا لدى السلطات، إذ اوضح وزير العمل الكندي جان بوليه في تصريح صحفي مؤخرا، أنه لا يعتبر أنّ لجوء أطفال يبلغون 11 سنة إلى سوق العمل “خطوة عادية”. 

عمالة المراهقين تنتشر في مقاطعة كيبيك أكثر من أي بقعة أخرى، ولذلك تعمل المقاطعة على وضع قانون ينظّم عمالة المراهقين بطريقة أفضل، خصوصا وأن معظم المقاطعات الكندية الأخرى أصدرت في السابق قوانين حددت من خلالها سنا قانونية للعمل.

وفق بوليه، فإن المراهقين ورغم دخولهم سوق العمل بملئ إرادتهم إلا ان “خطر تسجيل نتائج سلبية في دراستهم أو التوقف عن الدراسة لا يزال قائماً”، مشيرا إلى أنّ “الوضع ينبغي أن يخضع لمراقبة”.

في النهاية، حاجة كندا إلى المهاجرين نتيجة طبيعية، لتفادي أزمة نقص اليد العاملة، في ظل ارتفاع أعداد المسنين وإقبالهم على التقاعد، كما أن استقبال المهاجرين من شأنه إنهاء ظاهرة عمالة المراهقين. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.