وثيقة سرية لشركة “لويدز مارين” للتأمين، كشفت مخططات إيران غير القانونية عبر فنزويلا لتمويل “حزب الله” اللبناني عبر فنزويلا، ففي تحذير سري لعملائها، قالت شركة “لويدز مارين” للتأمين، ومقرها لندن، “إن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وحزب الله يرسلان الذهب بشكل غير قانوني من فنزويلا إلى إيران، لتمويل الأنشطة الإرهابية للميليشيات المدعومة من طهران في لبنان، بتجاوز للعقوبات”.

الوثيقة التي اطلع عليها موقع “إيران إنترناشيونال” والصادرة في 28 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعنوان “التجارة غير المشروعة ونقل الذهب والنفط الإيراني فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وحزب الله”، “الغرض من هذا التنبيه الإلكتروني هو إعلام السوق بالشحن غير المشروع للذهب من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني وحزب الله من فنزويلا إلى إيران، لجمع الأموال للأنشطة الإرهابية، لتسهيل بيع النفط الإيراني، بما يتعارض مع العقوبات”.

من جانب آخر، لا يقتصر تمويل “حزب الله” على الذهب القادم من فنزويلا، فبالإضافة لصناعة وتهريب المخدرات، تنتشر شبكة من شركات الواجهة في العديد من دول العالم والتي تعود ملكيتها لـ”الحزب” و”الحرس الثوري” والتي تسهم بتمويل أنشطة “الحزب”.

مصادر متعددة للتمويل لـ”حزب الله” اللبناني، تدعو للتساؤل حول أهمها ومصادرها سواء داخلية أو خارجية، إضافة لدور النفط الإيراني بلعب دور في هذا التمويل، ودور شركات الواجهة وكيفية الحد أو تقويض عمليات التمويل.

أهم مصادر تمويل “حزب الله” اللبناني

الوثيقة التي أصدرتها “لويدز مارين”، تحدد أيضا بعض الأشخاص الذين سهّلوا الشحن غير القانوني للذهب من فنزويلا، نيابة عن “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، من بينهم علي قصير، وهو ممثل لـ”حزب الله” في إيران، وأحد المدرجين في لائحة “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية” الأميركي للعقوبات العالمية ضد الإرهاب، وأيضا محمد جعفر قصير، هو مسؤول كبير في “حزب الله” مدرج أيضا من قِبل “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية”، بسبب أنشطته غير القانونية المرتبطة بـ”الحزب”.

طائرة لشركة ماهان الإيرانية التابعة للحرس الثوري “وكالات”

عمليات شحن الذهب من فنزويلا، تتم عبر شركة طيران “ماهان” المرتبطة بـ”الحرس الثوري” الإيراني، وعلى الرغم من نفي المسؤولين الإيرانيين تلقي مدفوعات بالذهب مقابل النفط، فقط أعلن يحيى رحيم صفوي، وهو ضابط في “الحرس الثوري”، ومستشار المرشد علي خامنئي للشؤون العسكرية، لوسائل إعلام رسمية في وقت لاحق من عام 2020، لقد قدمنا البنزين لفنزويلا، وتسلمنا سبائك الذهب، وجلبنا الذهب بالطائرات إلى إيران، لمنع أي حادث خلال النقل”.

حول مصادر تمويل “حزب الله” اللبناني، يوضح الخبير الاقتصادي، رضوان الدبس، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن “حزب الله” جزء من السلطة الحاكمة في لبنان، وبالتالي فهو يسيطر على جزء من الموانئ وجزء من المطار إضافة لبعض الطرق البرية، وهذه تُعتبر مصادر تمويل داخلية وهي الجزء الأقل من مصادر تمويله.

لكن حسب الدبس، هناك مصادر تمويل خارجية لـ”الحزب”، أبرزها الدعم الإيراني من خلال النفط، حيث سبق وأن جاءت العديد من ناقلات النفط الإيرانية كمساعدات للبنان أو لسوريا بموجب الخط الائتماني وفي الحقيقة فإن جزءا منها كان لـ”حزب الله” الذي يبيعه لحسابه الخاص في السوق اللبنانية أو يقوم ببيعه في السوق السوداء في سوريا.

قد يهمك:“الموساد” في دمشق.. اهتراء في الجيش أم عصر جديد لـ”حزب الله”؟

أضافة للنفط، هناك الذهب الفنزويلي والذي يأتي مقابل النفط الإيراني وهو أحد وسائل التمويل، إضافة إلى تصنيع وتجارة المخدرات وخاصة حبوب “الكبتاجون” والتي أصبحت تشكل العمود الفقري لاقتصاد “حزب الله” في الأعوام الأخيرة خاصة بعد نقل معظم عمليات التصنيع إلى سوريا، بحسب الدبس.

“شركات الواجهة”

تعتبر “شركات الواجهة”، أو ما تُعرف بـ”الشركات الهيكلية”، أحد أبرز الأساليب التي يتم اللجوء إليها للالتفاف على العقوبات الاقتصادية، وهي شركات يتم استخدامها من قِبل شركات أو أفراد، لتكون واجهة لأغراض قد تكون مشروعة، أو غير مشروعة لتكون ستارا لبعض الجرائم الدولية، حسب “البنك الدولي”.

هذه الشركات تقوم بتقديم بيانات غير حقيقية، تهدف إلى الالتفاف على القوانين والقواعد التي تسعى إلى الحد من الفساد والتّهرب الضريبي، وتغطية أعمال أخرى، ويتم التلاعب في هذه الشركات في مرحلة التأسيس بشكل رئيسي، حيث يتم تقديم بيانات غير حقيقية، حول هيكلية الشركة من ناحية ملكيتها، ومجلس إدارتها، وتفاصيل عن الأشخاص النافذين فيها، والشخص النافذ، هو الذي يملك 25 بالمائة من أسهم الشركة، أو حقوق التصويت فيها، أو يملك الحق بإقالة وتعيين معظم أفراد مجلس إدارة الشركة.

في هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي، حسن سليمان، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن مسألة تمويل “حزب الله”، كانت نقطة الضعف الأكثر خطورة في جسد “الحزب” منذ نشأته، فرغم الالتزام الكامل من قِبل إيران نحوه، فإن مكانتها المهتزة في النظام الدولي وخطوط التمويل المباشرة عبر سوريا وضعت “الحزب”، دوما تحت رحمة الاضطرابات السياسية في إيران وسوريا، ولم تكن ضريبة “الخمس” التي يجمعها رجال الدين من الشيعة اللبنانيين الفقراء كافية لسد العجز المالي، ومواجهة أزمات التمويل المتتالية التي واجهها “الحزب” عاما بعد عام.

لذلك وفي السنوات الأخيرة، وخاصة مع تشديد العقوبات الدولية على إيران وحكومة دمشق حليفي “الحزب” الرئيسيين، بدأ “حزب الله” وحكومة دمشق باللجوء إلى تشكيل “شركات الواجهة”، سواء في دول عربية أو دول أخرى خاصة في إفريقيا وأستراليا ودول في أميركا اللاتينية، وذلك من أجل إيجاد مصادر تمويل تقوم على عمليات تجارية غير مشروعة وعلى تبييض الأموال، خاصة تلك الواردة من تهريب وتجارة المخدرات.

أيضا يضيف سليمان، أن لدى “حزب الله” ما يعرف بـ”وحدة الشؤون المالية التابعة للجناح العسكري للحزب”، والتي قام بإنشائها القيادي السابق في الحزب عماد مغنية، الذي قُتل في تفجير في دمشق قبل سنوات، والتي قوم على تحالف غيرُ مسبوق بين جماعات مسلحة أيديولوجية إقليمية وبين الشبكات العالمية لتجارة المخدرات والجريمة المنظمة.

هذا التحالف أسهم في تدفق مئات الملايين من الدولارات إلى خزائن “الحزب” منذ تأسيس هذه الوحدة وحتى اليوم، عبر منظومة من العمليات التجارية الشرعية وغير الشرعية تبدأ من تجارة السيارات المستعملة مرورا بالسجائر والأجهزة والمنتجات المقلدة ووصولا إلى تهريب المخدرات والأسلحة وعمليات تبييض الأموال العابرة للحدود.

هل يمكن تقويض مصادر “الحزب” المالية؟

في 12 حزيران/يونيو الماضي، أوقفت الأرجنتين طائرة شحن فنزويلية من طراز “بوينغ 747” مرتبطة بإيران، بعد هبوطها في بوينس آيرس دون أي إعلانات مسبقة. وطلبت واشنطن في 3 آب/أغسطس الإذن بمصادرة الطائرة المحتجزة في الأرجنتين، للاشتباه في صلتها بجماعات إرهابية دولية.

الكبتاجون أهم مصادر تمويل حزب الله اللبناني “وكالات”

استنادا إلى الوثائق التي تم الكشف عنها من قبل شركة ” لويدز مارين “، هناك طائرات أخرى تُستخدم لنقل الذهب من كاراكاس إلى طهران؛ لكن الاستيلاء على طائرة “بوينغ” الموجودة في مطار إيزيزا في بوينس آيرس ومصادرتها، يُعدّان خطوة رئيسية لتقويض الموارد الاقتصادية لـ”حزب الله”.

بحسب رضوان الدبس، فإن المساعدات أو مصادر التمويل الداخلية لـ”الحزب” ليس فيها أي مشاكل، لكن المشاكل عادة ما تواجه “الحزب” في المصادر الخارجية للتمويل نتيجة للعقوبات الدولية والتشديد الدولي، أما بالنسبة لتقويض موارد “الحزب”، فإن ذلك يحتاج إلى إرادة سياسية دولية مباشرة تُبنى على ملاحقة مصادر التمويل دون النظر لأي مصالح سياسية وعندئذ يمكن الحد من مصادر تمويل “الحزب”.

أما حسن سليمان، فيرى أنه لا بد من تجزئة مصادر تمويل “حزب الله” اللبناني، وملاحقتها عبر هذا الأساس، فعمليات نقل النفط إلى فنزويلا وقبض ثمنها بالذهب تحتاج إلى قرار دولي أو من الدول الكبرى ويمكن بالتالي متابعتها وإيقافها.

لكن الصعوبة بحسب سليمان، تتعلق بعمليات صناعة وتهريب المخدرات، وخاصة بعد أن باتت سوريا المكان الأكبر للتصنيع والتهريب في الأعوام الأربعة الأخيرة، وفي هذه الحالة لا بد من التكاتف بين الدول الكبرى والدول المتضررة في المنطقة وعلى رأسها الأردن ودول الخليج، ووضع خطة أمنية استخباراتية لملاحقة ما يمكن تسميته “سلاسل التوريد” الخاصة بالمخدرات والتي تبدأ بمنشأ المواد الأولية، وصولا لمواقع التصنيع والتخزين، ثم تحديد نقاط التهريب وملاحقة المهرّبين داخل سوريا ولبنان وفي الدول التي تستقبل هذه المواد، أي يجب أن يكون هناك خطة متكاملة وفي حال نجاحها ستشكل الضربة الاقتصادية الأكبر لـ”حزب الله” الذي يعتمد حاليا على المخدرات كمصدر تمويل بالدرجة الأولى.

مصادر متعددة للتمويل لدى “حزب الله” اللبناني، داخلية وخارجية تثبت أن “الحزب” من أخطر الشبكات والمجموعات الإرهابية والإجرامية حول العالم، وهذه المصادر آخذة بالتوسع نتيجة الأساليب التي يتبعها “الحزب” للالتفاف على العقوبات، وهذا ما يدعو المجتمع الدولي ودول الإقليم إلى وضع خطط ناجحة لإيقاف هذه المصادر وبالتالي الحد من الإرهاب.

إقرأ:البرلمان اللبناني يفشل مجددا في انتخاب رئيس للبلاد.. ما دور “حزب الله”؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة