المسلسلات السورية تغزو شاشات العرض في موسم دراما رمضان 2023، وثمة منافسة محمومة بين عدة أعمال منها، وللسنة الثانية على التوالي يواجه صنّاع بعض الأعمال منهم سباقا مع الزمن، حيث لا تزال كاميراتهم مفتوحة استكمالا لعمليات التصوير بعد مرور 19 يوما على عرض الحلقة الأولى من كل مسلسل.

من الأعمال التي لا تزال عمليات تصويره مستمرة، هي “الزند، مربى العز، النار بالنار، خريف عمر”، حيث إن كاميرات كوادر هذه المسلسلات لا تزال مفتوحة حتى الآن لاستكمال عمليات تصوير الحلقات الأخيرة من الأعمال.

المسلسلات الأربعة

نحو ذلك، ثمة أربعة أعمال تسابق الزمن في السباق الرمضاني الحالي والتصوير جارٍ. فحتى لحظة نشر هذا التقرير تواصل المخرجة رشا شربتجي، استكمال مشاهد مسلسل “مربى العز“، وهو المسلسل الذي ينتمي لأعمال “البيئة الشامية” وحظي بإشادة واسعة من قبل الجماهير، بعد عرض حلقاته الأولى منذ بداية رمضان الحالي.

بينما المخرج سامر البرقاوي يستكمل تصوير مشاهد مسلسل “الزند- ذئب العاصي” الذي يمكن القول أنه الأكثر مشاهدة وجمهورا في رمضان 2023. حيث يدور العمل في إطار اجتماعي سياسي خلال فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى، مُسلّطا الضوء على عائلة “عاصي الزند” الذي يعود من الخدمة العسكرية فإذا به قد تورّط في مكيدة تحيكها مجموعة من أهم الشخصيات ذات السطوة في الشام، الأمر الذي يضعه أمام تحديات شديدة الصعوبة.

كذلك المخرج محمد عبد العزيز يسعى مع فريق العمل لإتمام ما تبقى من حلقات مسلسله “النار بالنار”، الذي حظي بمتابعة كبيرة من المشاهدين، ذلك لأنه عمل استثنائي يروي الحكاية والعلاقة التاريخية التي تجمع بين سوريا ولبنان، كما يتناول العلاقات التي تربط بين الشعبين أدبيا وفنيا، وثقافيا، وجغرافيا وتاريخيا. ويتمحور حول وجود اللاجئين السوريين في لبنان، وتسليط الضوء على أوضاعهم المعيشية، وطبيعة علاقتهم باللبنانيين وما طرأ عليها من تحوّلات على مدار أكثر من 11 سنة.

قد يهمك: “الدهب صار اسمو دهاااب”.. كيف أدخل تيم حسن اللهجة الساحلية إلى القلوب؟ – الحل نت 

ربما لكونه عملا يتطرق إلى الوجود السوري في لبنان، والتغير الديموغرافي الذي يُفرض على اللبنانيين في أحيائهم. مسلسل “النار بالنار” كل حلقة منه تحمل معها مشهدا يفتح باب النقاشات نظرا لواقعية معالجة الأحداث إلى حد ما، ففي أحد حلقاته السابقة، تصدّر مشهد يجمع بين “عزيز”، يؤدي دوره الفنان اللبناني، جورج خباز، و”مريم”، التي تؤدي دورها الفنانة السورية كاريس بشار، الترند وحقق تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وصفه البعض بـ”العنصري والجريء”، فيما اعتبره البعض الآخر تعبيرا عن حقيقة واقعية.

المسلسل الأخير الذي يسابق الزمن لاستكمال حلقاته الأخيرة، هو “خريف عُمر”، الذي يجمع عددا من الفنانين، أبرزهم، باسم ياخور، عبد المنعم عمايري، معتصم النهار، قمر خلف، كارمن لبس، علاء قاسم، حسن عويتي، والمسلسل من تأليف حسام شرباتي ويزن مرتجي وإخراج المثنى صبح.

من الأفضل؟

في سياق المسلسل الأفضل والأقرب إلى الجمهور حتى الآن، ثمة العديد من المسلسلات التي تتنافس فيما بينها في السباق الرمضاني الحالي، ولعل أبرزها، مسلسل “الزند” و”مربى العز” و”خريف عُمر”، فضلا عن “العربجي” و”زقاق الجن” و”ابتسم أيها الجنرال”.

إضافة إلى المسلسلات المشتركة، منهم “النار بالنار”، و”ليلة السقوط” و”وأخيرا”، و”للموت” بجزئه الثالث إلى حد ما. حتى الآن مسلسل “الزند” يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي ولا سيما مشاهده وشارته بشكل كبير، حتى أن بعض الفنانين والنقاد أشادوا به واعتبروه عملا فنيا حقيقيا، إضافة إلى كونه يمثل فخرا للدراما السورية.

كثير من المشاهدين عزوا نجاح المسلسل حتى الآن إلى أداء تيم حسن، الممثل الشاب، الوسيم، الذي فاز بجائزة أفضل ممثل عربي لعدة أعوام، وأنه كالعادة يخلق وضعا خاصا ومستقلا يتماشى مع شخصية “عاصي” بطل مسلسل “الزند” الحالي، فضلا عن أداء التصوير والإخراج المتمكن، الذي حقق أداءً متكاملا من كل فريق العمل، وفق وصف المتابعين.

من المسلسلات الأخرى التي نالت إعجاب الجمهور، هو مسلسل “العربجي”، حيث تصدر قائمة الأكثر تداولا على منصة “تويتر” بعد عرض الحلقة الـ 19، والتي شهدت صدور قرار بإعدام بطل العمل، عبدو العربجي، يؤدي دوره الفنان السوري  باسم ياخور.

رواد مواقع التواصل الاجتماعي أشادوا بالأداء المبهر الذي قدمه باسم ياخور في العمل، فعلَّق أحدهم “حاولت القى وصف لـ العظمة الي شفتها لكن متأكد مهما كتبت راح اكون مقصر، أداء عظيم قدمه باسم ياخور اليوم أثبت فيه للكل انه ذهب و الذهب لا يصدأ أبدا، حلقة عظيمة ومكتوبة بطريقة ذكية، كل الشخصيات وجودها كان له معنى، حتى مشهد الصوفيين تم توظيفه بشكل جيد، بانتظار الغد”.

كما أثنى آخرون على أداء ديمة قندلفت في شخصيتها الداية “بدور”، لافتين إلى أنها استطاعت إيصال مشاعر الندم والسعادة لحظة صدور براءة “العربجي” بمشهد لم يتجاوز الثانيتين.

منافسة محمومة

في السياق، لا يمكن الإرساء على مسلسل واحد والقول بأنه هو الأفضل حتى الآن. فالمتابعون على مواقع التواصل الاجتماعي يمدحون ويناقشون عدة مسلسلات، وقد حظيت جميع الأسماء المذكورة حتى الآن بنسبة مشاهدة عالية، على سبيل المثال مسلسل  “النار بالنار” حتى اللحظة يتغنون به، خاصة ما حدث في ختام الحلقة التاسعة عشر، فكما يبدو أن كاريس و جورج حافظا لغاية الآن منذ بداية رمضان على أن يكونا ثنائيا ناجحا، وقد اعتبرها البعض على السوشيال ميديا ثنائية مختلفة تماما عما يمكن أن يُرى بين ممثل لبناني وممثلة سورية.

مسلسل “النار بالنار” منذ بدء عرضه والآراء متناقضة حوله، إذ يرى البعض بأنه مسلسل غير اعتيادي ويجسّد الواقع بكامل تجلّياته، فيما هاجم آخرون القائمين على العمل، واعتبروه منبع الفتنة وإشعال لهيب العنصرية بين الشعبين اللبناني والسوري. وقد تصدّر المرتبة الثالثة في قائمة أكثر 10 مسلسلات مشاهدة عبر منصة “شاهد” في لبنان، والمرتبة السادسة في الأردن.

المسلسل يقدم عملا بصفته الهويّة الراهنة لشعبين متصاهرين بفعل الحرب أكثر مما هو بفعل التاريخ والجغرافيا. فالأزمتان السورية واللبنانية والتحولات الفردية داخل المجتمع الواحد يجعل المشاهد ينظر إلى هذا العمل بحلقاته الأولى على أنه نص مختلف عن المتداول عادة من الدراما السورية اللبنانية. ويحمل العمل الكثير بعد، وفق صنّاعه وقد يعيد المنافسة بين المسلسلات الدرامية المشتركة التي تجمع النجوم السوريين واللبنانيين عادة.

في العموم، بالإضافة إلى المسلسلات التي حظيت بإشادة ومشاهدة واسعة في السباق الرمضاني، انشطرت آراء الجمهور والمتابعين إلى قسمين حول مسلسل “مربى العز” الذي انتقده بعض المشاهدين لاستنساخه مع الأعمال الشامية الأخرى والبعض الآخر أيّد المسلسل وأحبه، فضلا عن مسلسل “زقاق الجن”، الذي ينتمي للدراما الاجتماعية، وهو من تأليف محمد العاص وإخراج تامر إسحاق، أما البطولة فلكل من أيمن زيدان وشكران مرتجى وأمل عرفة وعبد المنعم عمايري. وتدور أحداث العمل في العاصمة دمشق وتستعرض مجموعة من الصراعات الاجتماعية بين أبطال العمل الذين يسكنون أحد الأزقة القديمة، في إطار درامي يعكس شرور النفس البشرية ودواخلها. وحكاية المسلسل لا تهدف إلى التسلية والامتاع فقط بقدر ما تحمل دعوة في قالب درامي جذّاب إلى التوقّف عن تخويف الأطفال والعبث بصحتهم النفسيَّة وصناعة أشخاص غير أسوياء.

كاتب المسلسل في حديثه لـ”الميادين الثقافية” يقول، إن هذا الاتجاه في قراءة رسالة العمل، معتبرا أن عالم الجان المذكور في “القرآن الكريم” وغيره من الكتب السماوية لا يمكن لأحد إنكار وجوده، ولكنهم “تاركيننا بحالنا” بينما نحن من لم نتركهم. وهذا المسلسل حظي بنسبة عالية من المشاهدة أيضا.

في نهاية الموسم الرمضاني، ستتضح الآراء حول أفضل عمل نال إعجابهم وحقق أعلى نسبة مشاهدة، لكن المسلسل الذي سيحقق أعلى نسبة مشاهدة لا يمكن اعتباره ناجحا بكامل أركانه، فربما يُشاهد لوجود فنان أو فنانة فيه، أو لكونه يروي قصة رومانسية. فعلى سبيل المثال، قد تكون حكاية المسلسل شيّقة لمجموعة كبيرة من المشاهدين، ولكن لا يمكن التغاضي عن أهمية المسلسلات الأخرى، من حيث النص والتمثيل والإخراج.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات