وسط التقنين الكهربائي الخانقٌ في سوريا ومنذ سنوات عديدة، حيث تصل ساعات التقنين في عموم المحافظات السورية إلى 12 ساعة خلال فصل الشتاء، حتى تنخفض بفارق ساعة أو ساعتين في فصل الصيف، وبالتزامن مع غلاء أسعار المحروقات ولا سيما الارتفاع الأخير، بدأت “محافظة دمشق” منح تراخيص العمل بنظام “الأمبيرات” لتوزيع الكهرباء في عدد من أسواق العاصمة السورية، بدلا من إيجاد حلول لأزمة توفير الكهرباء.

في السياق ذاته شهدت أسعار البطاريات والألواح الشمسية ارتفاعا كبيرا خلال الأيام القليلة الماضية تحت مبررات ارتفاع سعر الصرف، في وقت دخل فيه عدد من التجار على خط استغلال الوضع الراهن وخاصة ارتفاع سعر الصرف لرفع الأسعار بشكل كبير، علما أن ثمة كميات مخزّنة من البضائع.

البدء بنظام “الأمبيرات”

على إثر أزمة الكهرباء المستمرة والتي أصبحت تؤرق المواطنين، باتت نسبة كبيرة منهم يعتمدون على نظام كهرباء “الأمبيرات” كحل بديل، وهو نظام توليد الطاقة الكهربائية، الذي يتم إنتاجها من خلال المولدات ويرتبط سعره بسعر المازوت حيث يعتمد عليه مشغّلو المولدات لتشغيل أجهزتهم.

مولدات الكهرباء في سوريا- “إنترنت”

عضو “مجلس محافظة دمشق” سمير دكاك، كشف عن بدء العمل بنظام “الأمبيرات” في عدد من أسواق العاصمة دمشق مثل “الشعلان والحمراء والصالحية” بعد أن حصلت على التراخيص اللازمة، مؤكدا أن هذه الحالة ليست معممة إلى الآن، حسبما أفاد لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الثلاثاء.

دكاك أردف أن المولدات الخاصة بتوزيع “الأمبيرات” أُزيلت من حديقة “السبكي” إلى مكان آخر في محاولة لتخفيف الضوضاء، لافتا إلى صعوبات تواجه تعميم موضوع “الأمبيرات” في ظل الاكتظاظ السكاني بحيث تحتاج مولدات “الأمبيرات” مساحات واسعة كالحدائق، معترفا بأنه “أننا لغاية الآن لم نتمكن من ضبط موضوع المولدات والمحال الصناعية والمخابر وسط الحصول على تراخيص لهذا الأمر ما يتسبب بإزعاجات للسكان ويتسبب بأضرار للبيئة”.

في وقت سابق اعتبر عضو المكتب التنفيذي لـ”محافظة ريف دمشق” حسين العبد الله، في تصريحات صحفية سابقة أن وضع “الأمبيرات” غير قانوني وغير مقبول، وهي حاليا موجودة في بعض المناطق بريف دمشق، مضيفا أنهم يسعون مع “شركة الكهرباء” لتحسين واقع الشبكات فيها لإيصال الكهرباء إلى كافة أنحاء ريف دمشق بالسعر المدعوم، وعدم اللجوء إلى نظام “الأمبيرات”، إلا أن واقع الكهرباء لم يتحسّن بل على العكس تدهور أكثر، ولجوء محافظة دمشق للعمل بنظام “الأمبيرات” يعكس مدى حجم عجز الحكومة في تأمين أدنى مقومات الحياة في البلاد.

على الرغم من تردي الخدمات التي تقدمها الحكومة في قطاع الكهرباء، فإن “وزارة الكهرباء” تدرس حاليا زيادة أسعار شرائح الكهرباء في البلاد، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف إنتاج التيار الكهربائي، حيث أوضحت مصادر مطّلعة في الوزارة، أن هناك دراسة يتم إجراؤها حاليا لتعديل أسعار شرائح بيع الكهرباء في البلاد، وفق موقع “أثر برس” المحلي، مؤخرا.

نظام “الأمبيرات” أصبح أمرا واقعا

في ظل هذه الظروف ونتيجة الحاجة الماسة للكهرباء وخاصة في المحال التجارية والورش الصغيرة وعيادات الأطباء والمخابر وبعض الصيدليات والمقاهي والمطاعم وما إلى ذلك، تم اللجوء لـ”الأمبيرات” كحل بديل، في كثير من المدن والبلدات في سوريا، لتقتصر على الفئات غير القادرة على تأمين الطاقة الشمسية ذات التكلفة المرتفعة والكبيرة.

مصدر في “وزارة الكهرباء” بدمشق أكد للصحيفة المحلية أن موضوع “الأمبيرات” أصبح أمرا واقعا وتم الحصول على رخصة من المحافظة بهذا الخصوص وليس من اختصاص الوزارة.

نظام “الأمبيرات” في بعض المحافظات السورية وتحديدا في محافظة حلب، كان مسموحا ومشرّعا به من قبل الحكومة، واليوم يبدو أنه سوف ينتشر تدريجيا نحو المناطق الأخرى، من الأسواق وغيرها، لكن هناك معضلة واحدة في هذا القطاع، وهو عدم استقرار أسعار “الأمبيرات”، نتيجة أزمة المازوت وتدهور سعر الصرف من حين لآخر.

أصحاب بعض المِهن يواجهون صعوبات على إثر إغلاق محلاتهم بسبب غياب الكهرباء، وخاصة أصحاب محال المواد الغذائية الذين يعتمدون على البرادات لتخزين بضائعهم، لا سيما خلال فصل الصيف وسط درجات الحرارة العالية، بالإضافة إلى الطلاب المحتاجين للكهرباء لمواصلة ومتابعة عمليتهم التعليمية، وبشكل عام تعتمد الأسواق العامة في المدن على الكهرباء، وإلا فلن تستمر الحركة والعمل الحياتي اليومي، وهو ما عزز انتشار نظام “الأمبيرات”، وسط غياب الحلول الحكومية فيما يخص أزمة الكهرباء.

سعر “الأمبير” الواحد أسبوعيا يصل لنحو 20 ألف ليرة سورية، وفق وسائل إعلام محلية، مؤخرا، وبالتالي لا شك أن اعتماد الأسواق على نظام “الأمبيرات” سيزيد من كلفة إنتاجها اليومي، وهو ما سيترتب عليه آثار سلبية، سواء من خلال ارتفاع الأسعار بشكل عام أم بزيادة استهلاك المحروقات، مما يعني أن أزمة الوقود في البلاد لن تنتهي وستنفجر بين الفينة والأخرى.

في محاولة للهروب بالمسؤولية نحو الأمام، بدأت حكومة دمشق بالحديث عن حلول لأزمة الكهرباء عبر الاستثمار بالطاقة البديلة، ذلك ما أشار إليه وزير الكهرباء السوري حسان الزامل، في مرات عدة واتباع نظام “الأمبيرات” اليوم ربما أحد حلول الحكومة.

اعتماد وسائل الطاقة البديلة في سوريا- “إنترنت”

نظرا لعدم قدرة حكومة دمشق على حل أزمة الكهرباء، فإن هذه الأزمة تحولت مؤخرا إلى شبح يلتهم النسبة الأكبر من دخل السوريين، فضلا عن تلوث الهواء والضجيج في الأحياء السكنية نتيجة الاستخدام العشوائي للمولدات الكهربائية، في وقت لا يبدو أن الحكومة تملك أي رؤية تساعد السوريين في مواجهة هذه الأزمات.

ارتفاع أسعار الطاقة البديلة

في مقابل ذلك، شهدت أسعار البطاريات والألواح الشمسية ارتفاعا كبيرا خلال الأيام القليلة الماضية، وحول هذا الموضوع، أكد عضو “مجلس محافظة دمشق” أن نسبة الارتفاع وصلت لـ 25 بالمئة خلال الأشهر الماضية، لافتا إلى أن أسعار البطاريات تتراوح وسطيا بين نصف مليون و7 ملايين حسب النوع والسعة، مؤكدا ضرورة وجود ضوابط أكبر لبيع البطاريات والرقابة عليها في أحياء العاصمة، وخاصة المحال التي تتعامل بمادة الأسيد.

عضو المجلس حسين العبد الله، أشار إلى وجود تفاوت كبير في الأسعار يصل لـ300 ألف أو 400 ألف ليرة سورية، مع الأخذ بالحسبان أن أسعار البطاريات ليست محررة على الإطلاق، مضيفا أن “مجلس محافظة دمشق” رفع توصية بإخراج المحال التي تتعامل بتعبئة “الأسيد” إلى خارج دمشق للمناطق الصناعية، نظرا لمخاطر ذلك على المواطنين والأحياء السكنية.

هذا وتشهد مختلف المحافظات السورية تردّيا في الواقع الكهربائي، وسط غياب برنامج تقنين منظّم حقيقي، حيث وصلت ساعات القطع في بعض المحافظات إلى أكثر من 20 ساعة متواصلة خلال فصل الشتاء تحديدا، في حين تنعدم الكهرباء في بعض الأرياف البعيدة وأطراف المدن لأيام معدودة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات