بعد اختفاء مادة السكر من الأسواق السورية لفترة وجيزة، عادت للظهور وأصبحت متوفرة في المحلات التجارية، ولكن بسعر أعلى بنسبة 30 بالمئة عن ذي قبل، حيث وصل سعر الكيلوغرام منه إلى 9 آلاف ليرة سورية، بعد أن تراوح سعر الكيلوغرام بين 6500 و 7 آلاف ليرة، بالتزامن مع ارتفاع نسبي في معظم المواد الغذائية المختلفة.

هذه الطريقة أو التكتيك في رفع الأسعار بسوريا من قبل التجار وسط غياب الرقابة والتموين باتت مكشوفة ومعروفة للجميع. فعندما تختفي سلعة ما في الأسواق، يكون التأكيد بأنها ستعاود الظهور بعد فترة قصيرة من الزمن، ولكن بسعر مرتفع.

ارتفاع السكر 30 بالمئة

في السياق، تشهد مادة السكر ارتفاعا ملحوظا وغير مسبوق بسعرها خلال الأيام القليلة الماضية في محافظة حمص، حيث سجل سعر الكيلو غرام منه 9 آلاف ليرة، وأشار عدد من المواطنين لصحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس الإثنين إلى أن الأسواق تشهد ارتفاعا واضحا بأسعار بعض المواد الغذائية وفي مقدمتها مادة السكر التي تُعد من أهم المواد الأساسية للمستهلك، لافتين إلى أن عددا كبيرا من أصحاب المحال احتكروا المادة وادّعوا نفاذها.

ارتفاع سعر مادة السكر في سوريا- “إنترنت”

بينما أوضح المواطنون أنهم وبعد ارتفاع سعر كيلو السكر توفر بكميات كافية في جميع المحلات والبقالات بعد انقطاعه لأيام لكن بزيادة تُقدر بنحو 30 بالمئة، وأنه مع أي ارتفاع لسعر الصرف ولو كان قليلا يقوم التجار برفع أسعار البضائع مباشرة.

على الرغم من أن هذه المواد تكون موجودة لديهم قبل الغلاء وعند انخفاض سعر الصرف لا يخفّضون الأسعار بحجة أنهم اشتروا المواد بالسعر المرتفع ولا يمكنهم تخفيضها.

كل هذا الاستغلال والابتزاز من قبل التجار الكبار وأصحاب المحال التجارية المتوسطة والصغيرة يحدث أمام أعين الجهات الرقابية الحكومية، إذ إنها لا تقوم بضبط الأسعار، وتبرر دائما بأنها تنشر الدوريات التموينية في كل مكان ولكن المخالفات تتكرر وبشكل يومي، مما يدلّ بأن الجهات الرقابية متقاعسة مع هؤلاء التجار.

تدهور قيمة الليرة؟

في المقابل، أكد عدد من التجار وأصحاب المحال التجارية أن سعر السكر يتعلق بشكل مباشر بسعر الصرف لكونها مادة مستوردة وهذا ما تسبب بارتفاع سعره خلال الآونة الأخيرة، لافتين إلى أن هذا الارتفاع مؤقت وسيعود السعر إلى الاستقرار خلال أيام وسينخفض بنحو 500 إلى ألف ليرة سورية.

بدوره زعم مدير “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” بمحافظة حمص رامي اليوسف أن دوريات المديرية بالتعاون مع اللجان المشتركة والمجالس المحلية، تقوم بشكل مستمر بمراقبة حركة الأسواق ومنع احتكار أي مادة من بعض ضعاف النفوس، لافتا إلى أنه تم تكثيف دوريات المديرية وحماية المستهلك في الأسواق لضبط المخالفات بشكل عام مع التركيز على مادة السكر.

المسؤول الحكومي اكتفى بالتنويه إلى أنه تم تنظيم 12 ضبطا تموينيا بمخالفات البيع بسعر زائد وعدم الإعلان عن السعر والامتناع عن البيع منذ بداية الشهر الجاري حتى تاريخه، ولكنه لم يوعد بأنه ستكون هناك إجراءات مشددة للحد من هذه الفوضى في الأسعار.

الغلاء في معظم السلع الغذائية وغيرها من المنتجات في الأسواق يأتي بعد أن قامت الحكومة السورية برفع أسعار مادتي البنزين والغاز المنزلي والصناعي، دون رفع الرواتب أو الأجور، تاركة المواطنين لإدارة شؤونهم ومصاريفهم اليومية التي تزداد يوما بعد يوم إثر تدهور سعر الصرف بين الحين والآخر.

أسباب اختفاء السكر

مادة السكر كانت قد اختفت خلال الفترة الماضية من رفوف الأسواق والبازارات السورية، وكل الاحتمالات حول اختفاء المادة كانت تدور في فلك استغلال التجار وعديمي الضمير لموسم صناعة المربى، أو أن تخفيض سعره وتحديد سعر مبيع الكيلو بـ 3700 ليرة “دوكما” و 3900 ليرة للمعبأ، كان السبب في انتهاء الكمية التي تستوردها البلاد.

أمين سر “جمعية حماية المستهلك” بدمشق وريفها عبد الرزاق حبزة، كان قد كشف يوم الثلاثاء الفائت، الجانب المظلم لقضية اختفاء السكر من الأسواق السورية، مبيّنا التلاعب الذي حصل من قبل التجار، وكيف بات سوق السكر ساحة لعب لنوايا فاسدة هدفها المواطن.

مادة السكر في صالات “السورية للتجارة”- “إنترنت”

مشكلة اختفاء السكر بحسب ما نقله موقع “صاحبة الجلالة” المحلي مؤخرا، عادت للواجهة من جديد، فضلا عن ارتفاع سعره إلى مستوى قياسي حيث تجاوز سعر الكيلو منه تسعة آلاف ليرة سورية، وهو السعر “غير المدعوم” عبر “البطاقة الذكية”.

حبزة أكد خلال حديثه للموقع أن اقتراب موسم صناعة المربيات يرفع الطلب على السكر، واستغلال التجار لهذا الأمر، فهناك  تلاعب في السوق وامتناع عن البيع وعرض المادة وإخفائها. لافتا إلى أن ارتفاع سعر مادة السكر رغم أن المستورد هو الذي يحدد التكلفة والوزارة تضيف هامش الربح فقط.

حسب حديث حبزة، فإن هناك عاملا آخر لرفع سعر المادة، وهو قلة المستوردين للمادة لهذا العام بسبب الارتفاع العالمي بسعر السلعة نفسها، حيث إن عدد  المورّدين لمادة السكر التجاري يزيد على 20 مستوردا، وقد تم  توريد 201 ألف طن من مادة السكر التجاري رغم أن حجم توريد مادة السكر التجاري سنويا بحدود 350 ألف طن.

مما لا شك فيه أن هذه العملية في التلاعب بسعر السكر وغيرها من السلع تتم من قبل التجار وسط عجز الحكومة في الحد من هذا الجشع، إلى جانب عدم قدرتها على رفع الرواتب والأجور بما يتماشى مع مستوى المعيشة في البلاد. منذ سنوات يتحكم بالاقتصاد السوري وأسواقه عدد قليل من التجار المرتبطين بأشخاص متنفذين أو المموّلين من “البنك المركزي” بالعملة الصعبة، ما أدى إلى نشاط للأسواق السوداء أو ما أُطلق عليه “الأسواق الحرة” في دمشق وضواحيها.

هذه الأسواق وبحسب تقارير صحفية، انتشرت في العديد من شوارع الأحياء الجانبية من العاصمة مثل المزة 86، وعش الورور، والزاهرة، وبرزة، والتضامن، ونهر عيشة. ومعظم مدن الريف الدمشقي مثل ببيلا والسيدة زينب وجرمانا وقطنا وصحنايا والمطلة.

هذه الأماكن لم تعد أسواقا شعبيةً أو سوداء ولم يعد يحكمها منطق الحلال والحرام أو التسعيرة الحكومية بل واقع السعر والعوز والضرورة، حيث بات التجار يحتكرون مادة معينة، ثم يخفونها من الأسواق العامة، لتظهر فجأة ضمن “السوق السوداء”.

مقابل هذا الغلاء الجامح، فإن الرواتب والأجور ما تزال كما هي، ووسط الضغوط التضخمية هذه، يؤكد المسؤولون الحكوميون أن الرواتب المتدنية يجب أن تصبح في مقدمة القضايا داخل أجندة الحكومة، وذلك من خلال رفض الأساليب التقليدية لفحص الوظائف والتركيز بدلا من ذلك على أشكال الدمج مع الثورة الحالية.

قرارات الحكومة السورية حول رفع سعر الغاز الصناعي والمنزلي والبنزين مؤخرا، أدّى إلى تفاقم أزمة الغلاء الخانقة في البلاد، بالتالي فإنها تساهم في ارتفاع الأسعار وتزيد من معاناة السوريين أكثر مما هو عليه، وسط فشل مؤسساتها في تأمين الخدمات الأساسية اليومية للمواطنين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات