تعديلات على قانون حماية المستهلك في سوريا.. أساليب حكومية جديدة للتهرب من المسؤولية؟

في ظل عجز الحكومة السورية عن ضبط الأسعار في الأسواق السورية، وضمان جودة السلع لا سيما الغذائية منها المقدَّمة للمواطنين، تسعى مستمرّة إلى الترويج لقرارات وآليات جديدة تقول إن من شأنها الحفاظ على استقرار السعر وجودة السلع، لكن دائما ما تكون نتائج هذه القرارات سلبية على الأسواق.

لا يبدو أن الحكومة تملك أدوات حقيقية لتحقيق أي نوع من التوازن بين الأسعار ومستوى دخل المواطن في سوريا، بل العكس هو ما يحصل، حيث إن الفجوة بين الدخل والأسعار تزداد بشكل دوري، تزامنا مع استمرار فقدان الليرة السورية قيمتها الحقيقية وثبات الأجور والرواتب في البلاد.

تعديلات لحماية المستهلك؟

تعديلات جديدة على “قانون حماية المستهلك” في سوريا، يُنتظر أن تقرّها الحكومة خلال الفترة القادمة، تقول إنها ستزيد من فعالية الرقابة على الأسواق، في وقت شكك فيه تجار ومستهلكون من جدوى القرارات الحكومية، خاصة وأنها على مدار سنوات طويلة فشلت في تحقيق أي حماية للمستهلك التي تتحدث عنه باستمرار.

مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك نائل اسمندر، تحدث عن تعديلات جديدة على قانون “حماية المستهلك”، معتبرا أن تغيير القانون أصبح من الضرورات للتماشي مع حاجة المستهلك في المرحلة الراهنة، وقد تصل العقوبات بحق المخالفين إلى السجن فضلا عن الغرامات المالية الكبيرة التي تتناسب مع حجم المخالفة.

اسمندر حمّل في حديثه لصحيفة “تشرين” المحلية، جزءا من مسؤولية انتشار المخالفات في الأسواق للمستهلك نفسه، وقال “متغيرات كثيرة تحدُث في الأسواق، أهمها ثقافة المستهلك التي مازالت تتعامل في معظم الأحيان تحت مقولة (خطي) بالتعامل مع المخالف بدلا من الشكوى عليه في حال المخالفات التموينية”.

التعديلات التي تحدّث عنها مدير التجارة الداخلية، لا يبدو أنها ستضمن الاستقرار في الأسواق، الذي يحتاج إلى رؤية واضحة تعالج أسباب حدوث المخالفة، بينما تتجه الحكومة لمعاقبة من تضبطهم من المخالفين فقط، الأمر الذي لا يؤدي بطبيعة الحال إلى توقف المخالفات وحالات الغش وغيرها.

قد يهمك: “المواطن لا حول له ولا قوة“.. رفع جديد للأسعار بقرار حكومي

اسمندر أوضح كذلك أنّ هناك تعديلات جديدة قادمة على الطريق تطول الجانب الفني والإداري وحتى التنفيذي، وأضاف “ثمة متغيرات كثيرة طرأت على العمل في الأجهزة الحكومية ككل وليس على العمل الرقابي فحسب، وخاصة خلال سنوات الأزمة، ونحن نعترف بنقص الإمكانات المادية والبشرية، لكن نتعامل مع الواقع وفق المتاح وإدارة المتوافر من الإمكانات بطرق مثلى”.

فوضى غير مسبوقة

الحديث عن تعديلات قانون حماية المستهلك، يأتي تزامنا مع فوضى غير مسبوقة تشهدها الأسواق السورية، خاصة فيما يتعلق بالسلع والمواد الغذائية، فضلا عن موجات ارتفاعٍ متتالية في الأسعار شهدتها البلاد منذ مطلع العام الجاري، ويعود هذا التخبط والتفاوت في الأسعار إلى عدة أسباب أساسية، لعل أبرزها غياب الدور الرقابي والتمويني الحكومي الحقيقي، وكذلك استغلال كبار التجار للأوضاع والظروف المتردية في البلاد.

قبل أسابيع تحدثت مصادر محلية، عن انتشار ظاهرة بيع الألبان والأجبان بسيارات متجولة في شوارع العاصمة دمشق، حيث تبيع هذه السيارات منتجاتها بأسعار أقل من السوق بنسبة تتجاوز 50 بالمئة، ما يطرح التساؤلات حول مصدر هذه المواد واحتمالية أن تكون مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات الرسمية.

السيارات المتجولة تبيع كيلو الجبنة بسعر 12 ألف ليرة سورية، في وقت يصل سعرها في الأسواق إلى 30 ألف ليرة، كذلك تُباع اللبنة بسعر 10 آلاف ليرة للكيلو الواحد، في وقت تبيعها محلات الألبان والأجبان بأسعار تتراوح بين 18 إلى 20 ألف، وسط غياب الرقابة التموينية عن هذه المواد التي تُباع بشكل عشوائي للمستهلكين.

حول طرق تصنيع المواد المغشوشة، أكد عضو الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان أحمد السواس في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، أن هذه المواد يتم صناعتها في ورشات غير نظامية، وفي منازل موجودة في مناطق مخالفات وغير خاضعة للرقابة التموينية والصحية باعتبار أنها تُصنع في أماكن غير معروفة وبعيدة عن أنظار التموين، لكن المسؤول الحكومي تجاهل الحديث عن أية آليات مُجدية لمنع وصول هذه المنتجات إلى المستهلك.

مقابل هذه القرارات القاضية برفع الأسعار، فإن الرواتب والأجور ما تزال كما هي، ووسط الضغوط التضخمية هذه، يؤكد المسؤولون الحكوميون أن الرواتب المتدنية يجب أن تصبح في مقدمة القضايا داخل أجندة الحكومة.

تحسين الواقع المعيشي للسوريين، يتطلب بحسب مختصين في الاقتصاد وجود رؤية وخطة واضحة لتحسين واقع الإنتاج بمختلف قطاعاته، فضلا عن تحسين البنية التحتية وتأمين الخدمات الأساسية، بما يخدم القطاع الإنتاجي، وبذلك تتحرك العجلة الصناعية ويزداد الطلب على اليد العاملة، بالتالي يمكن الحديث عن تحسّنٍ في الواقع المعيشي للسوريين، لكن كل ما سبق فشلت دمشق في تحقيق الأدنى منه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات