رغم الارتفاع الكبير في أسعار التبغ بسوريا، سجّلت البلاد خلال السنوات الماضية ارتفاعا في نسب المدخّنين، في وقت يلجأ فيه البعض إلى السجائر الإلكترونية كبديلٍ عن سجائر التبغ، إلا أن وزارة الصحة حذرت مؤخرا من استهلاك هذا النوع من السجائر لما لها من آثار سلبية على الصحة.

وزارة الصحة التابعة للحكومة السورية، افتتحت خلال السنوات العشر الماضية العديد من مراكز المساعدة على الإقلاع عن التدخين، إلا أن نسب المدخّنين سجّلت ارتفاعا ملحوظا بحسب مختصين خلال السنوات الماضية، كما أن انتشار تدخين السجائر وصل إلى شريحة أوسع من المراهقين في البلاد.

مديرة برنامج الإقلاع عن التدخين في سوريا الدكتورة عبير عبيد، أكدت عدم وجود إحصائية دقيقة لعدد المدخّنين في البلاد، إلا أن آخر إحصائية رسمية، أُجريت عام 2000 تفيد بأن ثلث الشعب مدخن، وبالتالي يمكن القول إن النسبة ارتفعت اليوم إلى النصف، مشيرة إلى أن سوريا مصنفة بين الدول الأكثر تسجيلاً للوفيات بسبب التدخين. 

انتشار عادة التدخين في سوريا

عبيد أكدت في تصريحات نقلتها إذاعة “شام إف إم” المحلية، أن السيجارة الإلكترونية ممنوعة بشكل رسمي في سوريا، وبالتالي فإن انتشارها في الأسواق يتم بطريقة غير شرعية، كما أن هناك تعاميم عديدة من وزارة الصحة حول منع استخدامها أو استيرادها.

بحسب حديث عبيد فإن “السيجارة الإلكترونية، ضررها أكبر من سيجارة التبغ،  وتحوي على النيكوتين، إلى جانب الضرر بطريقة التسخين وليس الحرق، وجرى العمل للترويج لها بين فئة الشباب في البلاد، منوهةً إلى أنه خلال السنوات الأخيرة ازدادت نسبة النساء المدخنات بهدف التقليد”.

سوريا تعتبر من الدول التي ينتشر فيها استهلاك السجائر، وبحسب مختصين فإن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية، إضافة إلى ارتفاع نسب البطالة، هي أبرز أسباب انتشار عادة التدخين في البلاد.

بالعودة إلى حديث الدكتورة عبيد، فقد أوضحت أن هناك  26 عيادة للإقلاع عن التدخين في البلاد خدماتها مجانية، وتتابع مع المراجعين لمدة ستة أشهر وتعتمد على المشورة النفسية، والاتصال الهاتفي الدائم مع المريض، لحين إقلاعه بشكل كامل وتعافيه من الإدمان. 

بهدف مكافحة انتشار التدخين في البلاد، دعت عبيد إلى ضرورة رفع الضرائب على الدخان لرفع أسعاره ومساعدة الناس بالإقلاع عنه، وتفعيل قانون منع التدخين الذي كان يُطبّق منذ سنوات وتوقّف.

ارتفاع في الأسعار

 الأسواق السورية، تشهد مؤخرا تخبطا في أسعار التبغ والدخان المصنّع محليا، إذ يشتكي السوريون من الغلاء المستمر في أسعار علب السجائر، فضلا عن الغش في محتوياتها وسط غياب الرقابة الحكومية.

انخفاض قيمة العملة المحلية، أثر بشكل مباشر على الدخان المستورد، هذا فضلا عن ارتفاع الدخان المصنّع محليا نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث أفاد تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، بوصول سعر “باكيت الحمراء الطويلة” إلى 4000 ليرة سورية، بعد أن كان سعره لا يتجاوز 3300 قبل أسابيع.

علاوة على غلاء الأسعار، أكد تقرير الموقع المحلي ورود شكاوى من المواطنين، حول سوء جودة تصنيع التبغ المحلي، إذ غالبا ما يشتكي الزبائن من “السجائر الفارغة ونقص عدد السجائر، فأحيانا تحتوي العبوة على 18 سيجارة بدلا من 20، إضافة إلى سوء في لصق الفلتر”.

الزيادة في الأسعار شملت كذلك علب السجائر المستوردة، وتراوحت بين 200 إلى 1000 ليرة، حسب النوع، وجاءت الزيادة بقرار من موزّعي الجملة، سواء للتبغ المعروف المصدر أو المهرّب، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الصرف في السوق السوداء، علما أن التبغ المصنّع من قبل المؤسسة العامة لصناعة التبغ لا يرتبط بسعر الصرف كونه من مصدر رسمي ولم تعدل أسعاره من قبل المؤسسة حتى الآن.

قد يهمك: مع غياب الدعم الحكومي.. ما مصير زراعة القطن في سوريا

“حتى الدخان لم يسلم من ارتفاع الأسعار” قال أحمد العلي وهو موظف حكومي يعمل في مؤسسة المالية في مدينة حلب، مؤكدا أن ارتفاع الأسعار الأخير جعله يلجأ إلى أنواع رديئة من التبغ، حيث أصبح التدخين يحتاج إلى راتب كامل شهريا.

العلي قال في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “منذ فترة اضطررت لتغيير نوع السجائر بسبب الغلاء، في بعض الأحيان نلجأ لشراء الدخان فرط، لكن الأخير يحتاج إلى وقت وجهد كبير، حيث نضطر إلى صنع السيجارة بشكل يدوي”.

رئيس “الاتحاد المهني لعمال الصناعات الغذائية والتبغ” ياسين صهيوني، كشف عن إنتاج ما قيمته أكثر من 241 مليار ليرة من التبغ من المؤسسة العامة للتبغ، وبيّن صهيوني في تصريح لصحيفة “الوطن” المحلية، أن الخطة الإنتاجية للمؤسسة قُدّرت لكامل عام 2022 بـ 8000 طن قيمتها 232.499 مليار ليرة.

في المجال الزراعي بدأت المؤسسة بشراء محصول التبغ من المزارعين للموسم الحالي 2022-2023 في فرع المنطقة الساحلية، مع الإشارة إلى أنه يتم نقل محصول التبغ إلى المستودعات في سيارات المؤسسة وعلى نفقتها وذلك لتخفيف الأعباء المالية على المزارعين، وقد بلغت كمية التبوغ المشتراة من المزارعين حتى تاريخ 20/12/2022 نحو 1888 طنا قيمتها 10 مليارات ليرة سورية، بوسطي سعر شراء قدره 5200 ليرة للكيلو الواحد.

عن وضع العمال في المؤسسة أوضح صهيوني أن عدد العاملين في المؤسسة بلغ 9652 عاملا، كما تم تعيين 161 من مسرّحي الجيش والقوات المسلحة من الفئتين الأولى والثانية إضافة إلى تعيين 130 مسرّحا من الفئة الثالثة و156 مسرّحا من الفئة الخامسة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات