أسعار زيت الزيتون في سوريا، تشهد منذ أشهر تذبذبات عالية في الأسواق، في وقت يتحدث فيه مسؤولون حكوميون عن أن تصدير الزيت هو ما يتسبب بارتفاع اسعاره، إلا أن هذا الارتفاع ساهم في نفس الوقت في مساعدة المزارعين على جني “ربح معقول”، في ظل ارتفاع تكاليف إنتاج الزيت.

الارتفاع في التكاليف عزاه المنتجون إلى غياب الدعم الحكومي، فبعد أن قدمت الحكومة السورية وعودا عديدة تتعلق بتقديم مستلزمات الإنتاج للمزارعين بأسعار مخفضة، اضطر معظم المزارعين إلى شراء المستلزمات والمحروقات بأسعار طبيعية تزامنا مع ارتفاع بكافة أسعار السلع والخدمات في سوريا.

تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية، تحدث عن استمرار تجار الزيت بشراء العبوات من المزارعين، حيث كان سعر العبوة التي تحتوي 16 كيلو غرام من الزيت إلى 300 ألف قبل نحو ثلاثة أشهر، بينما بلغ سعرها اليوم 600 ألف ليرة، وسط توقعات باستمرار ارتفاع سعره خلال الأشهر القادمة.

أسعار مرتفعة ومخاوف من نقص الإنتاج

الإقبال على شراء وتموين الزيت ارتفع خلال الأسابيع الماضية، خاصة مع توقعات بانخفاض الإنتاج إلى النصف خلال العام القادم، حيث أكد رئيس دائرة الأشجار المثمرة بمديرية زراعة طرطوس محمد عبد اللطيف، أن الموسم القادم موسم معاومة أي أن الإنتاج ينخفض إلى النصف تقريبا.

حول ارتفاع الأسعار، أوضح عبد اللطيف في تصريحات نقلتها الشبكة المحلية، أن “إنتاج المزارع من الزيت كان جيدا خلال الموسم الفائت، والمزارع يحسب في كل موسم مؤنته من الزيت لسنتين، وقد لجأ المزارعون اليوم لبيع الفائض من الزيت لديهم لتغطية الأجور الكبيرة التي دفعت لجني المحصول وعصره، بالإضافة لأجور العملية الإنتاجية المرتفعة من سماد وحراثة وتقليم، وبالنتيجة السوق عرض وطلب”.

أما عن الحلول لإعادة الأسعار إلى طبيعتها، فقد دعا عضو بـ”غرفة تجارة وصناعة طرطوس”، إلى ضرورة اتخاذ قرار إيقاف تصدير زيت الزيت للعبوات التي أحجامها تزيد على الخمس ليترات، ريثما تتضح التقديرات الأولية للإنتاج، لكن قرار إيقاف التصدير استنكره بعض المزارعون الذين أكدوا أن أي انخفاض في الأسعار سيؤدي إلى خسائر، بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج الموسم الفائت.

المواطنون يقولون إنه في ظل غلاء المعيشة وصعوبة تدبّر جميع متطلبات الأسرة، من الصعب على عائلة متوسطة الدخل أن تشتري عبوة زيت بسبب ارتفاع سعره بهذا الشكل “اللامنطقي”، حيث يتجاوز سعر العبوة الـ 600 ألف ليرة، بينما يُقدّر راتب الموظف الحكومي قرابة الـ 156 ألف ليرة.

في المقابل، يرى عدد من المزارعين أن سبب ارتفاع أسعار زيت الزيتون يعود لعدة عوامل وخاصة في السنوات الأخيرة، منها تأثير التغيرات المناخية بطريقة سلبية على المحاصيل كافة بشكل عام، بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف المتعلقة بمستلزمات الإنتاج كالحراثة والتقليم وجني المحصول، وتعرض محصول الزيتون للكثير من الجانحات المَرَضية وأهمها عين الطاووس وارتفاع تكاليف عصر الزيتون.

تكاليف مرهقة

تكاليف الزيتون لا تقتصر على الري والفلاحة والأعمال التي تسبق القطاف، وإن كانت أساسية ومهمة، فعند الوصول إلى موسم عصر الزيتون بعد منتصف تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، تبدأ تكاليف أخرى بالظهور ويتم التعامل معها بشكل مختلف بين شخص وآخر من المزارعين.

قد يهمك: أسعار جديدة للمطاعم الشعبية والمعجنات والمقاهي في سوريا

الأهالي في سوريا اعتادوا على تخزين العديد من المواد الغذائية، دعما لمخزونهم الغذائي طوال فصلي الشتاء والربيع، بغية الإسهام في تخفيف النفقات والمصاريف المعيشية اليومية، ذلك لأن هذه الأصناف الغذائية غير متوفرة في فصل الشتاء وفي حال توافرت فستكون غالية الثمن وطعمها غير جيد مثل مواسمها الطبيعية.

غير أنه خلال العام الماضي تجنّب الكثير من السوريين صنع “المونة” نتيجة غلاء الأسعار بشكل غير مسبوق، وكان من بين هذه المواد التي تُخزّن عادة؛ زيت الزيتون، لا سيما وأنه يُعد أحد المكونات الأساسية في صنع “المكدوس” الشهير في سوريا.

بالتزامن مع هذا السعر المرتفع لزيت الزيتون، يبدو أن نسبة كبيرة من السكان ستمتنع عن شرائه والاكتفاء بالزيوت النباتية ذات الجودة المنخفضة، سواء في الطبخ أو في صنع “المونة” وتحديدا “المكدوس”.

بحسب إحصاءات “المجلس الدولي للزيتون” لموسم 2020-2021، فإن سوريا أكثر الدول العربية من حيث استهلاك الفرد لزيت الزيتون، وحسب إحصاءات المجلس، وهو عبارة عن منظمة حكومية دولية تضم 44 دولة، تستحوذ على 98 بالمئة من الإنتاج العالمي من زيت الزيتون، فإن استهلاك الفرد من زيت الزيتون في سوريا، هو الأعلى عربيا والرابع عالميا بـ 4.6 لترات سنويا.

عدد أشجار الزيتون في سوريا يبلغ وفق إحصائية “وزارة الزراعة السورية”، نحو 106 ملايين شجرة، منها 82 مليونا مثمرة، وتتوزع زراعة الزيتون في المنطقة الشمالية، إدلب وحلب، بنسبة 46 بالمئة، وفي المنطقة الوسطى، حمص وحماة، بنسبة 24 بالمئة، وفي المنطقة الساحلية، طرطوس واللاذقية، بنسبة 18 بالمئة، وفي الشرقية، دير الزور والحسكة والرقة، بنسبة 2 بالمئة، لتدخل مناطق الجنوب، درعا والسويداء حديثا وبوتيرة زراعة عالية، بنسبة 10 بالمئة، ما أوصل الإنتاج المتوقع إلى أكثر من 800 ألف طن خلال العام الماضي من الثمار، ونحو 125 ألف طن من زيت زيتون.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات